القاهرة | بعد توقّف دام ستّ سنوات، استؤنفت، في العاصمة واشنطن، جلسات الحوار الاستراتيجي الأميركي ــــ المصري، بمشاركة وزيرَي خارجية البلدين أنتوني بلينكن، وسامح شكري. وفيما ركّز الأميركيون على مسائل الحريات وحقوق الإنسان، طالب المصريون بدعم الولايات المتحدة في قضيّة "سد النهضة" والخلاف مع إثيوبيا.

ولعلّ اختلاف الأجندتَين المصرية والأميركية، جعل المتحاورين يعتمدون لغةً قادرة على تحقيق توازن في المطالب التي يبتغيها كل طرف، وهو ما راهن عليه وزير الخارجية المصري، ولا سيما في ما يتعلّق بالضمانات التي عرضها لتعزيز وضعية حقوق الإنسان في مصر، بداية من التذكير بالقرارات المتّخذة على هذا المستوى: إلغاء حالة الطوارئ، إطلاق استراتيجية لحقوق الإنسان، تحسين أوضاع حقوق الإنسان ووقف العمل بالمحاكم الاستثنائية القائمة بموجب قانون الطوارئ. وفيما طالب الجانب الأميركي بضرورة الإفراج عن نشطاء الرأي المصريين من دون شروط، شرح الوفد المصري باستفاضة الموقف القانوني لبعض المعتقلين أو حتى الممنوعين من السفر، متحدّثاً عن "استقلالية القضاء المصري وعدم إمكانية التدخّل في سير التحقيقات، أو القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق".

طالب الجانب المصري واشنطن بالضغط على أديس أبابا للوصول إلى اتفاق ملزم حول قضيّة "سدّ النهضة"


وكشفت مصادر مطّلعة على سير الحوار الاستراتيجي، الذي اختتم أعماله يوم أمس، لـ"الأخبار"، أن المسؤولين الأميركيين تحدّثوا عن ضرورة توفير مجال أكبر لحرية الصحافة وتداول المعلومات من دون قيود، ليجيء الردّ المصري بأن ما سبق ذكره "قائم بالفعل"، وبأن الملاحقات التي يتعرّض لها بعض رجال الأعمال من مالِكي وسائل إعلام، ليس لها علاقة بمواقفهم من النظام أو ما تنشره صحفهم. وعلى رغم ملكية المخابرات المباشرة لغالبية وسائل الإعلام الخاصة في مصر، بعد الاستحواذ الإجباري عليها في السنوات الماضية، إلّا أن الوفد المصري تباهى أمام الأميركيين بـ"تنوّع الاتجاهات في الصحف ووسائل الإعلام المرئية التي تقوم بمتابعة ما يحدث في الشارع المصري". وقالت المصادر إن الجانب الأميركي طالب أيضاً بضرورة عدم التضييق على مالكي ومديري وسائل الإعلام، ومن بينهم أشخاص على اتّصال مباشر بالإدارة الأميركية تحدّثوا عن مضايقات تعرّضوا لها في الأشهر الماضية، مبيّنةً أن المناقشات في هذا السياق انتهت إلى وعود قدّمها الجانب المصري بالردّ عن كل حالة ذُكرت بشكل منفرد وفق وضعها القانوني وموقفها.
في المقابل، أوضحت المصادر أنه كانت لدى المصريين مطالب واضحة: ضرورة تعزيز التنسيق في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، دعم التحرّكات المصرية في ما يتعلّق بمكافحة الإرهاب و"تأمين الحدود" مع فلسطين المحتلة، حيث بدأ الجيش المصري إعادة انتشار بموجب التعديلات الأمنية التي جرت لوضع القوات على الشريط الحدودي بموافقة إسرائيلية. كذلك، حضر على طاولة المباحثات ملفّ قطاع غزة وضرورة الوصول إلى صيغة توافقية تضمن استمرار التهدئة بين حركة "حماس" وحكومة الاحتلال. وقالت المصادر إن الوفد المصري طالب واشنطن بالضغط على أديس أبابا للوصول إلى اتفاق ملزم حول قضيّة "سد النهضة"، لافتةً إلى أن الولايات المتحدة وعدت بأنها ستساعد في وضع صيغة ترضي جميع الأطراف، حتى في ظلّ استمرار الاضطرابات الحالية بين الحكومة الإثيوبية والمتمرّدين الراغبين في إسقاط نظام آبي أحمد.