يحتفل المهرجان الذي ينظّمه «مجتمع بيروت السينمائي» بعامه السادس في الدورة الحالية التي تحمل شعار «النساء من أجل القيادة». يتضمّن البرنامج عروضاً لـ74 فيلماً موزّعة بين روائي ووثائقي وقصير، كما أن هناك فئة لأفلام الرقص القصيرة، كلها تتنافس ضمن مسابقة. بالعودة إلى بدايات المهرجان، انطلقت الفكرة عام 2015، تزامناً مع عرض فيلم «وينن» (2013 ـــ من توقيع مجموعة مخرجات عن تأثير الحرب الأهلية على نساء فقدن أحد أفراد عائلتهن) كما أخبرنا مدير المهرجان سام لحود: «بدأنا نفكر في هذا المهرجان لأننا تعرّفنا إلى شبكة من مهرجانات سينما المرأة في العالم وكان الأمر خلال إنتاج «وينن». جال الفيلم في عدد من المهرجانات وحاز 25 جائزة. اكتشفنا أن هناك مهرجانات خاصة بسينما المرأة في أوروبا وأميركا. ونحن كمجموعة، حساسون حيال كل ما له علاقة بحقوق الإنسان. كنا آنذاك أساتذة في «جامعة اللويزة». كما أن الأشخاص الذين كنّا نعمل معهم يؤمنون بحضور المرأة بشكل متوازن. ولطالما سعينا إلى وضع النساء والفتيات اللواتي عملنا معهن في المراكز المتقدّمة. ناقشنا الموضوع واقترح بعضهم إنجاز مهرجان مخصص لسينما المرأة، وخصوصاً أنّ الفكرة غير موجودة في لبنان بعد. علماً أن كل ما ينطلق من بيروت قد يؤثر مستقبلاً في أماكن أخرى. وهكذا بدأنا. اليوم ننظّم الدورة السادسة من المهرجان ولدينا تشابك مع أكثر من 50 مهرجاناً دولياً تعرض قضايا مشتركة في العالم. كما نتعاون مع مهرجانات في العالم العربي. علماً أن هناك فقط ثلاثة مهرجانات جدّية ومعروفة مخصّصة لسينما المرأة في المنطقة هي في أسوان في مصر وسلا في المغرب. أما البقية فتظاهرات صغيرة».
من أجل القبول بالفيلم وعرضه ضمن مختلف فئات المهرجان، يفترض أن يكون موضوعه المرأة. يقول لحود: «إذا كان المضمون عن المرأة لا يهمّنا من يصنعه. طالما هو فيلم يتطابق مع تفكيرنا وكيف ننظر إلى الموضوع. لدينا رفض لتصوير المرأة كضحية ولا نختار الأفلام الكليشيه التي تصوّر المرأة وهي تتعرّض للتعنيف من قبل زوجها. لا نحب هذه الصورة ونفضّل أن نرى المرأة تصنع قدرها وتقاوم العنف الذي تجد نفسها فيه وتكسر الحلقة وتحقق نجاحاً معيّناً. وبطبيعة الحال، نميل أيضاً إلى القضايا الأخرى كحرية الاختيار والتعبير والمساواة في سوق العمل. الموضوع متشعّب ولا نحصر أنفسنا في ناحية معيّنة». من جهة أخرى، لا يرى لحّود أن صبّ الاهتمام على تيمة المرأة في اختيار الأفلام المعروضة يحدّ من جودة الأعمال من الناحية الفنية والسينمائية. وبحسب قوله، الأفلام المعروضة اختيرت من بين نحو 1500 عمل أُرسلت الى المهرجان وتمّ الاحتفاظ بالأفضل منها فقط. وسيكون المهرجان كذلك منصة لانطلاق عروض أولية لعدد من الأفلام، نذكر منها «ليلة كأس الماء» (La nuit du verre d’eau) لكارلوس شاهين والفيلم التونسي «أبناء الرب» للمخرجة إيمان بن حسين، إضافة إلى «ربما ما أخاف منه غير موجود» لكورين شاوي والفيلم القبرصي «إيمان». ويمكن الاطّلاع على تفاصيل العروض والندوات على موقع المهرجان الرسمي على الإنترنت.
جميع الأفلام المعروضة تركّز على المرأة


من جهة أخرى، لا يكتفي المهرجان بعروض الأفلام التي تدور في فلك المرأة، بل يقترح ندوات متعلّقة بالنساء وبدورهن في مختلف المجالات، أبرزها ذلك السينمائي، ستسبق العروض للمهتمين بالموضوع.
من ناحية أخرى، تبدّلت الكثير من الأمور في العالم وفي لبنان منذ انطلاقة الدورة الأولى للمهرجان إلى الآن. وحول هذا الموضوع، يقول لحود: «لا يمكن أن نرى الحياة بشكل وردي. اكتشفنا أن العالم لا يتغيّر بمهرجان سينمائي. يمكن أن يكون بمثابة توعية ويخلق وعياً لدى الشباب ويناصر قضايا المجتمع المدني التي تسعى إلى التغيير أو الحركات السياسية أو التشريعية. عندما يستطيع المرء الإضاءة على مهرجان سينما في الإعلام، فهو يسهم في دعم محاولة التغيير. هذا على مستوى المجتمع. أما على المستوى السينمائي، فلا يمكن أن ننكر أن في لبنان حالة مميزة في هذا المجال. إذا أردنا التحدث بالأرقام، ففي أميركا مثلاً 17% من النساء يشغلن مراكز قيادية في السينما وأقلّ من 7% في أوروبا باستثناء البلدان الأسكندينافية التي تقترب من الـ50. أما في العالم العربي، فهذا الحضور شبه معدوم على الرغم من أن المرأة كانت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن المنصرم لاعباً أساسياً في سينما مصر. اليوم هي غير موجودة في مراكز القرار حتى في تونس والمغرب حيث الحال أفضل. ونرى أن لبنان هو المكان الوحيد الذي يتخطى فيه وجود المرأة الـ50% في سوق العمل ولها حضور في المراكز القيادية، سواء كان في الإخراج أو الإنتاج أو السينماتوغرافيا... أكبر أسماء نساء عاملات في السينما العربية هنّ لبنانيات».

* «مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة»: بدءاً من 5 حتى 10 آذار (مارس) ـ سينما ABC ضبية ـــــ beirutwomenfilmfestival.com