فيما كان وزير النفط والثروة المعدنية السوري بسام طعمة يطمئن بنفسه على جاهزية محطة الدبوسية المعنية بعملية ربط خط الغاز العربي مع لبنان، كان زميله وزير الكهرباء غسان الزامل، العائد للتوّ من اجتماعات عمان الثلاثية مع الوزيرين اللبناني وليد فياض والأردنية هالة زواتي، يستعرض مع فريقه الفني آخر التقارير المتعلقة بسير عمل الكوادر الفنية المحلية المكلّفة بإصلاح أضرار الحرب التي تعرّض لها مقطع الشبكة السورية الذي يربطها مع الحدود الأردنية.

طعمة أكد لـ«الأخبار» بعد زيارته لمحطة الدبوسية أن الجانب السوري «أصبح جاهزاً تماماً لنقل الغاز المصري إلى لبنان بعد الانتهاء من عمليات الصيانة اللازمة، واكتمال طواقم التشغيل المطلوبة في مختلف الاختصاصات»، لافتاً إلى أنه بناءً على هذه المعطيات، تم رفع الضغط التشغيلي لمحطة الدبوسية من 5 «بار» إلى 30 «بار».
وإذا كان خط الغاز العربي بات جاهزاً في مقطعه السوري واللبناني لنقل الغاز المصري إلى لبنان، ولا سيما أن معاينة المقطع اللبناني أخيراً خلصت إلى وجود اعتداء بسيط جرت معالجته وهو عبارة عن ثقب بريشة مثقب، فإن الشبكة الكهربائية السورية لا تزال في حاجة إلى فترة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر قبل أن تصبح جاهزة للربط مع الشبكة الأردنية، ونقل الكهرباء الأردنية إلى لبنان. وبحسب الزامل، فإن«اجتماع عمان استمع إلى التقارير الفنية من مسؤولي وزارات الكهرباء والطاقة في كل من سوريا ولبنان والأردن، حول أوضاع شبكات الكهرباء الثلاث ونتائج عمليات الصيانة والتقييم التي جرت في الفترة الماضية، إضافة إلى الإجراءات الفنية اللازمة لإجراء عملية الربط». وأوضح أن «برنامج العمل المتفق عليه بين وزارات الدول الثلاث يقوم على محورين: الأول تحقيق الجاهزية الفنية للشبكات، وفي هذا السياق بدأت الكوادر الفنية السورية إصلاح الأضرار التي تسبّبت بها المجموعات المسلحة على الشبكة السورية، ولا سيما المقطع الذي يربطها بالحدود الأردنية، وجرى أخيراً تركيب تسعة أبراج كهربائية بين مدينة صيدا السورية والحدود مع الأردن. والمحور الثاني يتعلق بضبط إعدادات الشبكات الثلاث لتحقيق التوافقية بينها أثناء عملية الربط، والطلب من الجهات الفنية المعنية تقديم كل ما يتعلق بهذا المحور من معلومات فنية إلى الجانب الأردني».
وإلى جانب القضايا ذات البعد التقني، تعكف وزارات الكهرباء على مراجعة وتجهيز الاتفاقيات الثنائية بين الدول الثلاث، والتي بموجبها سيتم نقل الكهرباء بينها. وهذه الاتفاقيات هي نفسها التي تم توقيعها مع انطلاقة مشروع الربط الكهربائي العربي، وتوقّف مع أحداث «الربيع العربي» ودخول سوريا في أتون الحرب.

ثلاثة أشهر لإصلاح الأضرار التي لحقت بالشبكة السورية


يُذكر أن الاجتماع الوزاري الأخير في عمان، سبقه اجتماع للفنيين في مؤسسات وشركات نقل وتوزيع الكهرباء في الدول الثلاث لمراجعة جاهزية ‏شبكات الكهرباء في الدول الثلاث وتحديد المتطلبات الفنية والتجارية اللازمة لإتمام نقل الكهرباء الأردنية إلى لبنان، والبرنامج الزمني الذي تحتاج إليه الفرق الفنية لإنجاز عملها. وأوضح الزامل إن «إصلاح الأضرار التي لحقت بالشبكة السورية وضبط إعداداتها يحتاجان إلى نحو ثلاثة أشهر، وهي المدة الزمنية نفسها التي طلبها الجانبان الأردني واللبناني لإجراء عمليات الصيانة وضبط إعدادات الشبكات». وعلى ذلك فإن نهاية العام الحالي يمكن أن تشهد أول عملية ربط تجريبي بين شبكات الكهرباء في الدول الثلاث، ومن ثم المباشرة رسمياً في نقل الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر الشبكة السورية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن وزراء الدول الثلاث على تواصل شبه دائم هاتفياً لتبادل المعلومات والبيانات، بغية تسريع العمل وتجاوز أي صعوبات أو عوائق تعترض تنفيذ المشروع الذي يصرّ الجانب السوري على أن نجاحه يمكن أن يؤسس لمشروعات عربية أخرى مشتركة في مختلف مجالات الطاقة خصوصاً، والاقتصاد عموماً.

مشروع التمويل الشامل: تقدّم في المفاوضات مع البنك الدولي
يعمل لبنان بشكل متسارع على ضمان اتفاقية شاملة مع البنك الدولي لتوفير التمويل اللازم لعملية شراء الغاز والكهرباء من مصر والأردن. ويُعقد اليوم اجتماع في وزارة الطاقة مع مندوبي البنك الدولي الذين أُفيد بأنهم تلقوا تعليمات بالتعاون الإيجابي. وقد لمس الوفد اللبناني هذه الإيجابية خلال زيارة مصر. علماً أن مسودة الاتفاق المقدّمة من البنك الدولي يجري العمل على تعديلها، وسيتولّى البنك الدولي المساعدة على تغطية كامل حاجات لبنان التمويلية وتوفير ضمانة لالتزامات لبنان تجاه مصر والأردن (وتالياً سوريا) في حال تعثّره عن سداد المستحقات.
من جهة أخرى، لا يزال النقاش مستمراً في إمكانية الحصول على موافقة مصرية على زيادة كميات الغاز المخصّصة للبنان في هذا العقد، على قاعدة أن توفر سوريا إنتاجاً موازياً، وهو ما ينتظره لبنان بصورة رسمية من الجانب السوري. لأن الاتفاق يقضي بأن تحصل سوريا على كمية الغاز المصري مباشرة من الأردن، على أن ترسل هي إلى لبنان كمية مقابلة من إنتاجها الخاص بعد حسم كلفة المرور عبر أراضيها. وهذا ما جعل الاتفاق يتم على أساس أن تزيد مصر الكمية بنسبة 16 في المئة وهي النسبة التي تقتطعها سوريا التي تحتاج إلى الغاز أكثر منها إلى الأموال.