نضال الأشقر تتلمّس دور المسرح بعد الحرب

«ماذا نريد من المسرح الآن؟» تسأل نضال الأشقر. لا تدعي سيدة المسرح وأيقونته أنها تملك جواباً، وإن كانت تملكه فقد احتفظت به لنفسها. ما حصل في المنطقة كبير، والتحولات هائلة، والأسئلة أكثر من الأجوبة. منذ سقوط الإمبراطورية العثمانيّة، كانت المنطقة مسرحاً لأحداث كثيرة، وشهدنا أحد فصولها منذ عام حتى الآن. اليوم، تريدنا الأشقر عبر المسرح أن نكون فاعلين، أن نعتلي خشبته كأبطال ومؤثرين وليس كمجرد كومبارس. خلطت الحرب كل الأوراق في «المدينة» ومسرحها. سرعة التحولات فرضت على الأشقر الاستعجال لمحاولة مواكبتها و«إعادة بث الحياة في المدينة» بعد هول ما أصابها. خلال أسبوعين فقط، كانت حارسة المسرح قد جهزت برنامج «مسرح المدينة»، الذي يمتدّ بدءاً من الشهر الجاري حتى شهر أيار (مايو) المقبل. برنامج وأنشطة مكثفة قادرة على ملء الكثير من الفراغ الذي نعيشه. وهو تماماً ما تريده المسرحية اللبنانية.
يقدّم الكوريغراف والراقص اللبناني علي شحرور عملاً جديداً
في هذا السياق، دعت الأشقر، أي شخص لديه فكرة للتواصل مع «مسرح المدينة» لكي «نفكر سوياً كيف نعيد روحنا ووجودنا وإبداعنا»، مؤكدةً على أنّ المسرح سيستضيف بشكل دوري محاضرات من أهل الفكر والفن والصحافة ومختلف المجالات للنقاش والحديث والبحث في مصير لبنان ومستقبله.
ولأنها تتطلع إلى المستقبل، فإنها تريد الاستثمار فيه. رأت في النزوح ـــ على مرارته ـــ بارقة أمل وفرصة، وهي التي تجيد تحويل الفرص إلى مبادرات، والمأساة إلى إبداع. وأعلنت أنها ستطلق في شهر شباط (فبراير) المقبل «محترف الإبداع للأطفال الذين تُراوح أعمارهم من 8 إلى 13 عاماً والذين لا يزالون نازحين ولم يتمكنوا من العودة إلى بلداتهم وقراهم. وسيتضمن البرنامج رسماً وغناء وموسيقى وحكواتيين. النشاط من تنظيم الأكاديميّة منى كنيعو ويستمر على مدى شهر وهو قابل للتمديد».
وفي ما يختص بالبرنامج، يُعرض في 20 من الشهر الحالي فيلم «مدينتان» (الدعوة عامة) لعمر نعيم، نجل الأشقر والصحافي والفنان فؤاد نعيم. يمزج الفيلم بين التوثيق والسرد، ويسلط الضوء على العلاقة المؤثرة بين والديه اللذين كرسا أيامهما للمسرح والأضواء. ولمحبي الموسيقى العربية الكلاسيكية، موعد في 29 الحالي مع «فرقة الموسيقى العربية لبرنامج زكي ناصيف» في الجامعة الأميركية في بيروت (الدعوة عامة).
ويتضمن شهر كانون الثاني (يناير) عرض مسرحية للمخرج اللبناني يحيى جابر، وعرضاً راقصاً معاصراً مع مؤسس «بيروت فيزيكال لاب»، اللبناني بسام أبو دياب، ومسرحية لجورج خباز (يحدد موعد كل عرض لاحقاً). وسيتضمّن شهر شباط (من 3 حتى 16 منه) إقامة فنية للكوريغراف اللبناني علي شحرور ليتمرن على عرضه الجديد الذي سيقدّمه في «مسرح المدينة» قبل التوجّه به إلى «مهرجان أفينيون» العريق في فرنسا. وسيقدّم الشاعر والإعلامي زاهي وهبي عملاً مع الفنانة الفلسطينيّة سلوى جرادات (يحدد موعده لاحقاً)، إلى جانب عرض كوميدي للممثل الأردني نبيل صوالحه بعنوان «مغامرة في بلاد الأندلس » (يحدد موعده لاحقاً). كذلك، ستُعرض مسرحية للمخرج اللبناني شادي الهبر (يحدد موعدها لاحقاً) ومحترفات إبداع الأطفال كما سبق وأشرنا.
وفي أول آذار (مارس)، ستقدم الكوريغراف والمخرجة اللبنانية ندى كنعو عرضاً راقصاً جديداً، كما ستنطلق سلسلة المحاضرات التي أتينا على ذكرها بعنوان «كيف الخروج مع المأزق؟ ». أما في شهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، فسيقدم «مسرح المدينة» العرض العالمي الأول الجديد لعلي شحرور.
نضال الأشقر في نضال مستمرّ كما المسرح الذي هو «إبداع مستمر». تنتقد المهرجانات العربية التي حوّلت المسرح «إلى شيء لا يشبهه » وتشدّد على أننا «لا يمكن أن نتعلّب وأن نجمّد». رسالتها العطاء «رح نضل نعطي ونعطي ونعطي ونرى ما الجديد الذي يمكننا ابتكاره. لا يمكننا أن نتوقف ونعتقد أننا وصلنا. لا أحد يصل بالفن. السياسيون ربما يصلون ولكن ليس الفن ». تعقّب بذكاء على من أشار إلى أن «السياسيين يصلون ولا يرحلون» بالقول: «هلق صاروا بفلوا. الظاهر ما في خيار!».