بدأ مصرف سوريا المركزي سلسلة إجراءات تهدف إلى تقييد التحويلات النقدية من خارج البلاد ومحاولة حصرها عبر شركات التحويل المرخّصة رسمياً، وهو ما يعني صرفها بالليرة السورية وفق السعر المحدد من قبله، لا وفق سعر السوق السوداء.وفي بيان لافت صدر أمس، حذّر المصرف المواطنين السوريين من تسلم مبالغ مالية محوّلة من الخارج عن طريق وسطاء يسلّمونها باليد، لا عبر شركات تحويل الأموال المرخّصة.
وذهب إلى التنبيه إلى أن بعض هؤلاء الوسطاء «يعملون ضمن شبكات موجودة ضمن مناطق تنشط فيها المجموعات الإرهابية، وبعضهم مرتبط بهذه المجموعات أو لديه سوابق جرمية»، وهو ما أدى إلى «ربط الأشخاص الذين تسلموا الحوالات عن طريقهم بنشاطهم الجرمي، سواء المرتبط منه بالصرافة غير المرخصة والتعامل بغير الليرة السورية أم المرتبط بالتنظيمات الإرهابية وتمويلها».
البيان حمل تحذيراً شديد اللهجة، من شأنه أن يدفع العديد من المواطنين إلى التخلي عن طريقة التحويل هذه، رغم أنها كانت تحافظ على أصل المبلغ المحوّل، مقارنة بما سيتم تسلمه من خلال شركات التحويل، إذ يعتمد نشاط المصرف المركزي المنسّق مع «هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» على المرسوم الرقم 3 (الصادر في 18/01/2020)، والذي عدّل المرسوم التشريعي الرقم 54 لعام 2013 المتعلق بمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات.
وتصل العقوبات المطبقة وفق المرسوم الجديد إلى «الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات، والغرامة المالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة»، وذلك إلى جانب «مصادرة المدفوعات أو المبالغ المتعامل بها أو المعادن الثمينة لصالح مصرف سوريا المركزي».

لماذا يعتمد السوريون على «الوسطاء»؟
ذكر المصرف المركزي، في بيانه أمس، الشركات المرخّصة من قبله، والتي يمكن للسوريين تسلم المبالغ عبرها من الخارج، ولكن ذلك يعني خسارتهم لجزء كبير من قيمة التحويلات.
ويعتمد عدد كبير من السوريين على تحويل الأموال عن طريق وسطاء أو شركات غير رسمية تتقاضى رسوماً على التحويلات، ولكنها تسلّمها بالعملات الأجنبية أو وفق سعر الصرف المتداول (السوق السوداء).
وتختلف قيمة التحويلات بشكل كبير حين اعتماد الشركات المرخّصة، إذ يجب على الشركة اعتماد نشرة المصرف المركزي التي تحدد سعر صرف الليرة إلى الدولار الأميركي، حين تسليم الحوالة؛ وبينما يعتمد المركزي لهذه الحوالات سعر 700 ليرة لكل دولار، يصل سعر الصرف المتداول إلى حدود 1900 ليرة لكل دولار، أي إن قيمة الحوالة المسلّمة عبر الشركات الرسمية قد تنخفض إلى حدود 40% من أصل المبلغ المحوّل.

وقف شركات «مخالفة»
بعد يوم واحد على البيان، أصدرت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد تعميماً يقضي بوقف عمل ست شركات تحويل أموال «تحت طائلة إلغاء الترخيص الممنوح» لها، وذلك بناءً على «كتاب مصرف سورية المركزي المتضمن مخالفة هذه الشركات للقرارات الناظمة لعملها وتكرار هذه المخالفات».
وشمل القرار شركات «إرسال ــ حافظ ــ فرعون ــ شامنا ــ آراك ــ ماس»، والتي قال المصرف إنها ارتكبت مخالفات تضمنت «المضاربة على سعر صرف الليرة السورية وتنفيذ عمليات صرافة غير مرخصة مع تسليم حوالات مجهولة المصدر على نحو مخالف للترخيص الممنوح لشركات الحوالات المالية المذكورة».
وأشار المركزي إلى أن تعميم الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد بحق الشركات المخالفة هو «مؤقت لغاية اتخاذ القرار النهائي بخصوصها».

تقييد نقل الأموال في الداخل
توازياً مع ما سبق، قرر المصرف المركزي تقييد حجم الأموال المنقولة (بشكل شخصي) مع المسافرين، في خطوة يبدو أنها تستهدف التضييق على عمل الوسطاء غير الرسميين، الذين ينقلون الأموال خارج الشركات المرخّصة.
وقال المركزي في بيان اليوم، إنه «حرصاً منه على سلامة الإخوة المواطنين وأموالهم، وتجنباً لتعرضهم لأية مخاطر محتملة أثناء عمليات نقل الأموال؛ أصدر المصرف تعميماً يُهيب فيه الأخوة المواطنين بعدم نقل الأموال بالليرة السورية بين محافظات القطر (برفقة مسافر) لمبالغ تزيد عن خمس ملايين ليرة سورية».
وأكد أن المبالغ التي تزيد على هذا الحد يجب تحويلها «عن طريق المصارف وشركات الحوالات المالية المرخصة».
ومن شأن هذه الخطوة، نظرياً، أن تزيد حجم الأموال التي تدخل المصارف لإتمام التحويلات، وهي تتكامل مع قرار حكومي سابق، ألزم إتمام عقود الشراء والبيع عبر تحويلات مصرفية، لا نقدية مباشرة.