المقاعد المخصّصة للمدعوّين إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده نواب «قوى التغيير»، في «بيت بيروت» أول من أمس، لإطلاق «المبادرة الرئاسية الإنقاذية» لا تكفي لاستيعاب كل الحاضرين، ما أثار غضب المصوّرين الذين وجدوا صعوبة في إيجاد مكان لنصب كاميراتهم. يصل النواب تباعاً باستثناء الياس جرادي الذي أكّد البيان الصادر عن النواب أنه كان حاضراً. سيارة رباعيّة الدفع ذات زجاجٍ داكن تركن أمام «بيت بيروت»، تترجّل منها بولا يعقوبيان وامرأة أُخرى يتبعهما سائق من جهاز أمن الدولة. دقائق ويصل إبراهيم منيمنة سيراً على الأقدام برفقة أحد العسكريين. كان مارك ضو أوّل الواصلين. تنقّل بين الحاضرين قبل أن يقف «فوق» رأس ملحم خلف مدقّقاً في الكلمة التي سيلقيها الأخير. أكثر من 10 دقائق قضاها ينظر إلى هاتفه وإلى الورقة التي يحملها خلف. ومثله فعلت سينتيا زرازير، فيما لم تتحرك حليمة القعقور من مكانها مكتفية بالسلام إيماءً على الحاضرين وبقبلةٍ إلى رئيس مجلس إدارة قناة «LBC» بيار الضاهر الذي كان يجلس في إحدى زوايا القاعة. أمّا وضاح الصادق فقد كان «ملبّكاً» بخلع سترته وإعادة ارتدائها بسبب الحر الشديد.بصوته الجهوري، يبدأ خلف كلامه من حيث انتهى كنقيبٍ للمحامين ليتحدّث عن «أزمة المحاكم التي تحوّلت إلى مذبحة لاستقلالية القضاء». الرجل الذي نفّذ إضرابين للنقابة في عهده، استنكر «الاستنكاف القضائي عن إحقاق الحق» في إشارةٍ إلى اعتكاف القضاة، قبل أن ينتقل إلى انتقاد «الدولة البوليسيّة ومنع كشف الحقيقة في أكبر عملية تفجير شبه نووية استهدفت العاصمة». بالنسبة إلى قوى التغيير، «الخطوة الكُبرى الفاصلة الحاسمة التغييرية هي في الاستحقاق الرئاسي المُقبل بانتخاب رئيس جديدٍ للجمهورية (...) لنبدأ صفحة جديدة وننطلق معه في استرداد الدولة بمفاهيمها الواسعة». كيف ذلك؟ لم يوضح نقيب المحامين السابق أكثر. في رأي النواب «التغييريين»، مجرد انتخاب رئيس جديد يُخرج البلد من أزمته ويعيدنا إلى كنف دولة المواطنة، ونقطة انتهى. «المبادرة» وضعت مواصفات لا تُعد للرئيس العتيد: «يؤمن بالدولة، بالدستور، بالقانون، ويكون فوق الأحزاب والأطراف، فوق الاصطفاف، فوق الغَلَبة، فوق الفئويّة، فوق الاستئثار، فوق المصادرة، فوق التبعيّة، متحرّراً من كلّ التزامٍ مسبق سوى قسمه، واعياً التناقضات والتنوّعات والاختلافات والصراعات الداخليّة والخارجية، ملتزماً كتاب الدستور، متسلّحاً بثقافة القانون، متحصّناً بالعقل والحكمة، وواعياً انتماء لبنان العربي، وعلاقاته الجوهرية مع الدول العربية وإيمانه المطلق بالقضية الفلسطينية، والتزاماته الدولية». وبعد: «الحفاظ على استقلال لبنان وسيادته، وتكريس دولة المواطنة بعيداً عن الطائفية، العمل على تعديل ميزان القوى الكفيل بتحديد دقيق للخسائر والحفاظ على أصول الدولة، وتوزيع المسؤوليات العادل وتحميل الخسائر للمصارف وأصحابها ومجالس إداراتها والمستفيدين من الهندسات المالية، مع حماية أموال المودعين، وفرض إقرار وتطبيق خطة تعافٍ اقتصادية توازن بين استعادة فعالية الاقتصاد والحفاظ على الطابع الحر للاقتصاد من جهة، واستعادة الدولة لدورها في تحقيق العدالة الاجتماعية». أكثر من نصف ساعة في تعداد «معايير» الرئيس وتفنيدها وتفصيلها سقط منها «سهواً» العداء لإسرائيل. صحيح أن هذا يُفترض أنه من البديهيات، لكنّ هناك بديهيّات كثيرة غاص فيها بيان النواب الـ13 كالتزام الدستور والقوانين وغيره.
العداء لإسرائيل سقط من معايير «التغييريّين» للرئيس المقبل


النواب الذين دعوا كل الأطراف إلى «التخلّي عن المشاريع الفئويّة أو الاستئثاريّة»، حذّروا من أنّهم سيلجأون إلى الضغط الشعبي بعد 20 تشرين الأوّل المقبل في حال عدم الاتفاق على رئيس يلبي المعايير التي وضعوها، لأنه على ما قال خلف رافعاً صوته: «ليس من سببٍ يحول دون إجماع كلّ القوى حولها. مبادرتنا هذه لا يستطيع أنْ يرفضها حتى أكثر الأطراف تطرفاً أو فئوية من هذه الجهة أو تلك. كلّ رفضٍ لها، هو رصاصة في رأس لبنان!». وأشار إلى أن نواب «التغيير» سيعقدون «سلسلة من المشاورات الشعبية والسياسية بهدف الوصول الى اتفاق على اسم الشخصية الإنقاذية التي تتوافر فيها المعايير والشروط المطلوبة، وتحظى بأوسع دعم نيابي ممكن. وفي حال انقضاء هذه المهلة من دون انتخاب رئيس للجمهورية وفقاً لمندرجات هذه المبادرة، سنلجأ إلى وسائل الضغط الشعبيّ المشروعة بكلّ أشكالها وأساليبها، ابتداءً من صباح 21 تشرين الأوّل، توصّلاً إلى فرض انتخاب رئيس الجمهورية المنشود وفاقاً لمضمون هذه المبادرة، على أنْ يُعلن عن مواقف وخطوات محددة، كلّما دعت الحاجة إلى ذلك».
ولكن، عملانياً، على من تنطبق معايير المبادرة الفضفاضة التي جمعت كل الصفات التي يريدها كل الأطراف، وكيف يمكن إسقاطها على أحد الأسماء؟ سؤال لم يجب عليه أيّ من النواب حينما دعاهم أحد الحاضرين إلى تسمية مرشح يخوضون به معركتهم. قفز النواب عن السؤال وشكروا الصحافيين على حضورهم وأنهوا المؤتمر بالتقاط صورة للنواب الـ12، بناءً على طلب يعقوبيان، وفي غياب جرادي.