صورة «المخلّص» التي رسمها محمّد شقير لنفسه حينما قرّر أنّ «يُجمّع» أبناء بيروت تحت سقفه في «sea side» لم تتظهّر كما أرادها. إذ كان الحضور هزيلاً وغابت نخبة العاصمة عن إطلاق تجمّع «كلّنا لبيروت» الذي أراد منه تكريس نفسه رقماً بيروتياً صعباً يُمكّنه من أن يحل محل الرئيس سعد الحريري وكيلاً للرياض في لبنان. في الشكل، اضطر المنظّمون لإحضار مقاعد إضافية، ولكن في المضمون كانت المقاعد لـ«ملء الفراغات» بعدما اعتذر عدد من المدعوين، ما دفع «مفاتيح» شقير البيروتيّة إلى الاستنفار للحشد الذي غلب عليه أصحاب الخلفيات المالية من «حزب المصارف».الغياب لم يكن وحده ما عكّر الاحتفال، وإنّما الامتعاض البيروتي من إعطاء الكلمات الأولى إلى من هم «ليسوا منّا وفينا»، وإلى استقطاب شقير أسماء غير مرغوب فيها أصلاً في الشارع البيروتي. رئيس بلديّة بيروت جمال عيتاني أفدح النماذج عن شخص «حارب» الرئيس سعد الحريري أهل بيته من أجل تثبيت ترشيحه قبل أن يقتنع أنّها كانت معركة خاسرة لرجلٍ ابتعد عن ناخبيه البيارتة وعن شؤونهم، وهو أيضاً ما ينطبق على النائبة السابقة رلى الطبش التي أعلنت ولاءها لشقير بعد ابتعادها عن الحريري. كما انصبّ الغضب البيروتي على حضور الوزير السابق محمّد رحّال الذي قفز من سلّة الوزير السابق عبد الرحيم مراد إلى الحريري ومنه إلى شقير.
الضربة الكبرى لشقير جاءت من تيّار المستقبل في الساعات الأخيرة التي سبقت الاحتفال. تمرّن «الحريريون» جيّداً على «ذبحه بالقطنة». كلّ الكلام المعسول الذي سمعه من أشخاصٍ يدورون في فلك الأمين العام لـ«التيّار» أحمد الحريري غاب السبت. في البداية كان رئيس جمعيّة «بيروت للتنمية الاجتماعيّة» أحمد هاشميّة يتكفّل وحيداً رمي سهامه على «كلّنا لبيروت»، لكن ما حصل الجمعة قلب الموازين، إذ وضع «الأحمدان» كلّ خلافاتهما جانباً، وتوحّدا حول قضيّة واحدة: لا لشقير، فصدر إيعاز واضح إلى المحسوبين على المستقبل بالمقاطعة. الرسالة وصلت عندما هُمس لمخاتير بيروت بالتحرّك لتفعيل المقاطعة، خلال مأدبة غداء أقيمت الجمعة على شرفهم وحضرها هاشميّة. لم يُصدم شقير بالإيعاز، ولكن الصعقة كانت بحضور 3 محسوبين على الحريري مأدبة الغداء، هم: المنسق العام المركزي للإدارات المحلية والجمعيات الأهلية في هيئة الرئاسة في «المستقبل» جلال كبريت، منسق عام بيروت عمر الكوش، المرشح لانتخابات اتحاد جمعيات العائلات البيروتية محي الدين كشلي.
حينها، فهم شقير بأنّ ما وصله عن لسان سعد الحريري على أنّه دعم، لم يكن إلّا كمن يدس السم بالعسل، خصوصاً بعدما تردّد أنّ أحد «المستقبليين» سُئل عن حالة شقير، فرد: «هل يُمكن لشخص يمتلك كرسياً أن يُعيره أو يعطيه لأحد».
رغم كلّ هذه الإشارات الحريرية، إلا أنّ صاحب محلّات «باتشي» لم يتمكن من تغيير المصير. هو الذي وصله أيضاً خبر جولة هاشميّة في البقاع، وطلبه من بعض الفاعليّات مقاطعة الاحتفال. ولذلك، حاول أن «يجود بالموجود»، ويضغط على المحسوبين عليه لتأمين الحضور الكافي.