تدمر الواقعة في عمق البادية السورية عادت مجدداً إلى الواجهة. عملية خاطفة للجيش السوري وحلفائه وضعتهم في تماس مباشر مع عناصر تنظيم «داعش» المتحصّنين في المدينة التاريخية وفي التلال والنقاط المحيطة.وخلال ساعات من بدء العملية، استطاع الجيش التقدم على محاور عدة من تدمر، شرق حمص، والقريتين إلى الجنوب منها، تحت غطاء جوي كثيف، من سلاح الجو الروسي، ودعم من المدفعية السورية، في مواجهة تعزيزات استقدمها تنظيم «داعش» لوقف العملية العسكرية التي بدأتها القوات البرية السورية، بقيادة العقيد سهيل الحسن. الضابط السوري الذي توجّه من ريف حلب الشرقي باتجاه مدينة تدمر التاريخية، أثار معنويات المقاتلين بوجوده في المنطقة، ما يفصح عن نيّات القيادة السورية تحقيق إنجاز سريع يحتل واجهة الخبر السوري، في مواجهة عناصر التنظيم، المصنّف إرهابياً.
المحاولات مستمرة لانتزاع تقدم محوريّ في المنطقة
مصدر ميداني على جبهة تدمر أكد لـ«الأخبار» أنّ القوات المتقدمة على التلال الواقعة جنوب برج السيرياتل، القريب من قلعة تدمر، عادت إلى التراجع مع غياب الشمس، لصعوبة التمركز تحت وطأة القصف العنيف الذي بدأه مسلحو «داعش». ويصف المصدر التقدم المؤقت للقوات، قبل التراجع الأخير، بمثابة معجزة، في ظل ركود الجبهات في المنطقة، وتحصينات «داعش» القوية، بعد سقوط المدينة في أيار من العام الفائت. ويضيف المصدر: «سقطت المدينة خلال ساعات. وخلال ساعات بدأت بشائر القوات البرية المتقدمة تعيد إلى الأذهان الثأر للسقوط المدوّي الذي أخرج تدمر من الخارطة السورية. إنه ثأر للمدنيين الذين ذبحوا على أيدي إرهابيي داعش. مؤسف أن الإنجاز لم يكتمل». المصدر لفت إلى أن المحاولات مستمرة لانتزاع تقدم محوريّ، في ظل الاشتباكات في البيارات ومحيط مثلث تدمر والمطار ومحيط المستودعات. الاشتباكات العنيفة أثمرت أيضاً، بحسب المصدر، سيطرة على تلة الساتر الغربي، غرب القريتين، إضافة إلى النقطتين: 912، و861، على محور التلول السود، بين مهين والقريتين جنوب حمص، في محاولة لتشتيت المسلحين على جبهات عدة. مسلحو «داعش» حاولوا استقدام تعزيزات جديدة، إضافة إلى فرض حظر تجوال على من تبقى من المدنيين في المدينة، فيما تشهد قلعة تدمر، المطلة على أحيائها الغربية، معارك كرّ وفر بين قوات الجيش المتقدمة ومسلحي «داعش».

«مفخخات» في ريف الحسكة

وفي نقاط متفرقة من الجبهات السورية المشتعلة، لم تثمر محاولات «داعش» إحداث أي خرق جديد في ريف الحسكة، باستخدامه التكتيك العسكري المعتاد، والمتمثل في المفخخات، لتحقيق إرباك في صفوف أعدائه. «قوات سوريا الديموقراطية» تمكنت من تفجير 3 آليات مفخخة للتنظيم قبل وصولها إلى أهدافها في قرية خالدية، وقرب مفرق قرية مكمن، والثالثة في محيط مدينة الشدادي. كذلك، خسر التنظيم أحد قادته الميدانيين المدعو «علاء أحمد العرسان»، الملقب بـ«أبو مدين»، إثر الاشتباكات مع مقاتلي «قوات سوريا الديموقراطية» في محيط قرية مركدة في ريف الحسكة الجنوبي، في حين استهدفت آلية مفخخة تابعة للتنظيم أحد مواقع «قوات سوريا الديموقراطية»، في قرية الرميلان، في ريف الحسكة الشمالي الشرقي.
وفي الرقة، أغلق مسلحو «داعش» جميع طرق المدينة وحصّنوا مواقعهم عبر بناء سواتر اسمنتية وترابية، إضافة إلى فرض حظر تجوال، واعتقال للمدنيين. يأتي ذلك بالتزامن مع مقتل 8 من مسلحي التنظيم، خلال اشتباكات عنيفة مع «قوات سوريا الديموقراطية» في محيط قرية مكمن، التابعة لريف تل أبيض، في ريف الرقة الشمالي.
إلى ذلك، تصدّى الجيش السوري لمحاولات التنظيم التسلل باتجاه منطقة المقابر، غربي مدينة دير الزور، وسط رصد حالات فرار 80 مسلحاً أجنبياً من صفوف التنظيم.
وفي حلب، استشهد 12 مدنياً وأصيب العشرات، جراء قصف «جبهة النصرة» وحلفائها حيّ الشيخ مقصود في مدينة حلب بقذائف صاروخية عدة، مع بدء الأسبوع الثاني لهدنة وقف إطلاق النار المطبّقة على جبهات سورية عدة. وتم رصد 15 خرقاً لوقف الأعمال القتالية، من قبل المسلحين، في أرياف دمشق وحلب وحماه ودرعا وإدلب، خلال الـ24 ساعة الماضية، بحسب مركز التنسيق الروسي في حميميم.