يوم تقدّم المُرشح الراسب إلى الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية، طه ناجي، بطعنٍ أمام المجلس الدستوري، كانت الأرقام والمعطيات تُرجّح قبول الطعن، وإعلانه نائباً مكان ديما جمالي. بعد أشهر طويلة، أصدر المجلس الدستوري قراره، مُقرّاً بأنّ ناجي، المرشح على لائحة 8 آذار، يتقدّم على جمالي بالكسر الأعلى، إلا أنّه أفتى بإعادة الانتخابات وفق النظام الأكثري. سارع تيار «المستقبل» إلى إعادة ترشيح جمالي، في حين أنّ جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) قرّرت الاستمهال ودراسة المعطيات. يوم غد، تنتهي مُهل تقديم الترشيحات، و«المشاريع» لم تحسم خيارها بعد، حتى باتت الحلقة الضائعة، في مشهد انتخابات طرابلس الفرعية، مشاركة جمعية المشاريع فيها أو عزوفها عن ذلك. يُعَدّ هذا القرار أساسياً في تحديد طبيعة الانتخابات، والعنوان الذي ستُخاض على أساسه، وخاصة بالنسبة إلى تيار المستقبل، الذي لا يزال يفتقر إلى خطاب يُقنع الناخبين الطرابلسيين بجدوى الاقتراع. ترشّح طه ناجي إلى الانتخابات، سيُحسم خلال الساعات القليلة المقبلة. فهو يقول لـ«الأخبار»، إنّ اجتماعاً سيُعقد اليوم بين النائب فيصل كرامي و«المشاريع» لتحديد «إن كان يوجد مصلحة سياسية بخوض هذه المعركة. الحليفان كرامي والنائب جهاد الصمد، أكّدا دعمهما وتأييدهما خيار الجمعية أيّاً يكن».المستندات المطلوبة من ناجي للترشّح أصبحت جاهزة، ولكنّه يرفض اعتبار ذلك مؤشّراً على حسم التوجّه. فحول ناجي و«المشاريع» تنقسم الآراء، بين من يرى أنّ ظروف المعركة باتت أصعب بعد تجمّع كلّ المرجعيات الرئيسية (تيار المستقبل، نجيب ميقاتي، محمد الصفدي، أشرف ريفي) في خندقٍ واحد، فيما القانون الأكثري لا يصبّ في مصلحة الفريق المناهض لـ«المستقبل». فبحسب ما يقول مسؤولون شماليون، من فريق 8 آذار، ليس من السهل إعادة شدّ عصب القوى الحزبية الحليفة لهذا الفريق في طرابلس، وزجّها في معركة على مقعدٍ واحد، بعد أقلّ من سنة على تنظيم آخر انتخابات نيابية. أما الرأي الثاني، المؤيد لإعادة ترشيح ناجي، فيرى أنّه لا يُمكن ترك الساحة لتيار المستقبل، من دون تسجيل موقف اعتراضي على الأقل. يُراهن هؤلاء على ضعف ديما جمالي، والعراقيل التي تواجه الماكينات الانتخابية لكل من «المستقبل» وتيار العزم والنائب محمد كبارة (يديرها حالياً ابنه كريم) في التحشيد لها.
قبل أسبوع، كان الاتجاه أنّ «المشاريع» لن تُشارك في الانتخابات. ترافق ذلك، مع عدم وجود حماسة لدى فريق 8 آذار لخوضها، وعدم تواصل أو تنسيق مكونات هذا الفريق مع ناجي. الشخصيتان الوحيدتان اللتان أكدتا دعمهما لقرار «الجمعية»، أياً يكن، هما النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد. تتذرّع مصادر «8 آذار» بغياب مقومات المعركة، «ولا سيما بعد تحالف سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وغياب المال الانتخابي، وعدم وجود دافع لإعادة تفعيل الماكينات الانتخابية». إلا أنّ مصادر إحدى الماكينات العاملة في معركة جمالي، تزعم أنّ جمعية الأحباش والحلفاء «قادرون إن وحّدوا جهودهم وحشدوا جمهورهم، على تحويل الانتخابات الفرعية إلى معركة جدية». وحتى تحالف الحريري - ميقاتي «لا يعني أنّ المعركة محسومة. فتجربة الانتخابات البلدية لا تزال ماثلة أمامنا. وثانياً، لدينا مشكلة حقيقية مع ديما جمالي. نحن غير قادرين على أن نمون على أقرب الناس لإقناعهم بالاقتراع لها. أضف أنّ ميقاتي لن يستخدم المال الانتخابي». زيارات الأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري اليومية لطرابلس، والوعود بتخصيص مشاريع لطرابلس من مؤتمر باريس 4 (سيدر)، وتوصيف المعركة بأنّها «ردّ الاعتبار» لسعد الحريري، «لا تزال جعجعة من دون طحين».
يقول يحيى مولود إنّ معركته سياسية، وليست «معركة مجتمع مدني»


لكنّ مصادر «8 آذار» تتحدّث عن أنّ ترشّح ناجي، أو أي شخصية محسوبة عليها، سيُعطي «ذريعة» لتيار المستقبل لتجييش الناس سياسياً. لذلك، يُعَدّ تيار المستقبل أكثر «المرتاحين» لترشح ناجي، في حال حصوله. فالأخير سيُساعد «المستقبل» على اللعب على وتر «مواجهة حزب الله». وكان أشرف ريفي قد لوّح بذلك حين قال إنّه ينتظر «أن يُغلق باب الترشيحات. وإذا كان هناك من مرشح جدي لـقوى 8 آذار، سأُشمِّر عن ساعديَّ وسأدعو الطرابلسيين للعمل على إلغائه». تردّ مصادر إحدى الماكينات في معركة جمالي بأنّ هذا الأمر «قد يكون سيفاً ذا حدّين. صحيح أنّ المستقبل سيستفيد من وجود ناجي، وريفي سيعمل على شدّ عصب جماعته، لكن من يضمن أن يتحمس الناخب الطرابلسي وترتفع نسبة المشاركة؟». إلا أنّ من سيأكل من صحن «المستقبل»، هم المرشحون المحسوبون على «المجتمع المدني»، أي سامر كبارة ويحيى مولود. تتعامل مصادر سياسية طرابلسية مع ترشّح مولود بجدّية، «يتواصل مع الناس، ويحاول حثّهم على المشاركة في الانتخابات». من جهته، يقول مولود لـ«الأخبار» إنّه يجد صعوبة في «إقناع الناس بأنّ لديهم فرصة للتغيير. ديما جمالي جُرّبت لمدّة سنة، وغيرها جُرّب سابقاً، عوض أن نُضيف واحداً مثل غيره، لمَ لا نذهب إلى خيار جديد؟». يقتنع مولود بأنّ في مقدوره القيام بالكثير، «على الأقل، لا أبصم لرئيس الحكومة على كلّ شيء». أما الأهم، فهو تأكيده أنّ «معركتي سياسية، وليست معركة مجتمع مدني، هذه التسمية التي دائماً ما تؤخذ إلى غير معناها الأساسي. أنا ضدّ السلطة وطريقة إدارة البلد، الذي لا نعرف ما هي هويته، لا على المستوى الاقتصادي ولا السياسي».