في 29 تموز الماضي، أرسل مدير التطوير التجاري في شركة «سيليستاتيل» محمد نحاس كتاباً إلى المدير التنفيذي في «تاتش» سالم عيتاني يعترض فيه على فوز شركة IN Mobile بمزايدة «خدمة الـInternational A2P». وأكّد الكتاب أن الشركة الفائزة لا تلبّي عدداً من شروط المزايدة، ولا سيما لجهة امتلاك خبرة لا تقل عن خمس سنوات في مجال خدمة الـ A2P، وأن تكون قد عملت في هذا المجال مع ثلاث شركات عالمية متخصّصة، وأن يكون لديها سجّل في خدمة الـ A2P يعود إلى خمس سنوات بمجموع مستخدمين لا يقل عن 20 مليوناً.

استناداً إلى ذلك، طلبت «سيليستاتيل» توضيح الأسس التي تم على أساسها فوز IN Mobile، وكيف تأهلت هذه الشركة للمشاركة في المزايدة من دون أن تلبي الشروط المطلوبة.
وسبب رسالة نحاس أن المزايدة أُطلقت بمعايير وشروط التي لا يمكن تلبيتها من دون شراكات مع شركات أجنبية ذات خبرة واسعة في هذا المجال، ما حال دون مشاركة «سيليستاتيل» فيها.
كما ورد اعتراض من شركة أخرى على فوز IN Mobile استناداً إلى الحجج نفسها. الاعتراضان أطلقا تحليلات حول ما يحصل في «تاتش» التي ساد عملها في السنوات الماضية تلزيمات اعتباطية وفساد إداري ومالي كان منسّقاً أحياناً مع وزراء الاتصالات. وربط كثيرون عملية التلزيم ببيان صدر عن تيار المستقبل يتعلق بالترقيات في الشركة، تردّد أن الهدف منه ممارسة ضغوط على وزير الاتصالات جوني قرم لتنحية IN Mobile ومنح المزايدة لشركة أخرى.
قرم أكد لـ«الأخبار» أن «الموضوعين منفصلان. مسألة الترقية هي مسألة داخلية محورها خلاف بين شخصين في الشركة، بينما المزايدة مسألة مختلفة وشكّلنا لجنة لاتخاذ القرار المناسب. وقد أبلغني المدير التنفيذي في تاتش (سالم عيتاني) أن الشركة الفائزة كان لديها عقد يلبي الشروط المطلوبة إلا أنها خسرته أخيراً، لذلك طلبت عقد اجتماع معهم لإعطائهم فرصة للدفاع عن أنفسهم». غير أن مصادر تؤكد أن هدف اللجنة إيجاد إخراج ملائم لسحب الفوز من IN Mobile، إذ قال قرم: «هناك شركتان معترضتان، واحدة منهما شاركت في المزايدة، وتقولان إن المعلومات المقدّمة من الشركة الفائزة غير دقيقة. حالياً هناك أسعار قريبة من أسعار الشركة الفائزة، وندرس خيارات إعادة المزايدة أو الترسية على ثاني أعلى الأسعار».

قرم شكّل لجنة لإعادة المزايدة أو ترسيتها على أول الخاسرين


لا يمكن الجزم بالنوايا التي دفعت نقابات تيار المستقبل إلى إصدار بيان عالي اللهجة بالتزامن مع ضجّة حول «تزوير» في هذه المزايدة، لكن التزامن كان مريباً، لا سيما أن عيتاني زار أحد مسؤولي تيار المستقبل وطلب منه التحرّك، وحاول إلصاق تهمة التغطية على شبهة التزوير التي تتهم فيها الشركة الفائزة بالوزير، وسُمع يقول بصوت مرتفع في أروقة الشركة إنه يرفض توقيع نتائج المزايدة بشكلها الحالي. لكن بعض المعطيات أشارت إلى أن المشكلة تكمن في شركة أخرى يضغط المستقبل من أجلها من دون توضيح إضافي. وقد شارك في هذه المزايدة أكثر من عشرة عارضين، وكان يترتب عليهم الالتزام بالشروط المطلوبة لجهة الخبرة والعقود السابقة في هذا المجال (المرجعيات)، لكن المزايدة انتهت إلى ثلاثة أسعار متقاربة هي على النحو الآتي:
- IN Mobile قدّمت السعر الأعلى بقيمة 7.37 مليون دولار، وشركة Mada قدّمت ثاني أعلى سعر بقيمة 7.13 مليون دولار، وشركة Monty قدّمت ثالث أعلى سعر بقيمة 7.10 مليون دولار. الشركة الرابعة قدّمت سعراً أبعد قليلاً بقيمة 6.85 مليون دولار وهي Vox.
شركة IN Mobile يملكها شربل ليطاني (كان هشام عيتاني يملك قسماً من الأسهم وباعها قبل أكثر من سنة)، Mada يمثّلها في لبنان إيلي حاج وهي تعمل في الكويت بشكل أساسي، Monty مملوكة من منتصر الهاشم.
إذاً، السؤال الأساسي المطروح اليوم في إطار الصراع على مزايدة الـA2P: هل زوّرت IN Mobile مستندات لتلبية شروط المشاركة في المزايدة؟ الجواب الذي يفترض أن تقدّمه اللجنة التي شكّلها قرم والذي على أساسه سيتخذ القرار النهائي، لا يتعلق بهذه المزايدة، وإنما بمكافحة الفساد في شركتي الاتصالات، وهو فساد متراكم ومتداخل بين وحوش كبيرة تحاول الاستحواذ على الحصّة الأكبر من إيرادات الشركة أو اقتطاع حصّة منها باسم الطائفة، أو السيطرة على الموظفين لاستغلالهم وشراء المعلومات منهم.