هيكلة متأخرة للمجالس العسكرية: «قسد» تسترضي العشائر

الحسكة | بعد مضيّ أكثر من 15 شهراً على ما عُرف بـ«كمين قاعدة الوزير»، حين اعتقلت «قسد»، قائد «مجلس دير الزور العسكري» السابق، أحمد الخبيل، المعروف بـ«أبو خولة»، وعدداً من قيادات المجلس، قرّرت المجموعة إعادة تفعيل الأخير الذي شكّلت له قيادة جديدة. وقالت «قسد»، في بيان، إن قيادتها «عقدت عدّة اجتماعات ناقشت فيها الأوضاع الأمنية والعسكرية في دير الزور، وإعادة هيكلة المجالس العسكرية فيها»، مضيفة أنه «تم خلال الاجتماع، إعادة هيكلة مجلس دير الزور العسكري، وتعيين عايد تركي الخبيل (أبو علي فولاذ)، إلى جانب ليلوى العبد الله، وبيرتان قامشلو، وسليم ديريك، ونوري خليل، كقيادة عامة». ولفت البيان إلى أن «قسد» «أعادت تسمية قيادات للمجالس العسكرية الفرعية لمناطق الكسرة والصور وهجين والبصيرة».
وممّا بدا لافتاً أن غالبية المعيّنين في قيادة المجالس العسكرية للمناطق والبلدات، كانوا من المعتقلين لدى «قسد» بعد حادثة اعتقال «أبو خولة»، وما أعقبها من اندلاع هبّة عشائرية، بقيادة شيخ مشائخ قبيلة «العكيدات»، إبراهيم الهفل.
ويعتبر هذا القرار متأخراً، إذ جاء بعد مضيّ عام كامل على انعقاد مؤتمر «تعزيز الأمن والاستقرار في دير الزور» بحضور شخصيات عشائرية واجتماعية، والذي حدّدت فيه «الإدارة الذاتية» 42 بنداً للإصلاح في دير الزور، على رأسها إعادة تشكيل «المجالس الإدارية والتنفيذية والتشريعية والبلديات، وترتيب قوى الأمن الداخلي ومجلس دير الزور العسكري، خلال مدة أقصاها ستة أشهر». كما أنه جاء بعد دفع «قسد» بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المنطقة، وزيادة عدد عناصر «الأسايش» أو ما يعرف بـ«قوى الأمن الداخلي» فيها، ونصب نحو 142 برج مراقبة على امتداد سرير نهر الفرات بدعم أميركي، للحدّ من حالات التسلل من قبل «جيش العشائر» في اتجاه مناطق سيطرتها، ومحاولة إنهاء نشاطه. كذلك، أتت الخطوة بعد ضغوط كبيرة مارسها الأميركيون، الذين يطالبون «قسد» بمنح صلاحيات إدارية وعسكرية لأبناء المنطقة من العشائر وعدم حصرها بالشخصيات الكردية.
وتؤكد مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، أن «قسد أعادت بعض قيادات مجلس دير الزور السابقة، وعيّنت ابن عم رئيس المجلس السابق، أبو خولة، بهدف محاولة استعادة الثقة لدى سكان المنطقة»، مستدركة بأن «القرار جاء أيضاً بضغط من التحالف الدولي الذي يريد إفساح المجال أمام العشائر وسكان المنطقة، لإدارة منطقتهم بعيداً من هيمنة قسد الإدارية والعسكرية». ووصفت المصادر، التغييرات الجديدة، بـ«الشكلية»، في ظل تعيين كادرين كرديَّين ضمن قيادة المجلس، عادةً ما يتولّى أحدهما الملف المدني والآخر الملف العسكري. كذلك، اعتبرت أن «قيادة قسد لا يمكن أن تمنح أيّ صلاحيات واسعة لقياداتها من أبناء العشائر، نظراً إلى وجود واردات اقتصادية مهمّة تدرّها حقول النفط في المنطقة، والحساسية الأمنية لجهة وجود نشاط لجيش العشائر ضدها أيضاً». ورأت المصادر أن «قسد أرادت من هذا الإعلان المتأخّر، إرضاء التحالف من جهة، وإظهار وفائها بالتزاماتها لوجهاء ومشائخ المنطقة»، مستبعدةً «قدرة قسد على ضبط المنطقة أمنياً، في ظل الرفض الشعبي المتصاعد لوجودها، واستمرار تراجع الخدمات، وإضراب السكان احتجاجاً على فرض مناهج تربوية مرفوضة من الأهالي على طلاب المدارس».
ومن جهتها، تقول مصادر مقربة من «قسد»، لـ«الأخبار»، إن «التغييرات احتاجت إلى وقت زمني طويل نسبياً، لأن الأولوية كانت لضبط الأمن والاستقرار، وإنهاء خطر مَن يسمون أنفسهم جيش العشائر على المنطقة»، رافضة «اعتبار القرار شكلياً، لكون التشكيل الجديد يشبه التشكيلات في بقية المناطق لجهة وجود ممثلين عن المكونات الاجتماعية كافة». وأضاف أن «هناك حرصاً على إعطاء المجالس دورها، مع العمل على تحسين وضع الخدمات فيها وفقاً للإمكانات المتوافرة».
على أن الرد الأولي لـ«جيش العشائر» على إجراءات «قسد»، جاء عبر شنّ هجوم عنيف على مناطق سيطرة الأخيرة في بلدة الحجنة في ريف دير الزور. وتعتبر مصادر عشائرية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «كل ما تقوم به قسد لن يغير شيئاً بالنسبة إلى حالة الرفض الشعبي لوجودها»، متوقعة أن «تستمرّ العمليات العسكرية لجيش العشائر، ليبقى الصوت مرتفعاً بأن دير الزور يجب أن تعود إلى أهلها، بعيداً عن الاستغلال والاستيلاء على مقدراتها الاقتصادية الكبيرة».

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي