كعادته القديمة، يفاجأ الإعلام السوري بحلول شهر رمضان في كل عام. يطل على مشاهديه بما تيسر له من مسلسلات سورية وبضعة برامج خفيفة، تعتمد على نجوم الدراما ورقته الرابحة في كل زمان ومكان. هكذا، قرر أصحاب الشأن أن تكتفي المحطات السورية بعدد قليل من البرامج الرمضانية المتشابهة إلى حد كبير، من دون أن تعنيهم الحالة الأمنية المزرية التي ترهق البلاد، ولا الضغوط الاقتصادية المنكهة لكل مواطن سوري ما زال متمسكاً بالبقاء على أرض وطنه.
على سبيل المثال، تبث قناة «سما» (نسخة طبق الأصل عن قناة «الدنيا» وقد أطلقت تحسباً لإنزال المحطة الأساسية عن الأقمار الاصطناعية) مجموعة برامج أبرزها «نورت سمانا» معتمدة على خوض «مغامرة» بإسناد التقديم إلى مغني الملاهي الليلية حسام جنيد وزوجته الممثلة إمارات رزق ترافقهما «فرقة جنيد» المؤلفة من عازفي أرغن وطبل وكورَس نشيط. يستضيف البرنامج في كل حلقة فناناً سورياً يحبس في غرفة مظلمة إلى أن يجيب على بضع أسئلة وسط حالة إرباك واضحة وغياب الانسجام بين المقدمين. ما أن يصل الضيف إلى المفتاح ويخرج إلى استديو مجهز على شكل بيت عربي قديم، حتى تفتح «صرّة» الأسئلة المستهلكة عن الأحوال الشخصية والشؤون الحياتية للممثل (ة) الذي حالفه الحظ في كسب شيء من الضوء، فصار من واجبات المشاهد أن يحفظ يومياته. لكن مهلاً، لن تخلو الحلقة من تشويق مفتعل يضع الضيف أمام خيارات لتمنيات ورغبات تستجدي إجابات غالباً ما تخرج متطابقة بين الضيوف. هذا قبل تتجه جرعة المنوعات التي تقدمها «سما» نحو الطرب الشعبي الذي يحترفه جنيد، فإذا به في حلقة النجم قصي خولي يغني «يا ليتني عسكري على الحاجز تحت بيتا إسهر ليلي ونهاري بس لآخذ هويتا» من دون أن يعنيه تسطيح الكارثة السورية بهذا الأسلوب المبتذل ولا التبرير المفضوح لمحاباة السلطوية والعسكرة. طبعاً بغض النظر عن الفرحة العارمة التي أصابت المقدمين لتلبية النجم الكبير دعوتهما، لكن لم تفلح الفرحة في تجاوز لحظات الصمت تارة والبلاهة الإعلامية طوراً، ثم العجز عن صنع جو مرح يفترض أن البرنامج بني لخلقها. أما السبب فهو تنطح الممثلة الشابة والمغني الشعبي إلى مهنة لها أهلها ولا يمكن دخولها لكل من تمكن من خطف ظهور متكرر أمام عدسات الكاميرات أو اعتلى مسارح الأعراس الشعبية. على أي حال، ربما تكون بعض حلقات «نورت سمانا» أفضل حالاً من برنامج «حلوة يا شام» (الفضائية السورية) الذي يستضيف وفق طبخته الأزلية مجموعة من العاملين في الدراما السورية ويلقي عليهم أسئلة بصمها الجمهور. لكن هذه المرة لم يخطر في بال معدي البرنامج أنّ العدد الكبير من الضيوف الذي يستقبلونه يومياً سيوقعهم في مشكلة تجعلهم يستضيفون نجوم الصف الثالث والرابع وصولاً إلى كومبارس أو دخلاء ساعدتهم الأزمة في لعب أدوار في مسلسلات هزيلة. وهذا ما حصل عندما رحبّ البرنامج بالسيناريست أحمد حامد والممثلة جيهان عبد العظيم في حلقة جمعت إلى جانبهما نخبة من الكومبارس الناطقين لتكون فائدة الحلقة الوحيدة رقماً قياسياً حققته عبد العظيم في التقاط صور «سيلفي» مع ضيوف الحلقة. أما «سوريا دراما» فقد رأت في الغناء حلّها الوحيد، فقررت عرض برنامج «نجوم بكرا» الذي تقدمه أجفان قبلان والمايسترو هادي بقدونس لنشاهد مغنين شباباً تقيّمهم لجنة تحكيم على رأسها الموسيقي أمين خياط إلى جانب الممثلة سوسون ميخائيل والمغني شادي أسود. ولا ضير في نسخة باهتة عن عشرات البرامج التي قدمتها المحطات العربية ولا بأس لو كانت الأصوات عبارة عن نشاز متنقل، فعند التلفزيون السوري «كل شي بيصير»