لا «ميلاد» في حلب: المسيحيون يسترجعون كوابيسهم صفاء صلال

دمشق | «هل سنُصلب ونُجلد؟»، تتساءل روز (35 عاماً)، الشابة التي تقطن في حي السليمانية في حلب، والذي يُعدّ واحداً من سبعة أحياء رئيسية يتوزّع فيها مسيحيّو حلب. ولا تخفي الشابة قلقها من التعامل الأوّلي «اللطيف» لمسلّحي «هيئة تحرير الشام»، إذ سرعان ما كشّر هؤلاء عن أنيابهم، كاشفة، في حديث إلى «الأخبار»، أن أحد المسلحين قال لها: «حطّي طاقية على راسك ثاني مرّة وإنت نازلة على السوق». ويُعاكس ما تقدّم السردية الإعلامية التي تسعى «الهيئة» إلى تسويقها، عبر إنتاج مواد مصوّرة تتضمّن لقاءات مع حلبيين مسيحيين يتحدّثون عن «السلمية» التي يعاملهم بها مسلّحو «تحرير الشام»، والتزام «الهيئة» بضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الأطياف.
وتلفت الشابة أيضاً إلى الارتفاع الجنوني في الأسعار في أسواق المدينة، بحوالى ضعفي ما كانت عليه قبل سيطرة «تحرير الشام» على حلب، إذ تُعدّد بعض المواد الغذائية التي اشترتها: «ربطة الخبز بـ12 ألف ليرة سورية، و20 ألفاً لكيلو البطاطا، والليتر الواحد من الزيت بـ30 ألفاً، والبندورة بـ15 ألفاً للكيلو الواحد». كذلك، تلفت روز إلى أن مسلّحي «تحرير الشام» يشغلون التكبيرات والأناشيد الإسلامية الخاصة بهم عبر مكبرات الصوت في الأحياء السكنية، كما فرض هؤلاء حظراً للتجوال على السكان من الساعة السابعة مساءً حتى السابعة صباحاً.
«إنها المرّة الأولى التي نتنكّر فيها من حقيقتنا ليس احتفالاً، إنّما خوفاً وقلقاً من الإرهابيين»
ومن جهته، امتنع جورج (60 عاماً) عن الاحتفال بعيد البربارة والذهاب إلى القداس، وفقاً لما اعتاد عليه منذ طفولته، إذ يقول، لـ«الأخبار»: «إنها المرّة الأولى التي نتنكّر فيها لحقيقتنا، خوفاً وقلقاً من الإرهابيين». ودخل مسلّحو «الهيئة» إلى منزل الرجل، مساء السبت، ليدقّقوا في هويّته ويلقوا نظرةً على المنزل الذي يتصدّر الصليب بابه. وعن ذلك، يتابع: «دقائق من الخوف لا أعرف كيف مرّت عليّ وسط دوامة من التخيلات في رأسي، هل سيقومون بصلبي»، مضيفاً: «الدقائق السابقة مرّت ثقيلة، لكن كيف ستكون أيامنا المقبلة وسط سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينتنا ونحن من الأقليات. ما لم تسترجع الدولة السورية السيطرة على المدينة، سنكون أمام أيام صعبة جداً على جميع الحلبيين».
وتستذكر جويل (28 عاماً)، وهي من سكان حي السريان الجديدة، بدورها، في حديثها إلى «الأخبار»، تحضيرات عيد الميلاد في السنوات السابقة، بدءاً من تزيين شجرة الميلاد والمغارة وصولاً إلى الصلاة في الكنيسة والكورال وسهرة العائلة والأصدقاء. وتلفت إلى أنه في ليلة الميلاد، عادةً ما يشاركها أصدقاؤها المسلمون التحضير والاحتفال، لكن «أفتقدهم كثيراً هذه الأيام». وتضيف: «سنكتفي هذا العيد بالصلاة في منازلنا ونردّد ترنيمة العيد: ليلة الميلاد… تدفن الحرب». وتبدي الشابة قلقها على عائلتها وأبناء طائفتها، ولا سيما مع انتشار فيديو للعبث بشجرة ميلاد وإسقاطها من قِبَل المسلحين أمام كنيسة مار جرجس للروم الكاثوليك في منطقة السليمانية.