تلقت وزارة المال رسالة من البنك الدولي، الخميس الماضي، يطلب فيها تسديد متأخّرات مستحقة على مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 78 مليون دولار، قبل منتصف الشهر الجاري، وأن يؤمن مصرف لبنان آلية نظامية لتحويل الليرات المحصّلة من المؤسسة إلى دولارات ليكون لديها نظام دفع واضح، معتبراً أن تنفيذ هذين المطلبين سريعاً أمر ضروري قبل إنهاء ترتيبات اتفاقية استجرار الغاز من مصر التي سيموّلها البنك، ليكون معمل دير عمار الذي يفترض أن يتسلّم الغاز من مصر قادراً على الإدارة والتشغيل.ورغم أن العراقيل أمام إنهاء اتفاقية استجرار الغاز المصري بدت، حتى الآن، أكثر ارتباطاً بالقرار السياسي الأميركي المتعلق بمنح مصر استثناء مكتوباً وواضحاً من العقوبات التي يمكن أن تفرض عليها بموجب «قانون قيصر» إذا ورّدت الغاز إلى لبنان عبر سوريا، إلا أنه تبيّن وجود عراقيل محلية تقف وراءها وزارة المال ومصرف لبنان، بامتناعهما عن تنفيذ قرارات مجلس الوزراء لجهة تحويل الليرات في حساب مؤسسة كهرباء لبنان إلى دولارات لتسديد مستحقات متعلقة بعمليات التشغيل والصيانة بقيمة 78 مليون دولار.
وكان مجلس الوزراء قد وافق، في 23 آذار الماضي، على توفير 78 مليون دولار نقداً طلبتها «كهرباء لبنان» لتشغيل معامل دير عمار والذوق والزهراني والجية تفادياً لانهيارها، علماً بأن للمؤسسة أموالاً في حسابها لدى مصرف لبنان بقيمة 400 مليار ليرة، يرفض المصرف تحويلها وفق سعر الصرف الرسمي. وأدّى هذا الرفض إلى تراكم المتأخرات بالعملة الأجنبية المطلوب تحويلها لتسديد المستحقات الماليّة المتوجبة لمصلحة شركة «Prime South» المشغّلة لمعملَي دير عمار والزهراني، وتحالف «MEP/OEG/Arkay Energy» الذي يشغّل معملَي المحركات العكسية في الذوق والجية، وشركات مقدّمي خدمات التوزيع «MRAD, NEUC, KVA, BUS»، التي انتهت العقود الموقعة معها.
تلكؤ وزارة المال ومصرف لبنان في تحويل المبلغ المستحق لمؤسسة كهرباء لبنان إلى الدولار النقدي دفع بالمدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط ساروج كومار جاه إلى توجيه كتاب إلى وزير المال، أول من أمس، للفت انتباهه إلى خطوتين أساسيتين تتطلبان دعم الوزارة والبنك المركزي، ويفترض إنجازهما قبل إقرار اتفاقية القرض. وذكّر الكتاب وزير المال بأن «على مؤسسة كهرباء لبنان إنشاء عمليات تشغيل وصيانة كافية لمحطة دير عمار التي ستتلقى الغاز المصري»، وبأن البنك «على دراية بأن المتأخرات المتوجبة على المؤسسة لمصلحة الشركة المشغلة للمعمل أعاقت تمديد العقد بين الطرفين». وأعاد البنك الدولي تذكير الوزير بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء والقاضي بتوفير مبلغ 78 مليون دولار لمصلحة المؤسسة لسداد جزء من المستحقات المتوجبة عليها للمشغل، مشيراً بوضوح إلى ضرورة اعتماد سعر الصرف الرسمي لتحويل المبلغ المتراكم لمصلحة المؤسسة لدى المصرف المركزي والبالغ 400 مليار ليرة وذلك قبل منتصف الشهر الجاري، كون اعتماد سعر منصة صيرفة لن يوفر إلا «18 مليون دولار أميركي وهو مبلغ أقل بكثير من المبلغ الذي وافق عليه مجلس الوزراء والذي تحتاج إليه المؤسسة للحفاظ على عملياتها بشكل جزئي».
طلب البنك الدولي تسديد مستحقات المؤسسة لدى المركزي بالدولار الرسمي قبل 15 نيسان


بكلام أوضح، يتطلب توريد الغاز المصري أولاً، وقبل عقد أيّ اتفاقية، توفير التمويل اللازم لتشغيل وصيانة معمل دير عمار ليكون جاهزاً لاستقبال الغاز. فما الذي يبرر هدر وزارة المال ومصرف لبنان أسبوعين في تنفيذ قرار صادر عن مجلس الوزراء، فيما أزمة الكهرباء تزداد تعقيداً وتتجه نحو الأسوأ مع الاقتراب من فصل الصيف؟ وهل يعقل أن يكون البنك الدولي أكثر استعجالاً من المسؤولين في لبنان لتوفير الكهرباء للبنانيين؟
الخطوة الثانية التي يطلب البنك الدولي تنفيذها، هي «إنشاء البنك المركزي آلية تتيح لمؤسسة كهرباء لبنان الوصول بشكل منهجي إلى الدولارات من حسابها الفردي لتحصيل الفواتير والذي من المتوقع أن يكون مقوّماً بالليرة اللبنانية». وشدد البنك الدولي على أن «هذه الآلية يجب أن تكون خالية من المراجعة التعسفية»، وأنه «يجب أن يقترن مؤشر تعرفة الكهرباء بالنقد الأجنبي كما هو مذكور في خطة الكهرباء مع قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي بشكل منهجي وبسعر صرف يعكس واقع السوق».