مقالات للكاتب

رضا صوايا

الإثنين 27 كانون الثاني 2025

شارك المقال

أميركا تستنجد باسرائيل: الأنفاق تؤرّقنا!

من مقالة جون سبينسر - «قامت السلطات الأميركية والمكسيكية بتفكيك نفق غير قانوني يمتد إلى إل باسو»
من مقالة جون سبينسر - «قامت السلطات الأميركية والمكسيكية بتفكيك نفق غير قانوني يمتد إلى إل باسو»

مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عادت خططه لضبط الحدود الجنوبية للولايات المتحدة إلى الواجهة، بهدف منع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والممنوعات. خلال ولايته الأولى، شرع ترامب في بناء جدار عازل على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو مشروع جمده الرئيس المنتهية ولايته جو بادين عام 2021، ويسعى ترامب الآن إلى استكماله.

لاقى المشروع العديد من الانتقادات والشكوك حول مدى فعاليته. نقاش عاد إلى السطح مع استعادة ترامب للسلطة. واللافت أن أنفاق «حزب الله» و«حماس» أصبحت جزءاً من السجال الدائر حول جدوى الجدار والخطط البديلة التي تعتمدها عصابات التهريب لتجاوز الحدود.

في مقالة نشرتها جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، حاجج جون سبينسر، رئيس دراسات الحرب الحضرية في معهد «الحرب الحديثة»، والعضو المؤسس في مجموعة «العمل الدولية للحرب تحت الأرض»، أنّ الجهود المبذولة لتعزيز الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك قد تؤدي إلى زيادة محاولات حفر الأنفاق. وأوضح أنّ الدفاعات المتطورة فوق الأرض غالباً ما تدفع الخصوم إلى البحث عن بدائل تحت الأرض.

وأشار سبينسر إلى اكتشافات حديثة لأنفاق تمتد بين الولايات المتحدة والمكسيك، واصفاً العديد منها بأنها «متطورة بشكل ملحوظ، وتحتوي على أنظمة سكك حديدية وتهوئة وإضاءة. وتعمل العصابات التي تقف وراء هذه الأنفاق على تحسين تقنياتها بشكل مستمر، مما يعكس إستراتيجيات حرب الأنفاق التي تستخدمها جماعات مثل حماس وحزب الله».

في هذا السياق، أظهرت دراسة لمعهد «كاتو» الأميركي عام 2023 أن إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية كشفت بين عامي 2017 و2021، 40 نفقاً على الحدود الأميركية - المكسيكية. وأوضحت الدراسة أنّ نفقاً واحداً يكتشف كل شهر منذ عام 2020، تاريخ بناء ترامب جداراً يمتد لأكثر من 450 كيلومتراً على طول الحدود، إذ بلغ طول الجدار المنفذ خلال ولاية ترامب الأولى أكثر من 720 كيلومتراً.

بالعودة إلى مقالة سبينسر، يبدو أن الكاتب يشيد بتجربة «إسرائيل» في مواجهة أنفاق «حماس» و«حزب الله»، مشيراً إلى أن الجدار الذي بنته إسرائيل مع قطاع غزة، والممتد على أمتار عدة تحت الأرض «أثبت فعاليته في تحييد عمليات الأنفاق عبر الحدود التي تشنها حماس». وقد تجاهل سبينسر عملية «طوفان الأقصى» التي كشفت هشاشة الجدار الإسرائيلي، وقدرة «حماس» على اختراقه. كما تجاهل ظهور مقاتلي المقاومة الفلسطينية وآلياتهم مع سريان وقف إطلاق النار من حيث لا يدري أحد.

وأشار سبينسر على نحو مماثل، إلى قيام «حزب الله ببناء واستخدام الأنفاق في لبنان وسوريا، مما أجبر إسرائيل على تكييف إجراءاتها المضادة باستمرار»، من دون أن يحدد هذه الإجراءات وطبيعتها. علماً أنّ الحرب الأخيرة والتفجيرات التي ينفذها جيش العدو حتى الساعة في الجنوب والمعلومات التي تفيد برغبته تأخير انسحابه من لبنان لاستكمال عملياته في تدمير البنية التحتية للحزب تكشف أن إسرائيل قلما كانت مدركة لمدى تشعب أنفاق الحزب وامتدادها.

في مطلق الأحوال، يذكر سبينسر أن الولايات المتحدة وإسرائيل «أقامتا شراكة لمدة تقرب من عقد من الزمان في مجال اكتشاف الأنفاق وتعزيز القدرات في مجال مكافحتها، ولكن واشنطن لا تزال تحاول اللحاق بالركب في تطبيق هذه الدروس على حدودها الجنوبية».

ويبدو الكاتب ذاته واضحاً في هذا السياق وإن لم يشر إليه صراحةً لناحية حاجة الولايات المتحدة إلى الافادة من التجربة الإسرائيلية، التي لن تألو جهداً لتسويق تقنياتها وتكنولوجياتها في هذا المجال للأخ الأميركي الأكبر، إذ أنّ التجربة الإسرائيلية في استثمار تقنياتها وصناعتها العسكرية وتطبيقاتها العملية سياسياً واقتصادياً غنية في هذا الإطار.

وكان كتاب «مختبر فلسطين... كيف تصدّر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم» للكاتب أنتوني لوينشتاين والصادر بنسخته العربية عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» عام 2024 قد كشف كيف استخدمت إسرائيل ولا تزال أدوات قمعها في فلسطين المحتلة لتسويق أسلحتها العسكرية والإلكترونية حول العالم.

من هذا المنطلق، دعا سبينسر إلى عدم التركيز على الحلول السطحية فحسب؛ بل اعتماد استراتيجية شاملة لأمن الحدود، تعالج التهديدات الجوفية بقوة أيضاً. وتشمل تعزيز تقنيات الكشف عن الأنفاق، وهو ما يتطلّب توسيع نطاق أجهزة الاستشعار الزلزالي، والرادار الذي يخترق الأرض، والمراقبة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنشطة الجوفية قبل أن تصبح جاهزة للعمل.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي