المناضلة التي نزحت عام 1964 جنوباً إلى مسيسيبي بناءً على دعوة زعيمة حقوق الإنسان فاني لوهامر، ذات باع طويل في مواجهة عنصرية «الرجل الأبيض» وغطرسته. عملت في لجنة التنسيق الطلابية المناهضة للعنف وقامت بتدريس الشباب الأفرو-أميركيين مبادئ النضال والكفاح السلمي، وتلقّت لجرأتها التهديدات من العنصريين البيض. هدّدوها مرات عديدة وتركوا صليباً مشتعلاً أمام مدرستها، وها هي اليوم تضع نضالها في سبيل نصرة فلسطين في السياق التحرري ذاته: «لقد كنت أتحدث إلى الطلاب لسنوات، وقال لي معلّمون كثيرون إنّ وجودي الآن والتحدث مع الطلاب أمر ذو أهمية قصوى، لأن المدارس في هامبورغ متنوعة للغاية، وثمة العديد من الطلاب القادمين من بلدان تعاني من الحرب والقمع والفقر. أفهم حساسية ألمانيا بسبب تاريخها المروع. لكن ألمانيا أيضاً كانت البلد الوحيد، ربما إضافة إلى روندا، الذي اعترف بتاريخه المروع، وقد قامت بتدريس هذا التاريخ لئلا يتكرر كرّة أخرى. يجب علينا مواجهة تاريخنا لكي نتعلم منه. لذلك صعقت حين شعرت أنّ ألمانيا قررت إخماد صوتي». وتتابع إنغرام: «أعتقد أنّ أسوأ جزء في ذلك أنّهم يخمدون أصوات الشبان الذين يشعرون بالقلق إزاء ما يحدث في حرب الشرق الأوسط والذبح المروع للأبرياء.».
تضع الكاتبة نضالها اليوم في سبيل نصرة فلسطين ضمن السياق التحرري ذاته الذي اختارته
دقّت إنغرام ناقوس الخطر، حين اعتبرت دعم أميركا وألمانيا لسياسات إسرائيل مقلق للغاية، ولا بد من صوت صادح في البرية لوقف هذه المذبحة المستمرة: «إخماد صوت آخر ناجٍ من أحداث رهيبة وقعت في هامبورغ مثل العاصفة النازية، وأعنف قصف جوي من الحلفاء عام 1943، والهولوكوست، حيث منعنا كيهود من الاختباء في الملاجئ وفقدت معظم أفراد عائلتي أمر يشير إلى شيء غاية في الرعب، لأنني أعتقد أنّه عندما تقرر الحكومات إخماد الأصوات المعارضة للموقف الذي تتخذه، فيجب علينا أن نسأل بجدية عميقة عن الأسباب الكامنة خلف ذلك. يجب أن تكون هناك إدانة تامة لجميع الحكومات عندما يُقال لك إنّ أكثر من عشرة آلاف طفل يُقتلون. لا عذر لذلك على الإطلاق».
الرفيقة جوديث تقاطع أيضاً!
انضمّت المنظّرة اليهودية الأميركية جوديث بتلر (1956/ الصورة) إلى مبادرة «سترايك جيرماني» الرامية إلى مقاطعة المؤسّسات الثقافية الألمانية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي التي تقمع حرية التعبير وتراقب سياسات الفنانين وتشترط دعم الكيان الصهيوني في تمويلها للفنّ. وانطلقت أخيراً الدعوات إلى مقاطعة «مهرجان برلين السينمائي الدولي» الذي سيُقام الشهر المقبل احتجاجاً على تواطؤ ألمانيا مع المحرقة الجارية بحق الفلسطينيين وتدمير الثقافة الفلسطينية وقتل الصحافيين الفلسطينيين. وكان مئات المثقفين والفنّانين حول العالم، من بينهم الكاتبة الفرنسية الفائزة بجائزة «نوبل للآداب» آني إرنو، قد وقّعوا عريضةً تدعو إلى مقاطعة المؤسّسات الثقافية الألمانية بسبب قمعها صوت الفلسطينيين في سياق العدوان الإسرائيلي على غزّة ضمن مبادرة «قاطعوا ألمانيا» (Strike Germany) التي تعرّف عن نفسها على موقعها الإلكتروني بأنّها تهدف إلى «مقاطعة العنصرية المناهضة للفلسطينيّين والرقابة بأشكالها الرسمية الأكثر تقدّماً» (الأخبار 18/1/2024). علماً أنّ ألمانيا الرسمية كانت الأكثر استشراساً في ملاحقة الأصوات المناصرة للقضية الفلسطينية وقمعها تحت شمّاعة «معاداة السامية» مثل إلغاء تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي في «معرض فرانكفورت للكتاب» (الأخبار 17/10/2023) وغيرها من الحوادث القمعية.