جاهدة وهبة... ليلة العمر مع أم كلثوم

تصف وهبة أم كلثوم بالقامة التي تتجاوز الزمن
تصف وهبة أم كلثوم بالقامة التي تتجاوز الزمن


مَن منا لا يجد في صوت أم كلثوم (1898 ــ 1975) ملجأً للروح ومحطةً للحنين؟ هي رفيقة الليالي الاستثنائية، وسهرات الحب والعتب. في مسيرة الفن العربي، ظلّت أيقونةً للأصالة، حاملةً الأغنية العربية إلى قمم لم تبلغها من قبل، وأثبتت وجودها في عصرٍ لم يكن ممهّداً لنجاح النساء بسهولة. في يوم المرأة العالمي (8 آذار)، يُضاء مسرح «كازينو لبنان» الليلة لاستحضار إرث أم كلثوم، تلك المرأة التي كسرت التوقعات وأكدت أنّ الصوت النسائي قادر على صنع التأثير والتغيير. برعاية وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة، تُحيي الفنانة جاهدة وهبة أمسيةً تُعيد فيها عبق الأصوات النسائية الخالدة، مُقدمةً جزءاً من روائع «كوكب الشرق»، بقيادة المايسترو أندريه الحاج وأوركستراه. هنا، يلتقي الاحتفاء بالفن والمرأة، حيث تُجسّد وهبة إرثاً تجاوز الزمن، إذ ارتبط صوت أم كلثوم بالمناسبات العاطفية والوطنية، وفي إطار الاحتفاء بخمسين عاماً على رحيل «كوكب الشرق».
تمتدّ التحية إلى أصوات نسائية أخرى، ٔمثل فيروز وصباح وأسمهان ووردة الجزائرية، في تأكيد على حضور المرأة في ذاكرة الفن العربي. تستعيد جاهدة وهبة شخصيات نسائية أدبية وشعرية طبعت الوجدان الثقافي والاجتماعي، فتُطلّ كلمات أحلام مستغانمي، ناديا تويني، سعاد الصباح، ورابعة العدوية، عبر أداء درامي يقترب من لحظات التأمل والارتجال الفني. في حديثها معنا، تصف وهبة أم كلثوم بالقامة التي تتجاوز الزمن، فهي لم تكن مجرّد صوت، إنما ظاهرة فنية منفردة تحمل في أدائها عمق الشرق وذاكرته الجماعية. وهي، إذ تؤدي أغنياتها، تعيش حالتها، تستنشق روحها، وتحمل إرثها بطريقتها وإحساسها، محاولةً بلوغ الدقة والإتقان، ومُستحضِرةً شغفها العابر للأزمنة. تقول وهبة: «أٔم كلثوم تعني لي الفن في أرقى تجلياته، والالتزام الذي يجعل الفنان صانعاً للزمن، لا تابعاً له». تشير وهبة إلى دور الجمهور في حفلات أم كلثوم، هو الذي كان جزءاً من الموسيقى بصوته وانفعالاته وآهاته، وهذا ما منح أغانيها بُعداً إضافياً، فكان تفاعل المستمعين يُعيد تشكيل الأغنية لحظة بلحظة. وتُشدّد وهبة على أهمية بناء جسر بين الفنان والجمهور، ليصبح شريكاً في التجربة الفنية. في زمنٍ كانت فيه الهيمنة الفنية للرجال، استطاعت أم كلثوم أن تفرض نفسها قائدةً لمسارها، تضع المعايير، وتتحكّم باختياراتها، وتفرض احترامها على الجميع وتحاكي هموم الأمة وفقاً لوهبة التي تضيف: «إنجازها لم يكن فقط في كونها «كوكب الشرق»، إنما في كونها امرأة استطاعت أن تغيّر معادلة الفن العربي، وتكون قدوةً للفنانات بعدها. فتحت الباب لوجود المرأة المستقلة في الساحة الفنية، وأثبتت أنّ الفن ليس حكراً على أحد، هو لمن يملكه بالموهبة والذكاء والتفاني. وأبعدت عمل النساء في الفن عن الاستهلاكية. إنها ببساطة وجدان الأمة العربية بكل أطيافها».
في يوم المرأة العالمي، يُسلط الضوء على إسهاماتها في صناعة الفن والثقافة، فترى وهبة أن المرأة كانت دائماً قلباً نابضاً في مسيرة الحضارات، تُجسّد الإبداع وتقود التغيير. الفن، في رؤيتها، يتجاوز كونه زينةً أو ترفاً؛ إنه فعلٌ يُحرّر الوعي، ويُعيد صياغة الواقع، وأداة للمقاومة، يُواجه الإقصاء بصوتٍ يتحدى الصمت.
حفلة الليلة هي احتفاءٌ بفنانات أثبتن أن الإبداع مساحة تتسع لكل من يمتلك الشغف والموهبة والرؤية. إنه لقاءٌ بين الغناء والشعر، بين الماضي والحاضر، وبين أصوات نسائية جعلت الفن ساحةً لحوارٍ أبدي، لا ينتهي بانتهاء العرض، بل يمتدّ في ذاكرةٍ لا تكفّ عن استعادة الألحان والكلمات.

حفلة جاهدة وهبة: 21:00 مساء اليوم ـ كازينو لبنان(طبرجا) ـ للاستعلام: 09/859000

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي