وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجموعة من الرسائل السياسية والعسكرية إلى العدو الإسرائيلي في ذكرى يوم القدس العالمي، مقدّماً مطالعة شاملة للتطورات في المنطقة من وجهة نظر المقاومة. أما في الداخل اللبناني، فوعد نصرالله بخطاب مفصّل قريب، منوّهاً إلى أنه «باستطاعتنا (اللبنانيين) أن نكون أقوياء ونردع عدونا ونحفر آبار نفط وغاز، ونكون بلداً لا يجوع». وبدأ بذكرى نكبة فلسطين «التي أسست لهذا الكيان السرطاني في قلب هذه المنطقة، إضافة إلى ذكرى مرور عشرين عاماً على الانتصار التاريخي للتحرير وقد أرسى تحولات كبرى»، مذكّراً بإعلان الإمام الخميني يوم القدس العالمي، في سياق الصراع مع كيان العدو، مشيراً إلى أنه «لا نطلب إلقاء أحد في البحر، ولكن نطالب بعودة الذين جاؤوا من بلدان العالم واحتلوا فلسطين بالعودة إلى بلدانهم».ولفت إلى تعاظم المشكلات الداخلية في كيان العدو، مؤكداً أن «مسار الأمور يقول إن وجود شعوب حيّة مقاومة، لا بد أن تحصل على حقوقها»، وموضحاً أن «المعركة الحقيقية هي مع الولايات المتحدة الأميركية، وما إسرائيل إلا ثكنة متقدمة في المنطقة لدى الولايات المتحدة».
وعدّد وسائل الدعم التي تقدمها أميركا لإسرائيل، مادياً وأمنياً وعسكرياً وأنواع الدعم السياسي، وكيف ترفض الولايات المتحدة أي إدانة لإسرائيل في الأمم المتحدة، على جرائمها في فلسطين ولبنان وسوريا، معتبراً أن «أميركا تخوض الحروب نيابة عن إسرائيل لتثبيت وجودها، والرهان هو على حجم صمود محور المقاومة».
ورأى أن «المشروع الحقيقي بعد ضمّ القدس والجولان والتهديد بضم أجزاء من الضفة الغربية، ما يعني أن إسرائيل تسير باتجاه ضم الأراضي المحتلة ومنها أيضاً القسم المحتل من لبنان»، منبهاً إلى «ضرورة بناء المواقف على خطورة هذه المشاريع».
وشرّح الأمين العام لحزب الله واقع بعض الدول العربية، تجاه فلسطين وانتقال بعضها إلى موقع الصديق مع إسرائيل، مقارناً بينها وبين دول ما زالت في قلب الصراع، وفي مقدمها سوريا وإيران وحركات مقاومة في المنطقة.
وعرض نصرالله للنظرة الأميركية تجاه إيران باعتبارها مركز الثقل في دعم المقاومة، مؤكداً أن «انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي كان من باب الرهان على تغيير الوضع في إيران، لكن هذا الرهان فشل بسبب صمود إيران وشعبها، وفشل الرهان على قيام أميركا بشنّ حرب على إيران، وباءت خيبات إسرائيل بالفشل في تحريضها لشنّ هذه الحرب». وسخر من رهان إسرائيل على «أن يؤدي كورونا إلى أزمات تضعف إيران»، مؤكّداً أنه «حصل العكس، إذ خرجت إيران من هذه المحنة بقوة وتجاوزت الصعوبات». لكنّه أكّد أن الرهان على أن تؤدي العقوبات على ايران اإلى إضعاف دعمها لمحور المقاومة، «رهان فاشل أيضاً».
أما في العراق، فاعتبر أن «ما حصل أخيراً يتنافى مع طموحات المشروع الصهيوني بتدميره، وهزيمة التكفيريين في العراق تخدم المقاومة».
وأخذت سوريا حيّزاً من الخطاب، إذ لفت إلى أنها «تعرّضت لحرب كونية، وفشلت هذه الحرب عليها، وسقط مشروعهم لإقامة حزام أمني في جنوب سوريا يخدم إسرائيل». لكنّه حذّر من «محاولات إسرائيل العبث بمنطقة شرق الفرات» معتبراً أن «قانون قيصر الأميركي لفرض المزيد من العقوبات على سوريا يأتي من باب التضييق عليها».
أميركا تخوض الحروب نيابة عن إسرائيل والرهان هو على صمود محور المقاومة


كذلك اعتبر أن الحرب على اليمن، هدفها منع قيام دولة تؤيد محور المقاومة، ومن أجل ألا يكون لها دور في الصراع مع إسرائيل. وقال إن «فشل الحرب على اليمن ساهم في إفشال صفقة القرن، التي كانت ستُفرض على الشعب الفلسطيني».
ثم تناول الوضع اللبناني، واعداً بالحديث مفصّلاً عنه، ولفت إلى «استتباب الهدوء على الحدود بسبب تعاظم قدرات المقاومة، رغم كل الغارات الجوية على سوريا، ومنها ما يرتبط بالنقل، كما يقولون، إضافة إلى رهانهم على عقوبات على المقاومة لإضعاف بيئتها».
وعن الربط بين السلاح والتجويع، أعلن أن «الدول التي استسلمت تعيش حالاً من الجوع ولم يساندها أحد»، مؤكّداً أنه «يمكننا بتضامننا أن نحافظ على سيادتنا ونكون أقوياء ونردع عدونا ونحفر آبار نفط وغاز، ونكون بلداً لا يجوع».
واعتبر أن «من يراهن على أنه من خلال حروب عسكرية أو عقوبات أو تجويع أو تضليل يمكن أن يغير هذا موقفنا من فلسطين، فهو مشتبه. الحق لا يتغير بمرور الزمن وما أُخذ بالسرقة لا يصبح ملكاً شرعياً عبر مرور الزمن ولو اعترف كل العالم بشرعية ما سرقه اللص».
وأضاف أنه «لا يحق لأي فلسطيني أو عربي أو مسلم أو مسيحي أن يهب جزءاً من فلسطين أو القدس للصهاينة وهذه مقدّسات الأمة وهذه الأرض ملك للشعب الفلسطيني، ومسؤولية استعادة المقدّسات والحقوق هي مسؤولية الشعب الفلسطيني أولاً ولكنها أيضاً مسؤولية الأمة»، جازماً بأن «المقاومة بكل أشكالها هي وحدها السبيل لتحرير الأرض والمقدّسات واستعادة الحقوق وكل الطرق الأخرى هي مضيعة للوقت».
وتناول الوضع الفلسطيني، ولا سيما «قطاع غزة الذي لم يستسلم، وقوته تعاظمت بما فيها امتلاك صواريخ تطاول كل فلسطين، وهذا تطور عظيم».