صدر مساء أمس جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء متضمناً ثمانية بنود، أحدها «مشروع مرسوم يحدّد مقدار تعويض النقل اليومي للعاملين في القطاع العام»، من دون تحديد موعد للجلسة. وفيما يتردّد أن الجلسة ستكون يوم الاثنين المقبل، لكن «حتماً لا تعليم يوم الاثنين»، يقول حيدر إسماعيل نائب رئيس رابطة الثانوي، فـ«العودة ليست بهذه البساطة، بل ترتبط بمعرفة مقرّرات مجلس الوزراء، ومساواة الأساتذة بالموظفين بما يتعلّق ببدلات الإنتاجية بالليرة، وعدم ربطها بالحوافز من وزارة التربية، ومن بعدها يأتي قرار الأساتذة والهيئات الإدارية».رغم مرور ثمانية أسابيع على توقف العملية التعليميّة عن ما يقارب 400 ألف تلميذ، تستمر وزارة التربية، وعلى رأسها الوزير عباس الحلبي، بمحاولة إعادة 50 ألف أستاذ إلى الصفوف، وتسيير العام الدراسي بالترقيع، بالوعود، بالتهديد أو بالترغيب، لا يهمّ. تطلب من المعلّمين العودة من دون أيّ مكتسبات تغيّر من واقعهم بعدما تدهور أساس راتبهم لحدود 32 دولاراً شهرياً، وكُشفوا صحياً بشكل تام على إثر اقتصار تغطية تعاونية الموظفين على 15% فقط كأقصى حدّ من الفاتورة الاستشفائية.

الوزير يماطل
لا يتقدّم وزير التربية بأيّ مبادرة للحلحلة، حتى بما يمكنه تنفيذه ولا يحتاج إلى اجتماعات وزارية، مثل دفع بدلات الإنتاجية عن الفصل الدراسي الأول كمبلغ مقطوع يساوي 300 دولار، ولا يضع آلية لصرف 125 دولاراً شهرياً كبدلات إنتاجية عن الفترة المتبقية من العام الدراسي. تلفت مصادر في روابط التعليم إلى أنّه «لتجنّب الدفع، تتذرّع الوزارة دائماً بإعادة تجميع بيانات الأساتذة (أسماء وأرقام مالية)، على الرّغم من قيامها بهذه العملية 3 مرّات منذ العام الدراسي الماضي»، وهناك تسريبات من الدوائر المقرّبة من الحلبي عن نيته «إقامة امتحانات رسمية للتعليم الخاص في حال استمرار الإضراب في القطاع الرسمي» إمعاناً في ضرب الأساتذة من جهة، واستجابةً لضغط المدارس الخاصة التي تريد تحصيل كلّ ليرة من أقساطها.

والحكومة تجتمع
لذا تتعلّق الآمال مرّة أخرى على انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار «الـ 5 ليترات من البنزين عن كلّ يوم حضور لكلّ موظفي القطاع العام»، مع تخوّف كبير لدى المتابعين، من أن الحلول لن تجد طريقها إلى الحلّ، فالمطروح سيتطلّب كمّاً كبيراً من الأموال، وبالتالي قد يحتاج إلى تشريع نيابي لتغطيته، ما يعني تأخيراً غير منظور النهاية. يشار إلى أنّ الأساتذة غير مشمولين ببدلات الإنتاجية المقرّر إعطاؤها للإداريين في القطاع العام، بالإضافة إلى أنّ كلّ الحلول المطروحة لا تقارب سوى فترة عمل الأستاذ في المدرسة، ولا تقترب نهائياً من العطلة الصيفية، فالزّيادات، إن صدقت، غير موجودة سوى في روزنامة الأشهر التعليميّة، أمّا لاحقاً «يدبّر راسه الأستاذ».
تسريبات عن نية الحلبي إقامة امتحانات رسمية للتعليم الخاص من دون الرّسمي


ضغط الأحزاب
أما الأحزاب، فأصابها الملل من تحرّك الأساتذة، وتسعى بكلّ قوتها منذ مطلع الأسبوع الفائت إلى «خردقة الإضراب» في مناطق سيطرتها، ولهذه الغاية تعتمد سياسات وزارة التربية نفسها، مثل الترغيب والترهيب، إذ تستعين بالبلديات والفعاليات في القرى لـ«تأمين بدلات نقل للأساتذة، واختصار المطالب المعيشية بهذه النقطة فقط»، وسحب هذه الذريعة من الأساتذة بغية إعادة فتح المدارس، و«كأنّ المعلّم لا يأكل ولا يمرض ولا يصرف على عائلته، بل عليه الوصول إلى مركز عمله، وكفى»، بحسب أستاذة من منطقة بنت جبيل.
كما تمارس الضغوط المعنويّة على المعلّمين بواسطة المحازبين، ووسط مشاركة بعض رجال الدين، الذين يستخدمون المنابر للتحريض على المضربين، وتحميلهم مسؤولية العام الدراسي، من دون النظر إلى الحالة المعيشية للموظفين في القطاع العام، ومنهم الأساتذة. ويضاف إلى التصرّفات الحزبية الـ«لا نقابية»، ما يجري اليوم في بعض مناطق الجنوب والشمال والمتن، من محاولة مصادرة قرار الأساتذة النقابي عبر «دعوة المديرين لإعادة فتح المدارس والتعليم بمن حضر من الأساتذة». في المواجهة، يرفع الأساتذة على الأرض من سقف التحدّي، ويتوجّهون لأول مرّة ببياناتهم صوب مسؤولي هذه الأحزاب بسؤالهم عن « كيفية عيش إنسان براتب لا تصل قيمته إلى 40 دولاراً، وقبولهم تصوير المعلّم بصورة متسوّل يبحث عن عطاءات من هنا وهناك؟».

المكتسبات أولاً
«الروابط قلبها على التربية، وقلب الدولة على حجر»، بحسب سايد بوفرنسيس، رئيس رابطة المهني، الذي يرى في تصرّفات الحكومة «تواطؤاً على إقفال المدرسة الرّسمية»، رافضاً في الوقت نفسه أيّ كلام عن العودة إلى التعليم «ما لم تدفع بدلات الإنتاجية عن الفصل الأول من دون شروط صعبة، وإقرار بدل النقل الجديد، ووضع آلية لصرف بدلات الإنتاجية للمدّة المتبقية من العام الدراسي». يضيف بوفرنسيس «بعد تحقّق هذه الشروط، نتكلّم مع الأساتذة للعودة، ونفتح معركة تثبيت سعر صيرفة، ودعم الاستشفاء».