كارلوس غصن.. ضحيّة أو «نصّاب»؟

كل تلك النجاحات كانت محوريّة إلى حد ما في مواجهة التغيير السريع في الصناعة، من بعض النواحي، قادت إلى تُهم ارتكاب مخالفاتٍ أخرجته في النهاية من العمل.
الكاتب هانز غريمل مراسل سيارات مخضرم، ولد في ديترويت ومنغمس بعمق في صناعة السيارات اليابانية منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً. كان لديه تواصل مباشر مع كارلوس غصن في أثناء كتابة هذا المؤلف. تأتي العديد من الاقتباسات من غصن في المؤلف من تلك المحادثات ومن المقابلات والتفاعلات الأخرى التي أجراها معه عبر أكثر من عقدٍ كجزءٍ من تقاريره عن أخبار السيارات Automotive News، مصدر الأخبار القياسي لصناعة السيارات العالمية. الكاتب المشارك وِليَم سبوزاتو أمضى أكثر من عقدين من الزمن في إعداد التقارير والكتابة عن شركة Japan Inc واقتصادها وأسواقها المالية، مع دمج الفهم العميق لتاريخ اليابان المعقد منذ قرنين من الانفتاح على الغرب، وكيف يؤثر ذلك في البلاد حتى اليوم.
الكاتبان قالا: تحدثنا مع اللاعبين الرئيسيين المشاركين في قصة «نيسان ــ رينو»، على كل المستويات، من مكائد المديرين التنفيذيين للشركات إلى مكائد المسؤولين الحكوميين وراء الكواليس الذين لا يتحملون، في الواقع، رؤية علاماتهم التجارية الوطنية تتلاشى. تحدثنا إلى أكثر من خمسين مديراً تنفيذياً للسيارات، وقادة أعمال، وواضعي سياسات، وخبراء قانونيين، وأكاديميين، ومصادر أخرى، أجنبية ويابانية. هذا إضافة إلى التقارير اليومية التي قمنا بها للحصول على أخبار فورية عن الفضيحة منذ الليلة التي اندلعت فيها، أي 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018. وقد طلب بعض هؤلاء عدم الإفصاح عن خلفية معلوماتهم لحماية أنفسهم، وقد احترمنا ذلك.
تلك المحادثات بيّنت أن هناك حقيقة واحدة يتفق عليها الجميع: كارلوس غصن لم يترك فقط بصمةً لا تُمحى على تحالف «رينوـــ نيسان ـــ ميتسوبيشي» الذي ساعد في إنشائه ثم في إدارته، لما يقرب من عقدين من الزمن، لقد ترك تأثيراً دائماً في الصناعة وفي اليابان. يمكن القول إنه أحد أكثر الأجانب نفوذاً على الإطلاق الذين وطأت أقدامهم هذا البلد.
إعادة تركيبه شركة «نيسان» أعادت صياغة صناعة السيارات وتموجات عبر الاقتصادات العالمية حتى يومنا هذا. لقد كان رائداً في نوع جديد من الأعمال المعولمة لعصر قد تجرؤ فيه الشركات من دول مختلفة وثقافات أعمال مختلفة جذرياً على العمل كفريق نحو رؤية مشتركة، مع الحفاظ بطريقة أو بأخرى على هويّاتها الخاصة، حتى عندما تتوسّع إلى حجم هائل في حالة التحالف في أكبر مجموعة سيارات في العالم.
لخّص الكاتبان مؤلّفهما وهدفهما منه بالقول: أردنا أيضاً وضع الأحداث في منظورٍ ثقافي وسياسي وتاريخي أوسع ومحاولة الإجابة على العديد من الأسئلة التي أثارتها هذه الأحداث. هل النظام القضائي الياباني غير عادل؟ هل كان غصن ضحية لهذا النظام أم مخطئاً خالف القانون بحكم جشعه وغروره؟ هل يمكن للشركات الكبيرة التي لها هويّاتها الوطنية أن تعمل معاً حقاً؟ هل القومية تحلّ محل العولمة؟ كيف يمكن لصناعة السيارات أن تتكيف مع هجمة التغيير؟ هذه ليست سوى بعض الخيوط التي حاولنا تجميعها معاً.
الأهم من ذلك كله أننا نريد أن تكون دورة Collision Course بمثابة قراءة مقنعة. ما كشفناه في تقاريرنا كان بدوره مُنيراً ومدهشاً وممتعاً ومزعجاً. نأمل أن يكون الكتاب مصدر إلهام للعديد من النقاشات بين قرّائه، ليس فقط حول كارلوس غصن وإرثه، ولكن حول مُثُل العدالة ومستقبل صناعة السيارات ودور الحكومة في الأعمال التجارية الدولية.
ننهي عرضنا المقتضب هذا بكلمات مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنيّة بالاحتجاز التعسفي التي وجهت ضربة أخرى لصورة البلاد، قائلة: إن الاعتقالات المتكررة لغصن تمثل «انتهاكات خارج نطاق القضاء».
Collision Course, Carlos Ghosn and the Culture Wars That Upended an Auto Empire (2021). extent: i-xii, 378 pages. Hans Greimel, William Sposato