غزة | خلال الأيام الثلاثة الماضية، وصلت إلى شمال وادي غزة 35 شاحنة مساعدات فقط، تولّت لجنة الطوارئ المحلية، من خلال المشرفين على مراكز الإيواء والعشائر والشخصيات الاعتبارية في الأحياء السكنية، مسؤولية توزيعها في مركز إيواء «أبو بكر الرازي» في حي التفاح شرق مدينة غزة، حيث واكبت «الأخبار» عملية التوزيع. ويؤكد محمد الريفي أن ما وصل إلى أهالي حيّ التفاح ليس إلا شاحنة طحين واحدة، تحتوي على 1000 كيس من الطحين، زنة الواحد منها 25 كيلوغراماً، يُفترض أن توزّع على 8000 عائلة، ما يعني أن حصة كل عائلة، بمعزل عن عدد أفرادها، هي 5 كيلوغرامات من الطحين فقط. ويتابع في حديثه إلى «الأخبار»: «نعطي كل عائلة ما يكفيها ليوم واحد أو يومين فقط، ليس لدينا خيار آخر، نصيب كل 25 فرد هو كيلو واحد من الطحين، علماً أن الكيلو يكفي لصناعة 20 رغيفاً، ما يعني أن عدداً كبيراً من الأهالي لن يحصلوا من كل شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع، حتى على رغيف واحد من الخبز».في ساحة المركز، حيث احتشد آلاف المواطنين، التقينا أم محمود الفيومي، وهي سيدة تعيل أسرة مكوّنة من عشرة أفراد، وتستضيف في بيتها ثلاث أسر أخرى. تقول لـ»الأخبار»: «الحمد لله، لأول مرّة سيدخل الطحين الأبيض بيتنا، صح إنو الخمسة كيلو ما رح تكفي ليوم واحد، لأنو مضطرّين ناكل مرتين في شهر رمضان، على السحور والفطور، لكن هذه بشارة إن شاء الله إنو رح يستمرّ دخول المساعدات». تتابع السيدة حديثها: «ما وصل قليل جداً، لكن طالما في توزيع، أفضل من إنو نصحى كل يوم على مجزرة في مفترقات الكويت والنابلسي، الآن الشباب بطّلوا يروحوا على المفترقات، وبطّلوا يغامروا كل ليلة، وهذا بحدّ ذاته همّ وانزاح».
إلى مخيّم جباليا، وصلت، ظهر أمس، شاحنة أدوية واحدة، محاطة بعدد من سيارات الأمم المتحدة، حيث أفرغت حمولتها في عيادة «وكالة الغوث»، ووزّعت كميات محدودة من الدواء على مستشفيَي «العودة» و»كمال عدوان». ووفق مصدر طبي، تحدّث إلى «الأخبار»: «وصل القليل من أدوية الأمراض المزمنة والمستهلكات الطبية، لكن حاجة القطاع الصحي أكبر بكثير ممّا أُرسل، المستشفيات متهالكة للغاية، وفقدت كل مخزونها من الأدوية، وتحتاج إلى تدخّل جذري عاجل لإنقاذها».
في الشارع، أشاع دخول المساعدات بطريقة منظّمة، وتوزيعها وفق نظام مدروس، حالة من التفاؤل والأمل، على رغم أن الواقع الميداني عاد إلى سابق عهد القصف العنيف. ويرى عمر أبو قمر، من جهته، أنّ من المهمّ أن تتوقّف عمليات إنزال المساعدات من الجو، وأن يتركّز الجهد على إدخالها بطريقة منظّمة عبر البرّ. ويتابع حديثه إلى «الأخبار»، قائلاً: «قيمة الـ 30 شحن إللّي دخلوا، ومفعولهن، يفوق مئات عمليات الإنزال الجوي، التي لم يشعر بأثرها الناس مطلقاً، نشرت الفرقة والإشكاليات الداخلية بينهم، أنا مع وقف عمليات الإنزال نهائياً، والتركيز على هذه الطريقة الكريمة في إدخال المساعدات».