ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان لمتين جيهان (واسمه جيهان يوجيل من مواليد 1979، في مدينة تونجيلي)، نشاط بارز في تعقُّب حركة الملاحة والتجارة بين تركيا وإسرائيل، بحيث سعى إلى إظهار ازدواجية الخطاب التركي بين التأييد اللفظي للفلسطينيين، مقابل التأييد العملي لإسرائيل، أو كما يقول هو: «(إنّنا) ندعم فلسطين بالكلام، وندعم إسرائيل بالأفعال»، وذلك من خلال استمرار حركة الملاحة والتجارة معها، كاشفاً التواريخ المفصّلة وأسماء السفن وأصحابها وما تحمله من مواد حيوية للعدو. وفي عيّنات ممّا يورده في تغريداته، الأشبه باليوميات، يذكر ما يأتي:
- بحلول الـ 13 من تشرين الثاني، بلغ عدد السفن المبحرة من تركيا إلى إسرائيل 253. ومن بين الحمولات المرسَلة: النفط، الوقود، الحديد والفولاذ، وغيرها. وفي اليوم نفسه، كان وزير الصحة، فخر الدين كوجا، يقول إن تركيا أرسلت سفينة محمّلة بالأدوية إلى غزة، علماً أن إسرائيل كانت تمنح أذونات للإبحار إلى مصر وليس إلى القطاع، فيما لم تستطع تركيا إيصال حتى الدواء إلى الغزيّين. وفي اليوم نفسه، كانت شركة «إيرين» ترسل الإسمنت إلى إسرائيل (وهي شركة معروفة بعلاقتها الوثيقة مع إردوغان ووزراء في حكومته).
- في الـ 14 من تشرين الثاني، رست السفينة «هاتاي رورو» التابعة للقيادي في «العدالة والتنمية»، إبراهيم غولر، في ميناء حيفا.
- في الـ 16 من تشرين الثاني، هبطت طائرة شحن في مطار تل أبيب قادمة من إسطنبول، علماً أنها تتبع شركة «إم إن جي إيرلاينز» المقرّبة من إردوغان، وهي من بين الشركات التي كانت تنال أكثر من غيرها التزامات من الدولة.
- في الـ 18 من تشرين الثاني، وصلت سفينة تحمل اسم «عارف بيرقدار»، وهي أكبر سفينة شحن في تركيا ودخلت الخدمة أخيراً في احتفال ضخم رعاه إردوغان، إلى ميناء حيفا قادمةً من إسطنبول.
- في الـ 24 منه، بلغ عدد السفن التركية إلى إسرائيل، حتى ذلك الوقت، 318. وفي اليوم نفسه، كان إردوغان يرعى احتفالاً نظّمته وزارة التجارة ومجلس المصدّرين الأتراك، ويتحدّث لاعناً إسرائيل، ومقدّماً جائزة لشركة «فيستيل» للأدوات المنزلية، التابعة لشركة «زورلو (وهذه الأخرى تؤمّن عبر فروعها في إسرائيل 7% من احتياجات الأخيرة من الأدوات الإلكترونية).
- في الـ 27، يكتب جيهان أن إحدى الشركات التي تؤمّن لإسرائيل جزءاً من حاجتها إلى الكابلات، هي شركة «باموق كابلو» التركية، وصاحبها من مؤسّسي «حزب الاتحاد الكبير» والمرشّح عن «حزب العدالة والتنمية» للنيابة. وفي اليوم نفسه، بلغ عدد السفن الواصلة إلى إسرائيل من تركيا 355 سفينة. وشركة «ليماق» وحدها، المقرّبة من إردوغان، أرسلت من الإسكندرون فقط 78 سفينة محمّلة بـ 600 طن من البضائع. وواحدة من الشركات التي ترسل البضائع تابعة لبراق، ابن اردوغان، وقد ثبت ذلك من خلال موقع التتبّع البحري. وفي اليوم نفسه، رست سفينة باسم خالد يلديريم في ميناء أشدود، علماً أنها تتبع شركة «مانتا» التابعة لبراق وصاحبها مرت تشيتين كايا. وكان والد تشيتين، مجيد، رفيق إردوغان في الثانوية العامة ولا يزال.
بحلول الـ 13 من تشرين الثاني، بلغ عدد السفن المبحرة من تركيا إلى إسرائيل 253
- في الـ 28، كان الرأي العام، وفق متين جيهان، مشدوهاً، ويتساءل: «كيف يمكن براق إردوغان أن يرسل سفنه بصورة منتظمة إلى موانئ إسرائيل في وقت تستمر فيه المجازر في غزة». وقد برّر إردوغان ذلك بأن هناك اتفاقات سابقة يجب تنفيذها.
- في الـ 29، بدأ بعض النواب ينقلون موضوع السفن إلى البرلمان، مستشهدين بما يكتبه جيهان نفسه.
- في الأول من الجاري، كتب متين جيهان أن شركة تابعة لرئيس الوزراء السابق، بن علي يلديريم، وابنه، ترسل شحنات من البضائع بصورة منتظمة منذ ثلاثة أسابيع، عبر شركة «أوراس» التابعة لشركة في مالطا يملكها يلديريم.
- في الثاني من الجاري، تظاهرت مجموعة من الأشخاص أمام مبنى شركة يملكها براق إردوغان، وعلّقوا عليها علم فلسطين. ووفق جيهان، فإن الحكومة بدأت تغيّر بيانات النقل البحري إلى إسرائيل، وإن بعض الحمولات، وفقاً لأحد نواب «حزب السعادة»، كانت عبارة عن شحنات بارود. ويؤكد جيهان أن إحدى الشركات التابعة للدولة الإسرائيلية تنقل من تركيا شحنات كبيرة من النفط والوقود والمواد الكيميائية من مستودعات شركة «كولين» القريبة من إردوغان، ومن مؤسّسها رشاد سوزين من «حزب العدالة والتنمية»، ومقربين من صالح زكي تشاكير، صاحب شركة «أوراس» سابقة الذكر.
كذلك، انتشرت مقاطع مصوّرة لسترات حرارية يرتديها جنود إسرائيليون من ماركة «ترمال» التركية. ومع أن رئاسة الجمهورية قالت إن الصور قديمة، غير أن التحقّق منها أثبت أنها جديدة، وأن شركة «زيم» الإسرائيلية التي تستورد هذه السترات هي التي تكفّلت بشراء البضاعة التركية، منذ الـ 8 من تشرين الأول، ولـ 78 مرّة.
وينهي متين جيهان أخيراً ما يكتب من تغريدات بتاريخ 12 كانون الأول، بالقول إن النائب عن «حزب السعادة»، حسن بيتميز، كان يشرح علاقة «العدالة والتنمية» بإسرائيل من على كرسي الهيئة العامة للبرلمان، عندما هجم عليه بالصراخ نواب الحزب، ما أدى إلى إصابة بيتميز بنوبة قلبية سقط على إثرها أرضاً وأدخل إلى المستشفى. وللمفارقة المؤسفة، أن حسن بيتميز توفّي يوم أمس (14 كانون الأول) عن عمر 53 عاماً، وهو الذي قال، في كلمته أمام البرلمان، إن «التاريخ لن يرحم مزوّدي إسرائيل بالبضائع، وإذا لم يحاسبكم فلن تنجوا من غضب الله».