1- رحلة الميّتين بتعب[إلى شهداء قارب بلاد الشام]

من ملح العذابات
صاغوا أنياب البحر
قدّموا أنفسهم
على طبق السفر...
وغادروا...
■ ■ ■
بصوت يجرّه برد الليل
يكتب طفل ما في أذن
أمّه: «جائع يا ماما»
تضمّه الأمّ كي يصلا
أسرع نحو شبع النهايات...
■ ■ ■
القارب.. نصف تأشيرة
الشاطئ.. نصف حلم
الغرق.. كابوس كامل...
■ ■ ■
منتفخين، متخمين بأوهامنا
عدنا هامدين..
وزير سلبنا أوراقنا الثبوتيّة
ونفاها

بيار سولاج ـــ «ما وراءَ السَّوَادَاتِ» (زيت على قماش، 1979).


وزير صار يحصي أعدادنا
ودولة نسيت أننا بشر
فلم تعلن الحِداد...
■ ■ ■
على صوفاتهم الدافئة
يلوموننا كوننا «أغنياء انتحاريين»
على أسرّتهم الفاخرة
يلوموننا كوننا نندفع بقلق
وراء الشمس..
2 ـــ توصيف
في حيّنا الغريب يزورنا
الليل كأنه صاحب المدى
ويتسلل الصوت كسارقة
لصمت أحببناه كأبنائنا
وماضينا..
3 ـــ مسوّدة
الشعراء الذين يغلقون «حنفية» النزيف في العلن
يجرحون أنفسهم
ألف مرة في السر..
4 ــــ مقالات الحرب الآتية
يظنّون الحرب
أغنية
يتذوقونها كأنها
السكاكر التي
ستؤنس أسنان الميّت..
■ ■ ■
لم يشموّا رائحة
البارود وهي تنخر
القلب..
كأنها ذئب يستولي
على أمشاط الذكريات
ليغوي ليلى..
■ ■ ■
بين الموت جوعاً أو حرباً
أختار الموت كيمامةٍ
كتب عليها فقر السماوات
والأرض..
■ ■ ■
هذه البقعة التي لفظها
الربّ بعد أن خنقها
الأرز
هذه البقعة..
تحتاج إلى شمسٍ
تذيب أجزاءها المتآكلة
تذيب الـ«نحن»
القابعين ككتلةٍ لا تعادل
الضمير..
■ ■ ■
بعد خطابات الحرب بين الأمس واليوم
سنشتري ربطة خبز
سنقسمها على عدد أيام الأسبوع
سنسمع فيروز
سنردد معها «نطرونا كتير.. كتير ع مفرق دارينا»
ونجتهد بسخرية «هاااارينا..هاااارينا»
وننتشي..
■ ■ ■
إذا دخل «الشبعان» ليحارب
«الجوعان»
سيسلم بواريده ويشتري
كرة بلاستيكية
ويلهو كمهرج قبل
أن يخطفه الرأي العالمي
نحو سيرك يستحقه..
■ ■ ■
النساء في هذه الحرب سيزغردن
الأم ستفتقد ابنتها العانس
الأب سينتفي مع ديونه
الجدة سترتاح من الحكايات
والجدّ سيبيع لسانه
كي لا يعاد التاريخ مرتين..
■ ■ ■
إذا سألت الأساتذة عن الحق بإضرابنا كطلاب
عن التعلم
هل سأجتاز الدورة الثانية
أم سيشنقني بعضهم بنبوغهم الأكاديمي؟
■ ■ ■
أعيش لاجئاً يبحث عن الكلمة
التي تعطيه هويته..
هي الحرية على الأرجح..
5 ــ مناجاة

كلّ هذه الطيور يا صديقتي
لا تمتلك الحقّ في الحبّ
تخرج من أضلع بلادها
نحو ذاك الفضاء المرتبك..
كل هذه الطيور يا صديقتي
ترفض أن تمنحني
برهة كي أحمّلها إليكِ
سقطاتي..
■ ■ ■
عند الواحدة ليلاً
يذوب الحنين إليكِ
يختلط بالنعاس
يزحف نحو الشرايين
وينام نومة أهل الكهف..
■ ■ ■
فكّرتُ مراراً في اللجوء
إلى الجنس كي أنساكِ
لكنّي خفت من زرعِ
أثر مشاعركِ داخل
أرحامهن..
■ ■ ■
فلنفترض أنّكِ الشمس
هل ستضيئين
بالأفكار أناملي
أم تحرقينها؟
■ ■ ■
خمسة أجزاء ستسقط دفعة
ستغدو شاحبة إن لمْ تحضري..
تلك هي يدي..
6 ـــ مُراد
أريدك أن تصادفيني
مرّة في هذا العمر
أن يرتطمَ كتفكِ
بكتفي
مرّة في هذا العمر.
ثمة أوتار عندي يجب أن يقطعها
مثل هذا الارتطام
كي ألملم اعتذاراتي
وننصرف كُلٌّ نحو غيابه.. إلى الأبد..
7 ـــ مدّ وجزر
كلّما أرخيت قبضتي
للريح
وجدتُ أصابعي
ثُلّة مغامرين
مهشّمي الرؤوس..
كلّما سلبتُ المدى
قبضتي
وجدتُ جروحاً قديمة
ينظمها باطن جلدي..
صور/ لبنان

* مقتطفات من ديوان بالعنوان نفسه صدر حديثاً عن «منشورات زمكان»، بيروت.