يكاد حظ رئيس اتحاد جمعيّات العائلات البيروتيّة محمّد عفيف يمّوت «يفلق الصخر». فهو الوحيد الذي تمكّن من الجلوس على «عرين البيارتة» ست سنوات متتالية، ما لم يحظ به مؤسس الاتحاد و«الابن المدلّل» للرئيس رفيق الحريري، وفيق سنو. فللمرة الثانية ستؤجّل انتخابات الاتحاد التي كانت مقررة الجمعة المقبل، بعدما قرّرت اللجنة القانونيّة المؤلفة عدم قانونيّتها لعدم استيفاء أكثر من 40 جمعيّة المستندات المطلوبة. المرّة الأولى كانت باتفاق داخلي غطّاه الرئيس سعد الحريري عندما استقبل يمّوت وبعض الأعضاء في بيت الوسط.اقتراح تأجيل الانتخابات إلى موعدٍ آخر «على أن تُراعى جميع المُهل المحددة في المادة 11 من النظام الداخلي»، جاء بناء لطلب اللجنة القانونية التي اجتمعت أول من أمس لدرس اعتراضات قدّمتها 6 جمعيّات (المصري، كبريت، حميدي صقر، حرب، عيدو وبرغوت) منتسبة إلى «الاتحاد» طالبة تغيير ممثليها في الهيئة العامّة (بسبب وفاتهم أو تغيّر مواقعهم بعد الانتخابات داخل جمعيّاتهم)، إضافة إلى طلبات 36 مرشحاً تبيّن أن 3 منهم لم يستوفوا الشروط المطلوبة بسبب نقص في المستندات (علي حلاق ومحمد عبد القادر سنو وسمير حمود).
وبعدما أعطت في 13 شباط الماضي مهلة أسبوع لاستكمال المستندات من دون أن يُصار إلى ذلك، أكدت اللجنة أن «نشر أسماء المرشحين المقبولين لم يحصل حتى 20 شباط الأمر الذي يستحيل معه إجراء الانتخابات الجمعة، فيما هذا النشر مُلزم للهيئة الإدارية وإلا تعرّضت العملية الانتخابيّة للطعن». بناء على ذلك، دعا يموت الهيئة العامة إلى الاجتماع الإثنين المقبل، قبل يومٍ واحد من انتهاء ولاية الهيئة الإدارية الحالية، «لمناقشة موضوع تمكين الهيئة الإدارية من ممارسة صلاحياتها منعاً لحصول فراغ إداري في الاتحاد»، على أن تمدّد الهيئة العامّة ولاية الهيئة الإداريّة من دون أن يُعرف ما إذا كان ذلك لستة أشهر أو أقل.
هذا السيناريو شبه المحسوم لا يمنع من الإشارة إلى سيناريو آخر يتم تحضيره. إذ يؤكد وليد كبي، أحد مؤسسي الحركة الاعتراضية داخل «الاتحاد» التي يُطلق عليها «الحركة التصحيحيّة - الإصلاحية» أنّ اقتراح اللجنة «لا يُلزمنا، وندرس كل الاقتراحات القانونيّة الآيلة إلى منع تأجيل الانتخابات ولو وصلت الأمور إلى الطعن في القرار أمام محكمة البداية».
المُفارقة أنّ قرار اللجنة القانونيّة لم يُعجب الطرفين: الفريق المُوالي لرؤساء الاتحاد الحالي والسابقين يتّهم «اللجنة التصحيحيّة» بأنّها دفعت إلى إفشال الاستحقاق، فيما يؤكد المعترضون أن القرار جاء بطلبٍ من «تريو» الرؤساء (الحالي والرئيسين السابقين محمّد أمين عيتاني ومحمّد خالد سنو) ، خصوصاً أن الجمعيّات التي لم تستحصل على المستندات المطلوبة محسوبة عليهم، «بدليل أنّ أوراق مرشحهم الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود كانت ناقصة». ويلفت هؤلاء إلى أنّه كان يفترض بالاتحاد عدم تقاضي اشتراكات الجمعيّات السنويّة من دون تقديمها المستندات المطلوبة، لتتمكّن من المشاركة في الاستحقاقات ترشيحاً وانتخاباً. «أكثر من ذلك، تبيّن أنّ بعض هذه الجمعيّات شاركت في الاستحقاقات الماضية من دون تقديم المستندات المنصوص عليها في النظام الداخلي»! وعليه، تعتبر «الحركة التصحيحيّة» قرارات اللجنة القانونية «غير قانونيّة، وكان بإمكانها الإفساح في المجال للجمعيات التي لم تستكمل شروط خوض الانتخابات بأن تقوم بتصحيح وضعها».
في المقابل، يرى الموالون لـ«تريو» الرؤساء أنّ اللجنة القانونيّة صاغت «كومبين» أدّى إلى تطيير الاستحقاق. النيّة واضحة، بالنسبة لهم، وهي الإبقاء على مقاعدهم في الهيئة الإداريّة وحرق «طبخة» رئيس الاتحاد الحالي والرئيسين السابقين.

اتفاق برعاية هاشمية؟
البعض يشير إلى أنّ الاتفاق كان قد حُسم على الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود رئيساً، ومحي الدين كشلي نائباً للرئيس من تيار المستقبل، على أن تؤول أمانة الصندوق إلى النائب فؤاد مخزومي ممثلاً بباسم نعماني قريب زوجته. وتردّد أنّ رئيس جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة أحمد هاشميّة صاغ هذا الاتفاق بصفته الشخصيّة، ونجح في إقناع «الحركة التصحيحية» بالقبول بالحصول على بعض المقاعد.
لكن مصادر أخرى تنفي أن تكون مبادرة هاشميّة قد وصلت إلى نهايتها أو أن تكون طُرحت أساساً، مشيرين إلى أنّ تيّار المستقبل يرفض أساساً ترشيح حمود، وهو أقرب في هذا الموقف إلى «الحركة التصحيحيّة». فيما تؤكد مصادر أخرى أنّ حمود كان المرشّح الأقوى قبل أن تتم الإطاحة بالانتخابات.
كلّ ذلك، يؤكد رئيس اللجنة القانونية ماجد دمشقيّة عدم صحته، نافياً أن تكون أي تدخّلات أدت إلى إخراج هذا القرار «بدليل أن الطرفين غير راضيين عنه». وقال لـ«الأخبار» إنّ «التقيّد بقوانين الاتحاد ونظامه يعني اتحاداً حقيقياً وليس صورياً، ولإنتاج انتخابات لا يتم الطعن فيها وترضى عنها كل الأطراف».