توافق أميركي - روسي نادر حول سوريا: مجازر الساحل مستمرّة تحت جنح الظلام

على وقع المجازر في الساحل السوري، والتي ما زالت مستمرة على رغم مرور أيام على إعلان وزارة الدفاع توقف عملياتها العسكرية هناك، والطلب من الفصائل الانسحاب من المناطق الساحلية تمهيداً لدخول «لجنة التحقيق» التي شكّلها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، شهد «مجلس الأمن» الدولي توافقاً نادراً بين الولايات المتحدة وروسيا حول إدانة تلك المجازر. وأصدر «المجلس»، بياناً رئاسياً تمّ تبنيه بعد توافق أميركي - روسي، دان بشكل واضح الجرائم التي شهدها الساحل، وطالب بمحاسبة مرتكبيها، كما حذّر من خطر انتشار الإرهاب والمقاتلين الأجانب في سوريا.
وجاء في البيان: «يدين مجلس الأمن بشدة أعمال العنف الواسعة النطاق، التي ارتُكبت في محافظتي اللاذقية وطرطوس منذ 6 آذار، والتي شملت عمليات قتل جماعي للمدنيين، ولا سيما في صفوف الطائفة العلوية. كما يدين بشدة الهجمات التي تستهدف البنية التحتية المدنية، بما فيها المستشفيات، ويعرب عن قلقه البالغ إزاء تأثير هذا العنف على تصاعد التوترات بين المجتمعات المحلية في سوريا، ويدعو جميع الأطراف إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والأنشطة التحريضية، وضمان حماية جميع المدنيين والبنية التحتية المدنية والعمليات الإنسانية».
وفي وقت شدّد فيه المجلس على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، أعرب عن قلقه البالغ إزاء «التهديد الخطير الذي يشكّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب». وقال إن «هذا التهديد قد يؤثّر على جميع المناطق والدول الأعضاء (...) يحثّ مجلس الأمن سوريا على اتخاذ تدابير حاسمة لمواجهة التهديد الذي يشكّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، ويؤكد على التزامات سوريا بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب».
كذلك، رحّب المجلس بـ«إدانة السلطات السورية المؤقتة العلنية لحوادث العنف»، ودعا إلى «اتخاذ مزيد من التدابير لمنع تكرارها، بما في ذلك العنف ضد الأشخاص على أساس العرق أو الدين أو المعتقد، وإلى حماية جميع المدنيين في سوريا من دون تمييز». كما شدّد المجلس على أهمية العدالة والمصالحة من أجل سلام مستدام في سوريا، داعياً إلى تنفيذ عملية سياسية شاملة، بقيادة سورية وملكية سورية، وبتيسير من الأمم المتحدة، وبالاستناد إلى المبادئ الأساسية الواردة في القرار 2254 (الصادر عام 2015).
وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مقتل 24 شخصاً، أمس، و94 شخصاً أولَ أمس
وجاء بيان المجلس في وقت أعلن فيه «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي ينشط من لندن، أنه قام بتوثيق مقتل 24 شخصاً، أمس، و94 شخصاً أولَ أمس، على رغم أنه من المفترض أن عمليات القتل قد توقفت. وفي هذا السياق، ذكر سكان محليون، في حديثهم إلى «الأخبار»، أن الجرائم تنشط بشكل كبير مع حلول المساء، حيث يقوم مسلحون بقطع الطرقات وتفتيش السيارات المارة، وقتل من يثبت أنه علوي، إلى جانب عمليات الإحراق المستمرة للأراضي الزراعية والغابات والأحراج.
وفي غضون ذلك، وبعد جدل واسع في الأوساط السياسية والشعبية العراقية، وصل وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة المنتهية ولايتها، أسعد الشيباني، إلى بغداد في زيارة هي الأولى من نوعها، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع مسؤولين عراقيين. وفيما تأتي زيارة الشيباني بعد أيام من لقاء خماسي في العاصمة الأردنية عمّان في سياق المساعي التركية لتشكيل تحالف من دول جوار سوريا لمحاربة تنظيم «داعش»، بهدف سحب ذريعة الولايات المتحدة التي تدعم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ودفعها إلى الخروج من سوريا، فقد بحث الوزير باستفاضة، مع نظيره العراقي فؤاد حسين، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تشكيل غرفة عمليات لمحاربة تنظيم «داعش».
وسبق الزيارة التي أجراها الشيباني، لقاء مع وفد تركي يضم وزيري الخارجية حاقان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، في دمشق، تناول موضوعات عديدة، من بينها الاتفاق الذي أُبرم بين الشرع وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، ومحاربة الفصائل الكردية التي تعتبرها تركيا «إرهابية»، بالإضافة إلى سبل توسيع أنقرة نفوذها العسكري في سوريا، بما يشمل إقامة قاعدة جوية في مطار منغ في ريف حلب.
وفي لقاء تلفزيوني، وصف فيدان زيارته الأخيرة إلى دمشق بأنها «جيدة ومثمرة»، وقال إنه «لدينا في تركيا مصالح حيوية، وعلى رأسها أمننا، فقد كانت هناك منظمات إرهابية استغلت الأوضاع في سوريا، وكان من الضروري مناقشة هذه القضايا، إلى جانب استعراض التطورات الحالية ومناقشة ملفات أخرى مثل الطاقة والمساعدات».