في الأول من آب الماضي كان يفترض بالناشط السياسي سلام كابول أن يهاجر الى تركيا للعمل. ابن الـ26 عاماً حزم حقائبه مودعاً الأهل والأصدقاء بعد عشر سنوات من المشاركة في التحركات المطلبية الشعبية، ختمها بالانضواء في مجموعة «من أجل الجمهورية» التي انطلقت غداة التمديد الأول للمجلس النيابيّ. كابول وافق على عرض العمل في بلاد الاغتراب، لكنه لم يلبث أن «علق» سفره حتى نهاية أيلول « لأنني حين بدأ حراك طلعت ريحتكم شعرت أن لدي شيئا أقدمه».
عبارات كثيرة موجودة في قاموس اللبنانيين «هي كليشيات عن العيشة في البلد، وهناك الفقر والبطالة، لكن أخيراً أصبح هناك أشياء أكبر وأخطر» يقول كابول. ويُعلل مشاركته في التظاهرات والاعتصامات اليومية بأنه أمر «مبنيّ على مجموعة تراكمات. أخذت الأمور منحى تصاعديّا». المميز بالحراك من وجهة نظره بأنه «بحت سياسيّ. وهناك فارق بينه وبين تحرك اسقاط النظام الطائفي عام 2011. المطالب اختلفت فبات بالامكان ايصالها بشكل أكبر الى الرأي العام».
كابول يحفظ ساحات «النضال» جيدا. يندر أن تمرّ مناسبة من دون أن تراه محاطا بـ «رفاق» جمعتهم «القضية». كان عمره 16 سنة يوم تعرف الى « الشارع». وهو تقرب بداية من الحزب السوري القومي الاجتماعي، لكن «كنت مجرد رفيق مواطن ». اغتيال الرئيس رفيق الحريري دفعه الى أن ينضم الى ساحة قوى 14 آذار، «خضت بعدها تجربة اليسار الديمقراطي منذ بدايتها وحتى فشلها». بعدها تحول الى «راديكالي أعمل بشكل فرديّ». كابول هو من مؤسسي تحرك اسقاط النظام الطائفي «وعملت مع مجموعة من أجل الجمهورية ضد التمديد لمجلس النواب وصولا الى ملف الزبالة».
بعد التظاهرة الكبيرة الأولى، أصبح كابول جزءا مما يُسمى «تجمع 22 آب»، وهم « مجموعة من الأفراد تشارك في طرح أفكار لدعم المجموعات الكبيرة التي تتحرك». ذلك اليوم «كان النقطة الفاصلة. بدأ الاعتداء علينا ببشاعة ما دفعنا الى أن نُشارك يوميا. كان هناك خوف واضح من المشاركين». كابول لا يُطالب سوى بـ «حلّ جذري لأزمة النفايات، ومحاسبة كل من اعتدى عليي».
أخيراً «أنا شخص عنفي ولست سلميا»، يقول كابول ضاحكاً، لكن «تظاهرة 29 آب نجحت رغم سلميتها». يُخبر كيف فضلوا «كمستقلين القيام بخطوة مفاجئة قبل ست ساعات من انقضاء مهلة الـ 72 ساعة». غياب التنسيق يوم الدخول الى وزارة البيئة كان واضحا، الا أن كابول يرفض هذا الكلام لأن «الحكي غير فعال وسوء التنسيق لا يؤثر على مشاركة الناس. وبغض النظر عما يُقال هذه الخطوة تركت ضجة مخيفة». وطوال حديثه، يبدو الأمل واضحا في صوته: «لو بقيت مجموعة واحدة في الشارع فسأكمل معها. أكيد رح يصير شي قبل 28 أيلول. انشالله».