مقالات للكاتب

ضحى شمس

الأربعاء 30 نيسان 2014

شارك المقال

تعالوا إلى حيث الانتعاش

هو التحرك الأحبّ الى قلبي. تظاهرات واعتصامات هيئة التنسيق النقابية، الجميلة بأهلها، وناسها وبرامجها وردودها ومثابرتها. من طرابلس، من عكار، من جب جنين، من برجا، من راسنحاش، من كفريا، من جبيل وابنته الجنوبية، من كسروان، من علمات، من بعلبك وسعدنايل وتعلبايا وزحلة وبزبينا وبينو والقبيات وطرابلس وجبل محسن والتبانة وعرسال ...

كانوا كلهم هنا: وجوههم الطيبة تنضح عرقاً واحمراراً من الشمس النيسانية التي خدعت الجميع بتموزيتها. تلتمع حبات العرق على وجوههم فيمسحونها ويمشون باسمين، رافعين لافتاتهم الفصيحة، يفتشون ببسماتهم عن وجه يعرفونه، وإذ يرونه، يدور عناق وتقبيل، ثم يعودون الى صفوفهم المرصوصة.
رصوا الصفوف/ رصوا الصفوف/ درب النضال/ طويل طويل/ ... وهو طويل فعلاً.
هكذا كبرت التظاهرة، لم يكن الأساتذة فقط هناك. نجحت الهيئة في استقطاب لبنانيين كثر وجدوا فيها وفي ثباتها على مسارها وتعاملها الذكي العارف مع مافيات السلطة بلبنان، ضالّتهم. نزلوا، مثلي، ليشجعوها، ليقولوا لها نريد استنساخك في كل المجالات النضالية الاجتماعية. هكذا، بدت التظاهرة كقلب كبير ينبض بحرارة، بدت أكبر من حجمها الحقيقي الذي لا أعرف «تقريشه» عددياً. هل كانوا خمسين ألفاً؟ أم ثلاثين؟ أم مجرد عشرين؟ لا أعرف، ليس للأساتذة من يموّل تحركاتهم ويستأجر البوسطات والسندويشة والكازوزة لترغيب الفقراء بالانضمام إلى «جمهور» الغنم ... كانوا كلهم هنا، بوسائلهم الخاصة، جمعوا النقود في ما بينهم، وأثبتوا للكل أنه إيه ... في أمل، وهو هنا، بيننا.
كم كنت بحاجة الى هذا الحمام الوطني المنعش بعد طول اكتئاب مواطني. كل هذه الوجوه التي تشبهني وأشبهها، العابرون من ولائهم لطوائفهم الى حيث المصلحة المشتركة التي وحدها تبنى عليها الأوطان وترسى العقود الاجتماعية. علام تبنى الأوطان إن لم يكن على المصالح المشتركة بين ناسها؟ تتحول تحركات هيئة التنسيق، التي تجتاز امتحانات شديدة الصعوبة في لبنان اليوم، الى مثال وقدوة. برغم كل التفاصيل الصغيرة النقدية والمآخذ والاختلافات. تحولت الى راية نبحث عن رفع ما يشبهها في كل مجالات حياتنا المقضومة الحقوق.
شيء واحد ناشز في هذه التحركات: هذا الهوس بالسجع في الهتافات، والذي يقطع التواصل مع «رئيس الهتيفة» لركاكة تلك الهتافات نظماً ومفردات ولغة! نحن هنا بين أساتذة لبنان حيث الخطأ اللغوي لا يغتفر. لكن، حتى هذا النشاز البسيط يتحول الى موضوع للضحك والسخرية بين زملاء المهنة، فتدور النكات وترتفع الضحكات الممازحة، ويلتمّ الجمع أكثر ... هكذا، يصبح المشي في هذه التظاهرة نوعاً من حمام وطني منعش، يطهر القلب من كآبته ويفرح العين بمشهد الجموع الحاشدة على معرفة منها بما تفعله.
فعلاً، هنا النكهة وهنا الانتعاش: تعالوا جميعاً الى حيث النكهة. تعالوا الى ما يشبه هيئة التنسيق.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي