مصدرٌ مطلّع يُشير إلى «الأخبار» أن القرار كان قد اتخذ قبل اللقاء الأخير للنجمة مع الصفاء، الذي وجّه خلاله بعض مشجعي «النبيذي» الشتائم لرئيس نادي السلام زغرتا، الأب اسطفان فرنجية، وللاتحاد اللبناني لكرة القدم، على خلفية عدم العفو عن المدرب التونسي طارق جرايا، الذي كان موجوداً على المدرجات يومها. بل إن القرار بإقامة مباراة النجمة والسلام جاء بعد جلسة الاتحاد، التي لم يُعفَ خلالها عن المدرب التونسي، علماً بأن اتحاد الكرة لم يُصدر في تعميمه أي بند يتحدّث عن هذا الموضوع، ولم يخرج أي من أعضاء الاتحاد لشرح الأسباب التي دفعت ستة من أعضائه إلى التصويت ضد العفو. من جهة اُخرى، يسأل مشجعو النجمة عمّا إذا كان القرار قد جاء بسبب الشتائم التي وُجّهت للاتحاد في المباراة السابقة؟ فالبند الأول في تعميم الاتحاد، الذي يقرّ أن تُخاض المباراة من دون جمهور، لا يستند إلى أي مادة في نظام العقوبات الخاص بالاتحاد، على عكس البند الثامن في التعميم الأخير، الذي يُغرّم نادي النجمة مليون ليرة لبنانية، سنداً إلى المادة 1_22. أما جمهور السلام، فيسألون من جانبهم عن الذنب الذي اقترفوه في حرمانهم من متابعة فريقهم إذا كانت العقوبة مفروضة على غيرهم؟ المسألة أساساً ليست بمنع جمهور النجمة والسلام من حضور المباراة، بل بالمنع، كفعل، كقرارٍ «مجحف» بحق المشجعين. ما نواجهه هنا، هو «استسلام» للسُلطة المتمثلة بالاتحاد. ومن خلف ذلك، «استسهال» واضح، أو ما يبدو للمتابعين على أنه «استسهال»، في مسألة منع الجمهور «عالطالعة والنازلة»، بدلاً من الإجراءات الأخرى التي يمكن اتخاذها عندما تحدث تجاوزات، أو عندما تكون «المخاوف الأمنية» جدية. يجب أن يكون واضحاً أن مهمة الاتحاد هي «ضبط» اللعبة وتنظيمها. وإن كان حكم المباراة الرابع في مباراة النجمة والصفاء (الأخيرة) لم يجد لوحة التبديلات، وصار يصرخ للاعبين بأرقامهم لكي يخرجوا من الملعب، ليس غريباً أن يكون «الجو» مؤاتياً كل مرة لمنع الجمهور.
يسأل نجماويون عمّا إذا كان القرار جاء بسبب الشتائم
في أي حال، موضوع منع الجمهور يعيد فتح ملف الأمن في الملاعب. الملف الذي «يتذرع» فيه اتحاد الكرة في كل مرةٍ تمنع فيها الجماهير من مشاهدة فرقها في الملعب، بسبب المشاحنات الطبيعية التي تحصل بين الجماهير في كل دوري في العالم، وأقل حتى. الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، يُشير في موضوع الحماية الأمنية للمباريات، الى أن المسؤولية تقع على عاتق اتحاد الكرة، «الذي يجب أن يوظّف أشخاصاً أكفاء ومدربين مهنياً لأداء الواجبات المطلوبة منهم في إدارة عمليات الأمن والسلامة في المباريات». ذلك يشمل الأمن الوطني، وأمن الملعب، والأمن الخاص. في لبنان، يغيب أمن الملعب والأمن الخاص، ويبقى الأمن الوطني، الذي يضم أفراد الجيش والقوى الأمنية. فالمباريات التي تقام بتنظيم اتحاد الكرة لا يحضرها سوى بعض الموظفين على أبواب الملاعب الداخلية، تنحصر مهمتهم بقطع البطاقات، وشخصين أو ثلاثة في المنصة الرئيسية، لترتيب حضور الشخصيات الحاضرة والصحافيين والإعلاميين. مجموع الموظفين لا يتخطى الـ 15 في أغلب المباريات، بل أقل في الملاعب التي يدخلها الجمهور سوى من بوابات قليلة. وبعد دخول الجماهير إلى المدرجات، ينتهي عمل الموظفين. القوى الأمنية من جهتها تنتشر خارج الملعب، على أبوابه الخارجية والداخلية، وفي داخله. لا عيبَ في ذلك، رغم أن مشهد الأسلحة في الملاعب غير لائق، ويجب أن يوضع حلّ حاسم لهذه المسألة.
«يُقال»، إن قرار منع حضور الجماهير في مباراةٍ معيّنة يأتي من القوى الأمنية أولاً، لا من الاتحاد. الأسباب إما «للحفاظ على السلم الأهلي»، أو لانشغال القوى الأمنية بأحداث أخرى، كالمهرجانات مثلاً. يبدو الحل سهلاً بتوظيف أمنٍ خاص للملاعب، عبر ميزانية سنوية تحددها وزارة الشباب والرياضة. هكذا، يمكن لأمن الملعب والأمن الوطني التعاون في تنظيم المباريات، وأقلّه، الحضور على المدرجات، بدلاً من انتظار وقوع الإشكالات والتدخّل لاحقاً. ويمكن أيضاً تغريم المتسببين بالضرر وتحديدهم. لكن ما نشهده منذ سنوات وحتى الآن هو «الاستسهال»، أي منع الجمهور. في العام الماضي، سلّم اتحاد الكرة تنظيم مباراة لبنان وكوريا الشمالية ضمن تصفيات كأس آسيا «الإمارات 2019» لشركة خاصة، رغم أن الحضور الجماهيري كان قليلاً، إلا أن موظفي الشركة أخرجوا اللقاء بطريقة جيدة، تماماً كما فعلت شركة خاصة أخرى في مباراة «كلاسيكو الأساطير» في ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية. الخصخصة ــــ عبر مؤسسات الدولة ــــ يمكن أن تكون حلاً، شرط أن تخضع لمناقصة قانونية، يشرف عليها ديوان المحاسبة، وتراقب وفقاً للأطر القانونية، لا أن تحدث الأشياء كما تحدث في كل مرة، كحادثة «اختفاء» لوحة التبديل من ملعب طرابلس، كما حدث أخيراً.