أبو ظبي | حاصرت الأضواء الروائي اللبناني ربيع جابر بعد الإعلان عن فوز روايته «دروز بلغراد ـــــ حكاية حنّا يعقوب» (المركز الثقافي العربي) بـ«الجائزة العالمية للرواية العربية ـــــ بوكر» في دورتها الخامسة. لم تستطع الكاميرات الإمساك بالروائي الخجول، إلا لثوانٍ قليلة. وسط خفره المعتاد، وبعض الدموع، بدا ربيع جابر كائناً غريباً عن عالم الأضواء. هكذا، بقي متحفظاً أثناء تسلّمه الجائزة من رئيس «هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة» سلطان بن طحنون. وعندما طلب منه عضو مجلس أمناء الجائزة، خالد الحروب، الصعود إلى المنصة، اكتفى الروائي اللبناني بعد تردُّد، بإطلاق خمس كلمات لا أكثر: «شكراً لكم جميعاً، بكلّ محبة»، ما أثار استغراب الجمهور. وفوق كلّ هذا، تأخّر المتوّج الجديد بجائزة «بوكر» عن حضور المؤتمر الصحافي، كما امتنع عن إجراء حوارات، ما أثار استياء الصحافيين.
صاحب «أميركا» هو اللبناني الأوّل الذي يفوز بالجائزة، وقد تنافس عليها ضمن القائمة القصيرة خمسة مرشّحين آخرين، هم المصري ناصر عراق عن «العاطل» (الدار المصرية اللبنانية)، والجزائري بشير مفتي عن «دمية النار»، واللبناني جبور الدويهي عن «شريد المنازل»، والتونسي الحبيب السالمي عن «نساء البساتين»، والمصري عز الدين شكري فشير عن «عناق عند جسر بروكلين».
ترأس لجنة تحكيم دورة 2012 المفكر السوري جورج طرابيشي الذي قال إنّه «لو كان النظام الداخلي للجائزة يسمح بأن يكون هناك أكثر من فائز، لكنا رشحنا روايات القائمة القصيرة الست كلها للفوز». كلام طرابيشي يشي بخلاف قد يكون شق صفوف اللجنة التي تألّفت من الناقدة اللبنانية مودي بيطار، والأكاديمية المصرية هدى الصدّة، والقطرية هدى النعيمي، إضافةً إلى المستعرب والمترجم غونزالو فرنانديز باريلا. ويبدو أنّ توجهاً ساد داخل اللجنة لمنح الجائزة لأكثر من رواية، كما حصل العام الماضي، حين منحت الجائزة مناصفةً للسعودية رجاء عالم، والمغربي محمد الأشعري.
إذاً، وضعت أوديسة حنا يعقوب الرواية اللبنانية على خريطة «بوكر» بعد خمس سنوات على انطلاقة نسختها العربيّة. كما حسمت حيرة ربيع جابر مع الجائزة، بعدما وصل مرتين إلى قائمتها القصيرة. «كنت أنتظر أن أفوز منذ سنتين، مع رواية «أميركا»»، قال جابر في كلماته القليلة للصحافيين. ثمّ أضاف بما يشبه السخرية السوداء: «يبدو أنّ حنا يعقوب محظوظ أكثر مني».
لكن بدا أنّ سوء حظّ يعقوب امتدّ إلى الصحافيين الذين ظلّوا يطاردون ربيع جابر بحثاً عن كلمة أو اثنتين منه. وانتقل سوء الحظّ أيضاً إلى منظّمي حفلة الجائزة الذين كانوا قد أعدوا للفائز برنامجاً مكثّفاً، يتضمن محاضرات وندوات وحفلات توقيع لروايته في إطار «معرض أبو ظبي للكتاب» المقام حالياً. لكنّ بطل «بوكر العربيّة 2012»، توارى عن الأنظار، واضعاً الجميع في موقف حرج، وخصوصاً ناشريه «المركز الثقافي العربي»، و«دار الآداب». وحالما انتهت حفلة توزيع الجائزة، «فرّ» جابر من أبو ظبي عائداً إلى بيروت.
المرشحون الخمسة على القائمة القصيرة لاذوا بالصمت بعد الإعلان عن فوز ربيع جابر بالجائزة، باستثناء التونسي الحبيب السالمي الذي قال «أتقبل خسارتي للمرة الثانية بروح رياضية». وأضاف صاحب «نساء البساتين»: «من حسن الحظ أنّ ربيع فاز بها هذه المرة، فهو روائي دؤوب ومخلص لفن الرواية». أما المصري ناصر عراق المرشح للجائزة عن رواية «العاطل» فاكتفى بالقول: «أعزّي نفسي بما أشار إليه رئيس لجنة التحكيم من أن الروايات الست المرشحة تستحق الفوز. لهذا أعدّ نفسي فائزاً».



من يموّل الجائزة؟

يبدو أنّ «الجائزة العالمية للرواية العربية ـــ بوكر» لا تزال تعاني من مشكلات النشأة الأولى. بعد خمس سنوات على تأسيسها، انتشرت أخبار عن أنّ الجهة الممولة، أي «مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي»، ستسحب يدها من «بوكر»، لتركز اهتمامها على دعم مشاريع الشباب وتطويرها. انسحاب الممول أدخل الجائزة في بلبلة، بسبب صراع خفي دار في الكواليس، حول بقاء الجائزة في أبو ظبي، أو انتقالها إلى قطر، إذ تبرّعت جهة قطريّة بتمويلها. لكنّ أحد أمناء لجنة «بوكر» أسرّ لـ«الأخبار» أمس بأنّ «هيئة أبو ظبي للثقافة والسياحة»، قد تكون حسمت السجال لمصلحة الإمارات، مع إعلان نيّتها تمويل الجائزة.