دمشق | وجّه اقتراع الرئيس بشار الأسد وعقيلته في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، صباح أمس، الأنظار نحو دلالات سياسية التقطها المتابعون لمجريات حملته الانتخابية. فعاصمة «جيش الإسلام» ما عادت «بيئة حاضنة» لمسلّحيه، بل تبرّأت من وزر وصمها بمسلّحي التنظيم وممارساتهم، عبر استقبالها الرئيس الذي أدلى بصوته الانتخابي في مجلس المدينة، مثنياً على أهالي دوما. وبهذا، تكون إطلالة الرئيس أمس، هي الثانية خلال شهر واحد من دوما، بعد إطلالته السابقة من الجامع الأموي مؤدّياً صلاة العيد، مع ما تحمله الزيارتان من رسائل إلى جهات إقليمية مثّلت رأس حربة في الحرب ضدّ الدولة السورية. وعزّزت هذا الظهور الواثق معطيات أخرى متعلّقة بالعملية الانتخابية، حيث يمكن لـ 18 مليون ناخب داخل سوريا وخارجها، الإقتراع في 12 ألف مركز انتخابي، بما يزيد بنسبة كبيرة على انتخابات عام 2014، التي لم يكن يحقّ خلالها سوى لـ16 مليون ناخب المشاركة في الداخل والخارج، موزّعين على 9 آلاف صندوق انتخابي فقط. ويعزو البعض هذه الزيادة إلى عودة أعداد من النازحين خلال العامين الفائتين، إضافة إلى ازدياد عدد أبناء شريحة الشباب الذين تجاوزوا 18 عاماً بعد انتخابات 2014. وجاءت مشاركة تلك الشريحة التي يحق لها الانتخاب للمرّة الأولى، كثيفة ولافتة.[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
وتمّت مواكبة الحدث السوري عبر 132 وسيلة إعلامية تواجد مراسلوها على الأراضي السورية، إذ قُدّر عدد الصحافيين الموكلين بالتغطية الإعلامية بـ290 صحافياً من سوريا وخارجها. ويُجمع كثير من هؤلاء على أن الإقبال بدا مهولاً مع الدقائق الأولى لفتح صناديق الاقتراع، ولا سيما تلك المتوزّعة على الجامعات والمعاهد والدوائر الحكومية والوزارات. حتى إن بعض الصناديق أُغلقت مع اقتراب الساعة الواحدة ظهراً، بسبب امتلائها بالمغلّفات الانتخابية، ما أدّى إلى طلب صناديق جديدة. ويأتي ذلك على رغم كلّ التصريحات الدولية التي ترفض الاعتراف بشرعية الانتخابات، وبذلت جهودها في التشويش على حملة تشجيع السوريين على المشاركة في ممارسة حقهم الانتخابي. ولعلّ أبرز تلك المحاولات أتت من الجنوب السوري، في ريف درعا، الذي شهد دعوات للإضراب العام ومقاطعة الانتخابات. وعلى رغم مشاركة الأهالي الخجولة في الإدلاء بأصواتهم في الريف، إلا أن المسلحين لجأوا إلى تفجير عبوة ناسفة قرب دوّار المحافظ في مدينة درعا، إضافة إلى إطلاق النار على الشرطة في نوى لمنعهم من وضع صناديق انتخابية فيها.
شهد ريف درعا دعوات للإضراب العام ومقاطعة الانتخابات


وباعتبارها المرّة الأولى التي تشهد البلاد فيها ترشّح شخصية محسوبة على «المعارضة الوطنية»، فقد تناقلت وسائل الإعلام صور وتصريحات المرشّح «المعارض» محمود مرعي، الذي أدلى بصوته وسط العاصمة السورية، فيما أدلى المرشح عبدالله سلوم عبدالله بصوته في مجلس الشعب السوري. وجالت الوفود الصحافية من الدول العربية والأجنبية بين المراكز الانتخابية من غير تنظيم برنامج مسبق للجولات، مترافقة مع دعم إعلامي غير مسبوق من الجهات الرسمية لتسهيل تحرّك الصحافيين، ولا سيما عبر المركز المُحدَّث في وزارة الإعلام، وهو مركز للاقتراع وتوفير الخدمات اللوجيستية للإعلاميين أثناء مواكبتهم أخبار العملية الانتخابية، ومركز آخر في فندق «داماروز» قدّم الاستوديوهات وما يلزم المراسلين لظهورهم في رسائل البثّ المباشر وخلال النشرات الإخبارية. ولم يصل اليوم الانتخابي السوري إلى منتصفه، إلا وقد أعلنت اللجنة القضائية العليا تمديد ساعات الانتخاب حتى منتصف الليل، بسبب الإقبال الشعبي الكبير.
وكانت وصلت رسائل هاتفية إلى مشتركي شركة الاتصالات «MTN»، تُعلن توافر حافلات من ساحة العباسيين والأمويين إلى باقي المناطق لنقل الراغبين في الاقتراع، في ظلّ أزمة الوقود التي لم تنفرج بعد، فيما شهدت أحياء دمشق تظاهرات احتفالية، بحضور فعاليات وأعضاء مجلس الشعب، مع الاستمرار في التقاطر على الصناديق الانتخابية. وليس خافياً الاهتمام الكبير الذي أولته الدولة السورية للانتخابات الرئاسية التي جرت أمس، من خلال الحرص على صورة غير مسبوقة في التعامل مع العملية الانتخابية، إلا أن حملة المرشح والرئيس الحالي، بشار الأسد، فاقت التوقعات من حيث الكثافة والحضور، إذ تسابقت الفعاليات الاقتصادية والشعبية إلى وضع اللافتات الدعائية المؤيدة للرئيس الأسد، الذي رفع شعاراً مختلفاً هذه المرة، بما يحفّز حماسة مؤيّديه نحو أمل بعهد قادم، عبر التأكيد على الإنتاج والإعمار، كعنوان لفترته الرئاسية الممتدة على سبع سنوات جديدة. وإذ اكتست ساحة الأمويين بصور الأسد، كسائر ساحات العاصمة، فإن البعض رأى في شعار «الأمل بالعمل»، شعاراً كبيراً، ساهم بإعادة شحن حماسة الناس نحو تغيير ما، سيعمل الأسد على إنجازه.