في صبيحة الحادي عشر من أيلول، اقتحم عناصر وحدة «مكافحة الجريمة» الإسرائيلية منزل القيادي في حركة «أبناء البلد»، رجا إغبارية، في مدينة أم الفحم داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. باغتوا أفراد العائلة الثلاثة (رجا وزوجته إلهام عودة وابنته الوحيدة عنّات) الذين كانوا لا يزالون في ملابس النوم. وقبل اعتقال إغبارية «فتّشوا المنزل بشكل همجي، عابثين بالمحتويات الشخصية، كما صادوا ثلاثة حواسيب، اثنان منها يعودان للأم والابنة». هذا ما قالته عودة في حديثها إلى «الأخبار»، مشيرةً إلى أنّ «العائلة لم تعرف الجهة التي اقتيد إليها إغبارية للتحقيق، كما لم تعرف بأمر اعتقاله إلّا في اليوم التالي، بعدما تبلّغت بذلك رسميّاً».

النيابة العامة الإسرائيلية قالت إن اعتقال إغبارية جاء على خلفية «تحريضه على الإرهاب والعنف»، وهي التهمة التي تتداولها وسائل الإعلام العبريّة أيضاً. لكن عودة أكّدت لـ«الأخبار» أنه «مع تقدّم مجريات التحقيق، بات واضحاً أنّ المحاكمة تجري على خلفية أيديولوجيَّة رجا وفكره وما يمثله موقعه في الحركة»؛ خصوصاً أن النيابة العامة شدّدت على أنّ ما يطرحه إغبارية «يشكّل خطراً على الدولة»، وليس كما «تدّعي السلطات الإسرائيلية بأنّ سبب الاعتقال هو مشاركة إغبارية وكتابته منشورات في صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي».

أسباب أخرى وراء الاعتقال؟
في وقت سابق، تحدّثت مصادر سياسية في الداخل الفلسطيني لـ«الأخبار» عن أنّ اجتماعات تجري بين مختلف القطاعات والشخصيات السياسية والأطُر الوطنية في الأراضي المحتلة «من أجل تأسيس حركة وطنية جامعة تحاول مواجهة السياسات الإسرائيلية بعيداً عن لجنة المتابعة والأحزاب العربية في الكنيست التي أثبت أداؤها فشلاً كبيراً، لا سيما في تعاملها ومواجهتها لقانون القومية الذي أقرّته إسرائيل أخيراً». ورغم أنّ المناقشات بشأن تأسيس الجسم السياسي الجديد لا تزال في إطارها النظري ولم تخرج بعد إلى مرحلة التطبيق، تشير المصادر إلى أن اعتقال إغبارية «عدا عن كونه ملاحقة سياسية واضحة، قد يكون له علاقة بالطرح المستجد، خصوصاً أن الرجل يُعتبر فاعلاً في هذا الإطار. وقد يكون اعتقاله محاولة فاشلة لإجهاض المشروع الجديد».
من هنا، تشير عودة إلى أن «الاحتلال يزعجه كل نشاط سياسي أو وطني يقوم به أي فلسطيني في أرضه»، وتضيف أن «قانون القومية لم يفاجئنا، فهمجية هذه الدولة وعنصريتها لا تحتاج إلى سنّ قوانين... إنّ أشدّ ما تخشاه هو وحدتنا الوطنية والسياسية».

حبسٌ انفرادي
بالنسبة إلى ظروف الاعتقال، تشرح عودة أنّ جهاز «الأمن العام الداخلي» (الشاباك) حقّق في البداية مع رجا لمدّة سبع ساعات متواصلة داخل غرف التحقيق في سجن «مجدو» الذي يضم مئات الأسرى الفلسطينيين، وذلك «قبل أن يُنقل إلى الحبس الإنفرادي، من دون أن يقدّموا له حتى ماءً للشرب». كذلك، لم يُسمح للعائلة «بإدخال العلاجات والأدويّة الدائمة التي يتناولها إغبارية نتيجةً لصعوبة تنفسه»، وقد بقي ثلاثة أيام على هذه الحال حتى استطاع المحامون تقديم اعتراض أمام المحكمة للنظر في ظروف اعتقاله السيئة واللإنسانية.
وفي ما يتعلّق بالتضامن من قبل الحركات الوطنية والشخصيات السياسية، ترى عودة أن «هناك اهتماماً إعلامياً وسياسياً من جميع الحركات والأحزاب السياسية. سواء كان ذلك بإصدار البيانات أو بالحضور الشخصي لمتابعة جلسات المحكمة»، منوهة إلى أنّ عائلته لم تلتق به حتى الآن إلا خلال الجلسة. وبحسبها، تتوقّع الحركة إصدار حكمٍ بالسجن بحقّ رجا حيث «أظهرت النيابة الإسرائيلية نيتها تقديم لائحة اتهام ضده في جلسة الغد، مصرّة خلال التحقيق معه على أنه لن يخرج من هنا (السجن). وقد استغلت فترة الأعياد اليهودية كحجة لاستمرار الاعتقال».
وتتابع قائلة إنه «لا سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترهبنا، ولا اعتقالاتها ولا محاولاتها الفاشلة لإضعاف حركة أبناء البلد... نحن على يقين تام أن كل ما يحصل هو جزء من الملاحقة السياسية التي يتعرض لها إغبارية وحركته، والقيادة الوطنية في الداخل الفلسطيني. ونحن مستعدّون لدفع أي ثمن في سبيل القضية الفلسطينية ونهجنا الفكري والوطني».