قالت مصادر مطّلعة، إن المجلس المركزي لمصرف لبنان، ناقش أمس، على مدى ثلاث ساعات، مسألة تمويل حاجات الدولة بالعملة الأجنبية، على إثر مطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأمين 200 مليون دولار شهرياً من خلال شراء الدولارات من السوق. وتشير إلى أن ميقاتي أبلغ مطلبه للحاكم بالإنابة وسيم منصوري، في اجتماع عُقد قبل انعقاد جلسة المجلس المركزي مباشرة، لكنّ المجلس لم يوافق على ذلك نظراً إلى صعوبة جمع كل هذا المبلغ من السوق خلال الفترة المقبلة.وبحسب المصادر، فقد أثار منصوري مطلب ميقاتي بتفاصيله في الاجتماع، ونقل عنه أنه يريد تسديد 35 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة على أربعة أشهر، لتمويل أدوية السرطان، أي ما يفوق قيمة رصيد حقوق السحب البالغة 115 مليون دولار. وبالتالي، إن نفاذ هذا المبلغ يوجب على مصرف لبنان، في سياق تأمين حاجات الحكومة بالعملة الأجنبية، أن يجمع الدولارات من السوق، أي أن يشتريها من السوق، وهذا يضع الأمر أمام عقبتين: الأولى أنه سيضخّ في السوق مبلغاً كبيراً من الليرات شهرياً وهو ما قد ينعكس مباشرة على سعر الصرف، والثانية أن جمع مبلغ 200 مليون دولار من السوق يتطلّب إخضاع عمليات الشراء إلى قواعد الامتثال، أي معرفة مصادرها والتأكّد من شرعية الأموال، وإلا سيكون مصرف لبنان معرّضاً لعقوبات أميركية.
لكن اللافت، بحسب المصادر، أن ميقاتي ضمّن مطلبه شراء الدولارات من السوق لجمع مبلغ 40 مليون دولار لتسديد مستحقات للبنك الدولي، كأولوية تليها مسألة تمويل رواتب العاملين في القطاع العام، فضلاً عن حاجات القوى الأمنية والإدارات العامة.
النقاش بين أعضاء المجلس المركزي، تركّز حول مدى فاعلية الاستمرار بتسديد رواتب العاملين في القطاع العام بالدولار طالما أن الهامش بين سعر السوق وسعر صيرفة صار ضيقاً جداً ولا يتخطى 5%، وبالتالي اقترح بعض الأعضاء أن تقوم الحكومة بزيادة الرواتب بدلاً من الاستمرار في الطلب من مصرف لبنان جمع الدولارات لحسابها، وأن يتم الاكتفاء بتمويل حاجات القوى الأمنية فقط بالعملة الأجنبية. النقاش لم يخلص إلى نتيجة نهائية وحاسمة، إذ كان هناك رأي آخر يشير إلى أن تسديد الرواتب بالليرة سيضخّ أيضاً كمية من الليرات في السوق قد تتحوّل إلى ضغط على سعر الصرف.
وفي السياق نفسه، اتّخذ المجلس قراراً بأن يعمل على تحويل الأموال التي تجبيها مؤسسة كهرباء لبنان بالليرة، إلى دولارات من أجل تأمين تمويل استيراد المحروقات اللازمة لتشغيل المعامل وتسديد أكلاف التشغيل للمورّدين. المشكلة أنه في الفترة الماضية كانت المؤسسة قد جبت الفواتير على أساس منصّة صيرفة + 20%، أي ما كان يوازي 52 ألف ليرة، ثم ابتداءً من حزيران الماضي أصبحت المعادلة تساوي 103 آلاف ليرة لكل دولار. النقاش كان يتعلق بمن يموّل الفرق بين سعر الجباية وسعر الصرف الفعلي، إلا أنه أشير إلى أن النقص الذي ترتّب على الفواتير الصادرة وفق المعادلة السعرية السابقة، تغطّيه الفواتير التي تصدر وفق المعادلة السعرية الجديدة (حزيران) والتي يكون فيها سعر الدولار أعلى من سعره الفعلي في السوق.