مقتل كوغين يفاقم المخاوف: مبعوثو «حَباد» لا يأمنون

استبعد مسؤولون إسرائيليون أن تكون إيران متورطة في قتل مبعوث حركة «حَباد» الدينية الإسرائيلية، الحاخام تسفي كوغين، في الإمارات، مستدركين، وفقاً لما نقلت عنهم «كان» الإسرائيلية، بأنه قد «تكون جهات إرهابية أخرى قتلته». وأتى ما سبق، بعدما أعلنت الإمارات إلقاءها القبض على المشتبه بهم في تنفيذ عملية القتل، من دون الكشف عن هوياتهم. كما أتى بعدما رفضت السفارة الإيرانية في أبو ظبي، بشكل قاطع، مزاعم تورط طهران في مقتل كوغين. أما الخارجة الإسرائيلية، فسارعت، من جهتها، إلى اعتبار الحادث «عملاً إرهابياً إجرامياً»، واضعةً إياه في خانة «معاداة السامية»، على الرغم من أن الأمر قد يكون جريمة جنائية ولا علاقة له بهوية كوغين أو حتّى بصفته الدينية.
ومع ذلك، ذكر موقع «واينت» أن مبعوثي الحركة اليهودية حول العالم بدؤوا يخشون على حياتهم، مشيراً إلى أنه في أعقاب ما حدث في الإمارات، تقررت زيادة التعزيزات الأمنية، إلى جانب رفع إجراءات الحيطة والحذر حول المبعوثين، «تحسباً لوقوع حوادث وهجمات عنفيّة شبيهة». وطبقاً للموقع، فإنه ينتشر في أنحاء العالم نحو 6000 مبعوث للحاخام ميلوفوفيتش (مناحيم مندل شنيرسون)، وهو أحدث حاخام والأكثر شهرة لسلالة لوبافيتش الحسيدية، والتي حملت منذ عقود على عاتقها مهمة تمثيل اليهود، ومساعدتهم في الأماكن التي التزم المبعوثون بأن يتواجدوا فيها منذ تنصيبهم، في انتظار مجيء «المشياح». وقد واصل هؤلاء الانتشار منذ الحرب العالمية الثانية؛ حيث «نشطوا في حماية اليهود قبل أن يتحوّلوا في السنوات الأخيرة إلى قوّة كبيرة».
وأحد أولئك الحاخامات هو بنيامين يعكوفيس، مبعوث «حَباد» في هولندا، والحاخام الرئيس للأخيرة، والذي ولد فيها، ولكنه تلقى تعليمه الديني في مؤسسات «حَباد» في إسرائيل والولايات المتحدة، ويشغل منذ 50 عاماً منصب المبعوث في مسقط رأسه. وفي إطار ما ينقله عن يعكوفيس، يشير الموقع إلى أنه «في السنوات الماضية، تفاقمت موجة معاداة السامية، وتعاظمت أكثر منذ هجوم (طوفان الأقصى، في) السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023»؛ إذ كما ينقل عنه، «قبل أيام رشقوا بيتي بالحجارة... في كل مرّة أخرج فيها من البيت يصرخون بوجهي «فلسطين حرّة». وفي الأسابيع الأخيرة، عززت الشرطة تواجدها في محيط بيتي خشية من التهديدات القائمة طوال الوقت». ويتابع أنه «منذ خمس سنوات لا أستطيع السفر وحدي في القطار أو الحافلة... قال لي مسؤولون أمنيون إن ذلك غير محبذ»، مشيراً إلى أنه «في الذكرى الأولى لمرور عام على اندلاع الحرب، وضعوا حول بيتي شرطة سرية لحمايتي، وطلبوا مني عدم الخروج إلا للضرورة القصوى».
ويؤكد يعكوفيس أن الحكومة الهولندية داعمة لليهود، مشيراً إلى أنهم «يقولون لنا إن وجودنا هُنا مهم جداً، وإنهم لا يريدوننا أن نترك هولندا التي تحارب معاداة السامية، ولكنهم يخشون في الوقت نفسه من تعاظم الإسلاموفوبيا». ويضيف أن ذلك «يعني أن كل إدانة لمعاداة السامية أو السابع من أكتوبر ترافقها كلمة «ولكن»... للأسف، كلّما تمكّن مسؤولون إسلاميون متطرفون من إشغال مناصب أكثر أو الوصول إلى مواقع يمكنهم التأثير عبرها، أصبح اليهود أكثر عرضة للملاحقة. الشرطة ترافقنا، ولكن لا يمكننا تجاهل هذه الموجة التي نمر بها».
في السنة الأخيرة، طرأ ارتفاع في الاستعدادات واليقظة لدى جميع الحاخامات المبعوثين
أما نظير يعكوفيس في برشلونة، الحاخام دافيد ليبرزون، فيتحدث هو الآخر عن إجراءات متشددة لمواجهة التهديدات، مشيراً إلى أن «إسبانيا دولة أعلنت دعمها لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما غيّر التجربة والمشاعر هنا بشكل كبير». ويلفت إلى أنه «في أرجاء البلاد، تتصدر العناوين المؤيدة لفلسطين، و«إسرائيل قاتلة الأولاد»، وهذا الخطاب يتفاقم ويتطرف، ما يؤثر في أمننا كجالية». ويشير إلى أن جميع مؤسسات الجالية اليهودية في أنحاء إسبانيا تشهد إجراءات أمنية تشددت في المدة الأخيرة، وخصوصاً حول مقرات «حَباد» والمدارس، معتبراً أن «الخطاب المتداول يجعل الأجواء متوترة أكثر فأكثر، وحتّى من دون وقوع حدث معيّن، لا نريد أن نكون معرضين لتهديدات من دون أن نكون مستعدين لمواجهتها».
وفي الاتجاه نفسه، يَذكر حاخام مدينة برلين، ومبعوث «حَباد» إليها، الراف يهودا طايخمن، أنه «منذ السابع من أكتوبر، نعيش واقعاً مغايراً تماماً». ويوضح أنه «عندما وصلت إلى برلين قبل 30 سنة، كان في المدينة 9000 يهودي فقط، اليوم يَعد هؤلاء الخمسين ألفاً. فاليهود من الأطراف أرادوا الوصول إلى المركز، وهكذا تطورت في السنوات الأخيرة ثقافة يهودية متكاملة مع أماكن ترفيه، ومؤسسات مجتمعية، وأكل مطابق للشريعة اليهودية وغيرها»، مضيفاً أنه «تطورت هنا أيضاً البؤر المسلمة عقب وصول المهاجرين الذين استقبلتهم ألمانيا... توجد هنا تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، وتوجد محاولات للسيطرة على الحيز المدني». ويتابع: «أنا بشكل شخصي عايشت هجوماً أليماً عندما كنت في طريق عودتي من الكنيس إلى البيت حيث رُشقت بالخضروات وبُصق عليّ. وقد نُشر هذا في الصحف والإعلام المحلي، وعلى إثر ذلك، وصل الرئيس الألماني شخصياً إلى بيتي واعتذر عما حدث». وإضافة إلى ما تقدم، يلفت الراف طايخمن إلى أن «الوضع (الحرب) في البلاد يشجع على معاداة السامية وهو ما يعزز الحاجة إلى الحماية. علينا أن نحذر اليوم أثناء سيرنا في الشارع أو في محطات القطار ونحن نحمل رموزاً يهودية مثل نجمة داوود، وعلينا أن نتجاهل النداءات ضدنا في الشوارع. توجد هنا منظمات تعمل بشأن ذلك، والشرطة من جهتها توفر لنا الحماية، لكن الواقع مغاير تماماً لما عايشناه في السابق».
أمّا الراف معندي كوتلرسكي، وهو مسؤول رفيع في منظومة البعثات الدولية للحركة، فيقول إن «قلبنا، وقلب عائلات المبعوثين مع عائلة القتيل في الإمارات. لقد فقدنا أخاً غالياً ومبعوثاً ذا رسالة». ويضيف أنه «في السنة الأخيرة، وعقب تعاظم معاداة السامية، طرأ ارتفاع في الاستعدادات واليقظة لدى جميع الحاخامات المبعوثين»، مستدركاً بأنه على الرغم من تصاعد «معاداة السامية»، فإن مبعوثي الحركة يواصلون نشاطهم «التبشيري» في أوساط الجاليات اليهودية حول العالم.