الأردن يكمل استدارته: هذا أوان مصالحة سوريا
مع مرور قرابة عشرة أيام على الزلزال الكارثة، يتواصل توسُّع حركة الانفتاح العربي على دمشق، والتي سجّلت أمس خرقاً نوعياً بزيارة وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، لسوريا، بعد زيارة نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد، للبلد المنكوب. وإذ تُتوّج المملكة، بذلك، مساراً طويلاً من محاولات التقارب من الجار السوري، بدأتْه منذ قرابة عامَين بطرح ملِكها عبد الله الثاني «ورقته» للحلّ السوري، والتي وُوجهت بعرقلة أميركية غير خافية، فإن حلفاء واشنطن في المنطقة يُظهرون ميلاً متزايداً إلى الانفصال عن مقارباتها التصعيدية والمتطرّفة إزاء الملفّ السوري، وهو ما لم يكن الحال قبل تاريخ السادس من شباط. وبينما تجد الولايات المتحدة نفسها، الآن، مضطرّة إلى السكوت عن حركات «التمرّد» تلك، بما فيها إرسال السعودية طائرات إغاثة إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، جرّاء الحملة العالمية ضدّ عقوباتها المفروضة على سوريا، فهي لا تجد مناصاً من خوض معارك على جبهات أخرى، من بينها مجلس الأمن الدولي حيث حاولت تمرير قرار يُحمّل دمشق مسؤولية المأساة الإنسانية المتفاقمة في الشمال السوري، قبل أن تُجهض الأولى محاولتها بإعلان موافقتها على فتْح معبرَين إضافيَّين من أجل تمرير المساعدات الأممية إلى المنكوبين هناك. لكن، وعلى قاعدة «عنزة ولو طارت»، لا تتردّد واشنطن وحلفاؤها الغربيون في مساوقة جهود رجل «القاعدة» السابق، أبو محمد الجولاني، المصنّف على لوائحهم السُّود للإرهاب، في الاستثمار في الكارثة، عبر تقديم منابر إعلامية له من أجل تلميع صورته، ومواراة فشله، هو وجميع الفصائل الموالية لتركيا، في تقديم ولو نموذج بسيط من الحوكمة، كان بإمكانه التخفيف عن الناس معاناتهم في هذه الظروف الاستثنائية. في هذا الوقت، تُواصل الحكومة السورية إحصاء الأضرار في المناطق المنكوبة، وسط صعوبات كبيرة في الحصر والإيواء والتعويض وتأمين الاحتياجات الإنسانية، فضلاً عن إعادة الإعمار، وهو واقع تقع في قلْبه محافظة اللاذقية التي شكّلت على مدار السنوات الماضية ملجأ للفارّين من نيران الحرب، قبل أن يأتي الزلزال ويزعزع الاستقرار النسبي الذي كان قائماً فيها. على المقلب التركي، يُواصل عدّاد الخسائر البشرية صعوده المتسارع، فيما بدأت تَظهر تقارير أوّلية بخصوص الخسائر الاقتصادية المُقدَّرة، تشي جميعها بأن تركيا ستكون مُقبلة على تحدّيات كبرى وجمّة، ربّما على امتداد سنوات. وعلى رغم هول الفاجعة، وضخامة تداعياتها، لا ينفكّ الاستثمار السياسي يسفر عن وجهه متصدّراً المشهد بلا استحياء، وخصوصاً على ضفّة المعارضة التي لم تَعُد تجد حرجاً في المطالبة بإجراء الانتخابات المقرَّرة في موعدها الذي كان قد حدّده الرئيس رجب طيّب إردوغان، فيما بدأت الأوساط الموالية للأخير تُروّج لحتميّة تأجيل الاستحقاق، نظراً إلى الصعوبات التي سيواجهها عقْده في المناطق المنكوبة