لم تكن جولة المفاوضات الأولى بشأن بدائل تمديد شبكة التوتّر العالي هوائياً في المنصورية، تحت عباءة بكركي، «إيجابية». فالكرة وضعها المفاوضون والسكان في ملعب البطريرك بشارة الراعي، خصوصاً أن المنطقة المتنازع على استكمال التمديد فيها تشمل كنائس وعقارات تابعة لأوقافها ومدارس كاثوليكية. الراعي عقد أمس سلسلة اجتماعات في الصرح البطريركي بدأها بفطور مع النائب ابراهيم كنعان، الذي قال، رداً على سؤال عن تمايزه عن موقف أعضاء ووزراء تكتّل «لبنان القوي»، إنه في حواره مع الأهالي «لا أكون بغربة عن تياري»، مشيراً إلى «ضرورة طمأنة المجتمع القلق والبحث علمياً ووضع التقارير أمام الناس وطرح البدائل».الراعي استتبع لقاءاته باجتماع حضره كلّ من وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، النائب الياس حنكش، والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك. في الاجتماع جرى عرض دراسات قديمة نسبياً بحوزة وزارة الطاقة، ستتابع بحثها البستاني مع الراعي، كما جرى التأكيد على تنفيذ خطة الكهرباء، إنما بالنظر إلى هواجس السكان وتجنيبهم الأضرار. بعد الاجتماع أعلن حنكش «عدم التوصّل إلى أي حلّ»، مطالباً بـ«تأليف لجنة لمتابعة الموضوع لدراسة مدى ضرر التمديد». أما البستاني فصرّحت بعد جلسة ​مجلس الوزراء​ «أن العمل على التمديد لم ولن يتوقف».
أجواء المفاوضين تشير إلى أن «الجولة الأولى من عرض الأفكار، وإن لم تكن إيجابية كثيراً، إلا أنها لا تعني أن لا تستمرّ متابعة الملف والمطلوب من الجميع التعاون». كنعان كان قد اقترح اللجوء إلى طمر خطوط التوتر بطول كيلومترين، من خلال الاستفادة من المبالغ المرصودة للتعويضات المطروحة على السكان لترك شققهم، خصوصاً أن معظمهم يرفض المغادرة. تباحث الخيارات البديلة لا يخرج، وفق أجواء كنعان، عن «استكمال تنفيذ خطة الكهرباء لحسناتها على الخزينة».
على الأرض، استمرّ تجمّع الأهالي الرافضين للتمديد تزامناً مع الحضور الكثيف للقوى الأمنية منذ ساعات الصباح. مشهد التدافع تكرّر أمس، إنما بـ«عنف» أقل من اليومين السابقين له، وذلك بعد منع السكان من دخول أراضي الوقف والكنيسة حيث تجري الأعمال. فبعد رفع كاهن رعية السانت تريز في المنصورية داني افرام الصليب والتدافع الذي حصل أول من أمس، عمد كاهن رعية الديشونية للروم الكاثوليك الأب سليم بطاني إلى التمدد أرضاً، منعاً لتقدّم القوى الأمنيّة وللفصل بينها وبين الناس. عناصر قوى الأمن رفعوا الكاهن عن الأرض وابتعدوا به عن مكان التجمّع. في وقت لاحق حاول السكان المتجمّعون اختراق الحدود التي رسمها عناصر القوى الأمنية نحو عمود التوتر التي تجري الأعمال عليه، فيما حاول بطاني تسلّق العمود مرتين ومنعته القوى الأمنيّة، مصرّحاً «أن الهدف إيقاف العمل اليوم أقلّه إلى حين إيجاد الحلول».
على الأثر علّقت أمانة سر مطرانية بيروت المارونية في بيان قالت فيه: «آلمتنا جدًا مشهدية القوى الأمنية تطرح أرضاً خادم رعية الديشونية للروم الكاثوليك الأب سليم بطاني، وأن ترفعه خائر القوى الى خارج المكان. فهل هذا ما يريده المسؤولون الذين قالوا أنهم لن يلجأوا إلى العنف؟». اللافت في بيان المطرانية اشتراطها أنه «إذا أثبتت لجنة فنية محايدة وقوع الضرر على أهل المنصورية، يجب إذذاك على الدولة أن تنزع هذه الخطوط حتى من الأماكن التي مُدَّت فيها سابقاً، مثل طرابلس وعرمون وصور وبصاليم والبقاع... فالناس سواسية في السراء والضراء».