غزة | من بين أهداف العملية العسكرية في محافظة شمال قطاع غزة، وفقاً لما أظهره تدحرج العملية البرية المستمرة منذ 25 يوماً في المنطقة، القضاء على لواء «الشمال» التابع لـ«كتائب القسام»، وهو واحد من أكثر ألوية الكتائب شراسة وقوة، ويعد صاحب الذراع الأطول والأكثر تأثيراً في هجوم «طوفان الأقصى». ورغم أن اللواء تعرّض لضربات شديدة التأثير باغتيال كامل الصف القيادي الأول فيه، في نهاية العام الماضي، فإن عمليات التوغّل الثلاث التي استهدفت مخيم جباليا قدّمت معطيات مغايرة عن تقديرات الاحتلال. إذ تكرّر بعد أشهر عدة أعقبت كل عملية كبرى، إعلان جيش العدو أن «كتائب القسام» أعادت بناء قدراتها العسكرية في شمال القطاع. وبعيداً عما يقدّمه الاحتلال من مبرّرات لشن المزيد من عمليات القتل والتدمير الممنهج للأحياء التي يتوغّل فيها، فإن ما أثبتته العملية الحالية في محافظة شمال القطاع، بما في ذلك الهجوم الجوي والبري والإطباق الاستخباري المكثّف، هو أن المقاومة استطاعت تنظيم قدراتها الدفاعية على نحو يسمح بتحوّل المناورة البرية إلى استنزاف للعدو. ولعل هذا السقف يتوافق بشكل موضوعي مع الحرب المستمرة منذ أكثر من عام كامل، والتي تتركّز في حيّز جغرافي محاصر ومستنزف على الصعد كافة.
استمرار الواقع على هذا الشكل يعرقل كل المشاريع المرتبطة بهدف «التطهير»


لكن اللافت لم يكن توزيع الجهد المقاوم على المدة الزمنية للعملية البرية فقط، إنما الضرب في المساحات التي يتوقّع العدو أنها آمنة. ومن ذلك، تمكّن «كتائب القسام»، خلال الأسبوع الجاري، من تنفيذ 4 عمليات جريئة جداً، بالقرب من المقبرة الشرقية لمخيم جباليا، وهي منطقة جرداء وساقطة بالنار وتمثّل موقع تمركز وإمداد للقوات المتوغّلة في عمق المخيم وأحياء بيت لاهيا. ودفعت تلك العمليات المؤثّرة جيش العدو إلى سحب قواته تماماً. وأعلنت «كتائب القسام»، أمس، عن سلسلة من العمليات التي أبلغ عنها المقاومون بعد عودتهم من خطوط القتال. وقال «الإعلام العسكري» التابع للكتائب إن المقاومين أبلغوا عن استهداف ناقلة جند من نوع «اشزاريت» بقذيفة من نوع «الياسين 105» وجيب «همر» بقذيفة مضادة للدروع وجرافة عسكرية من نوع «دي ناين» بعبوة أرضية شمال شرق المقبرة الشرقية لمخيم جباليا. كما أكد المقاومون تفجير ناقلة جند بعبوة «شواظ» واستهداف دبابة «ميركافا» بعبوة أخرى من النوع نفسه، ثم وعقب وصول وحدات الصيانة، تم استهدافها بعبوة مضادة للأفراد وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح في مشروع بيت لاهيا. أيضاً، تحدّثت «كتائب القسام» عن استهداف جرافتين عسكريتين من نوع «دي ناين» بقذيفتي «تاندوم» وجرافة ثالثة بقذيفة من نوع «الياسين 105» في شارع الترنس في مخيم جباليا. وفي بيان آخر، قال «الإعلام العسكري» إن مقاومي «القسام» أبلغوا عن تمكّنهم من تدمير دبابتي «ميركافا» بعبوة شديدة الانفجار قرب مفترق الرزان، وعبوة برميلية قرب مفترق السكافي، واستهداف دبابة ثالثة بقذيفة من نوع «الياسين 105» في مشروع بيت لاهيا. وإضافة إلى ما سبق، كشفت تحقيقات جيش الاحتلال أن المقاومة تمكّنت من إعادة تدوير قذائف صاروخية وقنابل لم تنفجر، واستخدمتها في تفخيخ عشرات المنازل التي نصبت فيها كمائن للعدو، وأن فعالية العبوات المعاد تدويرها شديدة التأثير.
ويشير قياس الزخم الميداني المترافق مع محاولة تدمير «لواء الشمال»، إلى أن استمرار الواقع على هذا الشكل، يعرقل كل المشاريع المرتبطة بهدف «التطهير»، إذ تحافظ المقاومة على قدرتها المستمرة على الفعل والتكيّف وصناعة وسائل التعطيل والاستنزاف. ومعنى ذلك، أنه تعذّر حتى اليوم الحصول على بقعة واحدة يمكن أن يجرّب فيها العدو مخطط «الفقاعات الإنسانية»، كما أن الأمور لم تستوِ لأن يغامر جيش العدو في توزيع المساعدات والقيام بدور الحكومة العسكرية والمدنية للقطاع. إذ إن هذا الطموح لا يحتاج فقط إلى القضاء على آخر جيوب المقاومة، وإنما أيضاً إلى طمس فكرتها وجذورها في شعب يمتلك كل أهله ثأراً شخصياً مع إسرائيل.