إيران - روسيا - الصين: مناورات اعتيادية برسائل استثنائية

تُقام المناورة هذا العام، في وقت تتزايد فيه احتمالات اندلاع موجة جديدة من التصعيد بين طهران وواشنطن (أ ف ب)
تُقام المناورة هذا العام، في وقت تتزايد فيه احتمالات اندلاع موجة جديدة من التصعيد بين طهران وواشنطن (أ ف ب)

طهران | بدأت كلّ من إيران والصين وروسيا، أمس، مناورة بحرية في بحر عمان، هي الخامسة المشتركة بين الدول الثلاث، منذ عام 2019. لكنّ المناورة التي تحمل اسم «حزام الأمن البحري 2025»، تكتسي هذه السنة أهمية خاصة، لتزامنها مع بداية عهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي تبنّى مواقف تصعيدية إزاء كلّ من طهران وبكين. وتستضيف القوات البحرية للجيش الإيراني، التدريبات الجارية بالقرب من ميناء جابهار الإيراني في بحر عمان، وهي المنطقة التي تُعدّ ممراً حيوياً بالنسبة إلى التجارة العالمية، لكونها تقع بين مضيق هرمز (يمرّ خمس نفط العالم عبره) والمحيط الهندي.

وتشارك إيران في المناورة، بـ10 قطع بحرية تابعة للقوات البحرية للجيش و»الحرس الثوري»، فيما تشارك روسيا بمدمرتَين وسفينة إسناد واحدة، والصين بمدمّرة واحدة وسفينة إسناد واحدة. كما يشارك مراقبون من كل من آذربيجان وجنوب أفريقيا وسلطنة عمان وكازاخستان وباكستان وقطر والعراق والإمارات وسريلانكا. وأعلنت وزارة الدفاع الصينية أن المناورة الجارية «تشتمل على تمارين لضرب الأهداف البحرية والتحكّم بالخسائر وعمليات البحث والإنقاذ المشتركة»، وأنها تُقام بهدف «تعزيز الثقة العسكرية المتبادلة، وتوسيع التعاون العملي بين القوات البحرية للدول المشاركة».

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، فإن الأهداف الأخرى «تشتمل على تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية، والتصدّي لقراصنة البحر والإرهاب البحري، والإجراءات الإنسانية، وتبادل المعطيات في مجال الإسعاف والإنقاذ البحري، كما تبادل الخبرات العملانية والتكتيكية».

وبعد انضمام إيران إلى عضوية منظمتَي «شنغهاي» و»بريكس» الأمنيتَين والسياسيتَين والاقتصاديتَين، أقامت الجمهورية الإسلامية علاقات وثيقة مع هاتين القوتَين العالميتَين، فيما دفعت العقوبات والضغوط الغربية، طهران إلى التحرّك في اتجاه توطيد علاقاتها مع موسكو وبكين. ففي كانون الثاني الماضي، وإبّان زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى موسكو، وقّع البلدان «معاهدة المشاركة الإستراتيجية الشاملة»، والتي تهدف، وفق الكرملين، إلى «تعزيز العلاقات العسكرية والسياسية والتجارية والاقتصادية» بينهما. وجاء ذلك بعدما كانت إيران والصين وقّعتا، في آذار 2021، «برنامج الـ25 عاماً للتعاون المشترك».

جاءت المناورة بين إيران وروسيا والصين، بعد أسبوع من التمارين المشتركة بين القوات الجوية الإسرائيلية والأميركية


وبينما تخضع روسيا هي الأخرى للعقوبات الدولية، فقد عزّز ذلك علاقاتها مع إيران، علماً أن إجراء المناورات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم، يتيح لموسكو إمكانية استعراض حضورها العسكري، حتى وإنْ كان قسم كبير من قوّاتها يشارك في الحرب الأوكرانية. أما الصين التي تعتبر الولايات المتحدة منافسها الرئيسي، فتسعى إلى إعادة تعريف قوّتها في الشرقَين الأقصى والأوسط، وهي أعلنت حديثاً عن زيادة إنفاقها العسكري بأكثر من 7%.

وتُقام المناورة هذا العام، في وقت تتزايد فيه احتمالات اندلاع موجة جديدة من التصعيد بين طهران وواشنطن، بعدما وضع ترامب، إيران أمام خيارَي «الاتفاق أو الحرب»، فيما يعارض المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، إجراء محادثات مع الأميركيين؛ علماً أن إسرائيل وأميركا توعّدتا، على مدى الأشهر الماضية، مراراً، بشنّ هجوم عسكري على إيران، لاحتواء برنامجها النووي.

كما تأتي هذه التدريبات بعد أسبوع من التمارين المشتركة بين القوات الجوية الإسرائيلية ونظيرتها الأميركية، والتي قالت وسائل إعلام عبرية، إنها نُفّذت بهدف اكتساب المزيد من الجهوزية للتصدّي المحتمل للبرنامج النووي الإيراني. ويحدث هذا بينما أعلنت روسيا، في أعقاب اللقاء الذي جمع وزير خارجيتها سيرغي لافروف، بنظيره الأميركي ماركو روبيو، في الرياض أخيراً، جهوزيتها للتوسّط بين طهران وواشنطن بهدف خفض التصعيد بينهما.

وعقّب الرئيس الأميركي على المناورة المشتركة بين إيران والصين وروسيا، حينما سأله مراسل قناة «فوكس نيوز» عمّا إذا كانت تثير قلقه، قائلاً: «إطلاقاً، لأننا أقوى منهم جميعاً. إنّنا نمتلك قوّة أكبر منهم جميعاً». وأكّد ترامب مراراً، أنه على الرغم من التنافس الجاري بين بلاده والصين، وسياسة واشنطن الصريحة إزاء ضرورة إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، فإنه يقيم شخصياً علاقات جيدة مع الرئيسَين الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين. لكن لا يزال من غير الواضح الموقف الذي ستعتمده إدارته إزاء تمتين طهران تعاونها العسكري مع كل من بكين وموسكو.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي