«الدكنجي»: مهنة يبتلعها «المول»
يخالُ كثيرون «الدكنجي» رجلاً أشبه بـ «عمّو أبو فؤاد» وإعلان مسحوق «يس»؛ ذلك الخمسيني أو الستيني الذي ما زال يعمل في دكانه. تطغى صورة العجوز على المهنة. ليست مهنة شبابية، علماً بأن عجائز اليوم كانوا شباباً أمس. المشهد يكتمل أكثر في فصل الشتاء، حين يرتدي «الدكنجي» العجوز كنزته الصوفية القديمة، و«القلّوسة» والشال. صورة نمطية أقرب إلى «النوستالجيا». فالمهنة ليست حكراً على فئة عمرية دون أخرى. صورة «الدكنجي» يجب أن تتماهى أيضاً مع الموز المتدلي من السقف، والرفوف الحديدية التي أكلها الصدأ، والرائحة التي لا توحي إلا بالقدم. هذا ما يرتسم في الذهن حين تقول «دكنجي»: رجل مسن يستقبلك بابتسامة، ويحكي عن أيام زمان.
بالنسبة إلى آخرين، تبدو مهنة «الدكنجي» بمثابة الحلم الذي يتوقون إلى تحقيقه. الحالمون هم محامون ومهندسون وصحافيون... إلخ. ليس أجمل من أن تصبح ملكاً على دُكان صغير. تنتظر قدوم الزبائن، تتبادل وإياهم الأحاديث عن أحوالهم ومشاريعهم، وتؤمّن الربح في نهاية الشهر. إنه طموح نهاية الخدمة أو التقاعد. كأن «الدكنجي» لا يعمل. يتسامر مع زبائنه فقط. يتبادلون النكات أو يحللون الأوضاع السياسية في البلاد. ربما يتشاجرون. يشكون المعيشة الصعبة هذه الأيام.
هي مهنة التقاعد إذاً، لكن ما مدى صحة ذلك؟ وهل عمل «الدكنجي» يقتصر على الحكي وتعداد الأرقام؟ ربما، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. ففي كثير من الأحيان، تستهلك هذه المهنة الأعصاب. يكفي أن تكون مهمتك الابتسام لجميع أجناس البشر عشر ساعات على الأقل يومياً. الغضب ممنوع. التذمر أيضاً.
ماركيلا «دكنجية» في العقد الثالث من العمر. هي امرأة إذاً وليست عجوزاً. ترتدي بنطال «جينز» وحذاءً رياضياً. تتسلم البضاعة من التجار. تصعد إلى الرافعة. تبدو أحياناً كأنها تستعير حواس الآخرين لتمضية النهار. دكانها وزوجها حديث العهد نسبياً في منطقة الرميل. قررا دخول هذه المهنة منذ نحو عشر سنوات خلت. لم يكن الدكان تجارتهم الأولى، لكن الأخيرة حتى اللحظة. فالإيجابيات ليست بالقدر الذي يخاله الناس. يغلب «النق» على المتعة. ما قد يخاله كثيرون راحة هو عكس ذلك تماماً. يكفي هذا المشهد الذي يتكرر بصورة شبه يومية: يطلب الزبون سلعة معينة ويفاجئه السعر، فيسارع إلى السؤال: لماذا تزيدون الأسعار؟ محاولات «الدكنجي» لشرح الأمر نادراً ما تقنع الزبون بأن التاجر هو الذي يزيد الأسعار على الدكان، وبالتالي على الزبون.
عملت ماركيلا وزوجها ايلي في بيع أفلام الفيديو والألعاب بعد الحرب، إلى أن قضى «الساتلايت» على مهنتهما. كان لا بد من بديل. عملية التفكير المضني قادتهما إلى قناعة مفادها أن أي تجارة لها علاقة بالطعام تستمر. وقع الخيار أخيراً على الدكان، لكن المهنة ستجلب لماركيلا المرض، كما تقول. إنه الدَيْن. يشتري عدد لا بأس به من الزبائن حاجياتهم بالدين الذي بات مكدساً، فقلة هم الذين يلتزمون الدفع نهاية الشهر. «شو عبالن، لديهم ميني ماركت». هكذا، يفكر الناس بحسب ماركيلا.
هل هذه المهنة مُربحة حقاً كما يعتقد الكثيرون؟ تقول ماركيلا: «نعم، شرط إتقانها». أولى العقبات، أو العقبة الأساسية، تكمن في فتح الباب أمام الدين. صحيح أن الربح في السلعة يقتصر على 50 أو 100 ليرة، و500 ليرة في عدد قليل من السلع، إلا أن الزبون «يستحلي» دائماً.
تتصل زبونة وتسأل عن جرة الغاز التي طلبتها قبل ساعة ولم تتسلمها بعد. تجيبها ماركيلا: «تعذر ايصالها بسبب الزحمة». الطبخة ليست على النار، لكن هذه المرأة وحيدة، عمرها 75 عاماً، وتود التسلية.
ماركيلا وايلي تحولا إلى مختاري الحي. يعرفان الجميع، يستمعان إلى مشاكلهم وأحوالهم العائلية. الفةٌ تُضفي على المهنة بعداً إنسانياً، أقرب إلى مفهوم الضيعة. جلسة النساء الصباحية تُستكمل في الدكان. ينقصها القهوة فقط. أما لماذا يقصدهما الناس دون غيرهما، فالجواب بسيط. تقول: «نساير الزبائن، نمازحهم». حتى إن الزوج الذي يذهب إلى الصيد باستمرار، يوزع جزءاً من صيده على زبائنه.
المشكلة أن الدكان يمتلك صاحبه. تنعدم الحياة الخاصة. ماركيلا وزوجها لا يشاركان في شيء. لا عرس، لا عزاء، لا عشاء... لا يشعر إيلي بشيء حيال مهنته. فكر مرة في تغييرها من دون أن يجد البديل. يدخل أحدهم ليشتري السجائر. يخاطبه ايلي: «أتمنى لك الموت». يردف قائلاً: «لا أستطيع إلا أن أكلمه بهذه الطريقة، وإلّا فسيظن أنني أعامله برسمية». يعترف بأنه «دكنجي» فاشل، لأنه ليس «محتالاً»، الصفة التي تتطلبها المهنة. مع ذلك، يبدو سعيداً لأنه يبني صداقات مع زبائنه.
في بدارو، تحول دكان أبو ميشال إلى دليل. يكفي أن تقول «إلى جانب أبو ميشال». يجسّد الرجل صورة «الدكنجي» العجوز، لكن عمره الذي قارب التسعين عاماً لم يعد يسمح له بالعمل في الدكان إلّا نادراً. تقول إحدى زبوناته إنه لا يزال يبيع بـ «الليرة»، لكن ابنه جان يوضح أن الليرة هي أسلوب والده للسخرية من الواقع. فقالب الجبنة اليوم يباع بثمانية آلاف ليرة، فيما كان يباع بسبع ليرات. إنه لفرق شاسع.
لم تعد المهنة مربحة كما في السابق. كل شيء تغير اليوم. بات «الميني ماركت» بمثابة حشرة أمام «السوبر ماركت» و«المول». سابقاً، كان الزبائن يجلبون كل حاجياتهم من الدكان، حتى إن أبو ميشال بدأ بخدمة إيصال الأغراض إلى المنازل قبل أن تكون موجودة. اليوم يأتي الناس إذا احتاجوا إلى شيء فجأة. لم يعد دكان أبو ميشال كما في السابق. في الصيف، غالباً ما يُقفل باكراً لأن الناس يكونون على البحر أو في الجبل، بعكس الشتاء. لا يفتح طيلة نهار الأحد. ببساطة، المهنة لم تعد تستحق هذه التضحيات.
يقول: «يظن الناس أن السلع في السوبر ماركت أرخص. هذا ليس صحيحاً. قد يخفضون أسعار السلع التي عليها طلب، كمساحيق الغسيل، بنسبة لا تتعدى مئة ليرة، فيما يضاعفون أسعار سلع أخرى، ليكونوا الرابحين في نهاية المطاف». ربما هي متعة التسوق التي تدفع الناس إلى قصد «المول» أو «السوبر ماركت»، حيث يتيح لك المكان الواسع تفحص كل شيء، يضاف إلى ذلك تعدد الخيارات أمام الزبون، والاستفادة من العروض التي يقدمها الوكلاء لـ«السوبرماركت» فقط. في المقابل، لا تسمح مصلحة الدكان الضيقة وقلة الخيارات بتحقيق هذه المتعة.
لا يتمتع جميع «الدكنجيي» بلسان طليق، بل يرفض البعض تعديل ملامحهم المتجهمة. هم مقتنعون بأن الناس يحتاجون إلى سلعهم، وسيأتون لا محالة. لذلك، يصعب تحديد مقياس للنجاح. الأكيد أن المصلحة لم تعد مربحة كما في السابق، لكنّها لا تزال قادرة على توفير مستلزمات العائلة الأساسية. «القلّوسة» والشال الصوفي ينقرضان، ربما يحافظ عليهما من بقي حياً من «الدكنجيي» القدامى. دكنجي اليوم يمتلك «بلاك بيري».
الدكان
في شارع جاندارك في الحمرا، يحبس الحديد الأبيض «الدكان». ما القصة؟ يقول جاره إنه قرر الإقفال. لماذا؟ لا يعرف جواباً دقيقاً، إلا أنه يلمح إلى أن السبب مادي بطبيعة الحال. قبل نحو ثلاث سنوات تقريباً، فتح وليد حيدر «الدكان: ليس «ميني ماركت» ولا «سوبر ماركت»، بل يقبع في الوسط. استعاد «النوستالجيا» ربما في قراره تسمية هذا المحل الوسطي بـ «الدكان». اللافتة الكبيرة التي كتب عليها الاسم، لا شك أنها تحرّك لدى الزبون شيئاً ما، وتدفعه إلى الدخول للتعرف على «الدكنجي» الجديد.
يغلق الدكان أبوابه لأنه غير قادر على تحمل الإيجار الجديد، علماً بأنه لا يعاني شحاً في الزبائن، بحسب مسؤول المحاسبة خليل حيدر. «الدكان» يقفل لكن المهنة باقية. ربما لن يلغي «السوبر ماركت» دور صغيره بهذه السرعة.
من جهة ثانية، يطالب بعض «الدكنجيي» بأن تكون هناك نقابة لـ «الميني ماركت»، على غرار «السوبر ماركت»، من دون أن ينتبهوا إلى مدى صعوبة الأمر، وخصوصاً أن النقابة إذا وجدت ستتيح لهم الوقوف في وجه التجار.
بالنسبة إلى آخرين، تبدو مهنة «الدكنجي» بمثابة الحلم الذي يتوقون إلى تحقيقه. الحالمون هم محامون ومهندسون وصحافيون... إلخ. ليس أجمل من أن تصبح ملكاً على دُكان صغير. تنتظر قدوم الزبائن، تتبادل وإياهم الأحاديث عن أحوالهم ومشاريعهم، وتؤمّن الربح في نهاية الشهر. إنه طموح نهاية الخدمة أو التقاعد. كأن «الدكنجي» لا يعمل. يتسامر مع زبائنه فقط. يتبادلون النكات أو يحللون الأوضاع السياسية في البلاد. ربما يتشاجرون. يشكون المعيشة الصعبة هذه الأيام.
هي مهنة التقاعد إذاً، لكن ما مدى صحة ذلك؟ وهل عمل «الدكنجي» يقتصر على الحكي وتعداد الأرقام؟ ربما، لكن الأمر ليس بهذه السهولة. ففي كثير من الأحيان، تستهلك هذه المهنة الأعصاب. يكفي أن تكون مهمتك الابتسام لجميع أجناس البشر عشر ساعات على الأقل يومياً. الغضب ممنوع. التذمر أيضاً.
ماركيلا «دكنجية» في العقد الثالث من العمر. هي امرأة إذاً وليست عجوزاً. ترتدي بنطال «جينز» وحذاءً رياضياً. تتسلم البضاعة من التجار. تصعد إلى الرافعة. تبدو أحياناً كأنها تستعير حواس الآخرين لتمضية النهار. دكانها وزوجها حديث العهد نسبياً في منطقة الرميل. قررا دخول هذه المهنة منذ نحو عشر سنوات خلت. لم يكن الدكان تجارتهم الأولى، لكن الأخيرة حتى اللحظة. فالإيجابيات ليست بالقدر الذي يخاله الناس. يغلب «النق» على المتعة. ما قد يخاله كثيرون راحة هو عكس ذلك تماماً. يكفي هذا المشهد الذي يتكرر بصورة شبه يومية: يطلب الزبون سلعة معينة ويفاجئه السعر، فيسارع إلى السؤال: لماذا تزيدون الأسعار؟ محاولات «الدكنجي» لشرح الأمر نادراً ما تقنع الزبون بأن التاجر هو الذي يزيد الأسعار على الدكان، وبالتالي على الزبون.
عملت ماركيلا وزوجها ايلي في بيع أفلام الفيديو والألعاب بعد الحرب، إلى أن قضى «الساتلايت» على مهنتهما. كان لا بد من بديل. عملية التفكير المضني قادتهما إلى قناعة مفادها أن أي تجارة لها علاقة بالطعام تستمر. وقع الخيار أخيراً على الدكان، لكن المهنة ستجلب لماركيلا المرض، كما تقول. إنه الدَيْن. يشتري عدد لا بأس به من الزبائن حاجياتهم بالدين الذي بات مكدساً، فقلة هم الذين يلتزمون الدفع نهاية الشهر. «شو عبالن، لديهم ميني ماركت». هكذا، يفكر الناس بحسب ماركيلا.
هل هذه المهنة مُربحة حقاً كما يعتقد الكثيرون؟ تقول ماركيلا: «نعم، شرط إتقانها». أولى العقبات، أو العقبة الأساسية، تكمن في فتح الباب أمام الدين. صحيح أن الربح في السلعة يقتصر على 50 أو 100 ليرة، و500 ليرة في عدد قليل من السلع، إلا أن الزبون «يستحلي» دائماً.
تتصل زبونة وتسأل عن جرة الغاز التي طلبتها قبل ساعة ولم تتسلمها بعد. تجيبها ماركيلا: «تعذر ايصالها بسبب الزحمة». الطبخة ليست على النار، لكن هذه المرأة وحيدة، عمرها 75 عاماً، وتود التسلية.
ماركيلا وايلي تحولا إلى مختاري الحي. يعرفان الجميع، يستمعان إلى مشاكلهم وأحوالهم العائلية. الفةٌ تُضفي على المهنة بعداً إنسانياً، أقرب إلى مفهوم الضيعة. جلسة النساء الصباحية تُستكمل في الدكان. ينقصها القهوة فقط. أما لماذا يقصدهما الناس دون غيرهما، فالجواب بسيط. تقول: «نساير الزبائن، نمازحهم». حتى إن الزوج الذي يذهب إلى الصيد باستمرار، يوزع جزءاً من صيده على زبائنه.
المشكلة أن الدكان يمتلك صاحبه. تنعدم الحياة الخاصة. ماركيلا وزوجها لا يشاركان في شيء. لا عرس، لا عزاء، لا عشاء... لا يشعر إيلي بشيء حيال مهنته. فكر مرة في تغييرها من دون أن يجد البديل. يدخل أحدهم ليشتري السجائر. يخاطبه ايلي: «أتمنى لك الموت». يردف قائلاً: «لا أستطيع إلا أن أكلمه بهذه الطريقة، وإلّا فسيظن أنني أعامله برسمية». يعترف بأنه «دكنجي» فاشل، لأنه ليس «محتالاً»، الصفة التي تتطلبها المهنة. مع ذلك، يبدو سعيداً لأنه يبني صداقات مع زبائنه.
في بدارو، تحول دكان أبو ميشال إلى دليل. يكفي أن تقول «إلى جانب أبو ميشال». يجسّد الرجل صورة «الدكنجي» العجوز، لكن عمره الذي قارب التسعين عاماً لم يعد يسمح له بالعمل في الدكان إلّا نادراً. تقول إحدى زبوناته إنه لا يزال يبيع بـ «الليرة»، لكن ابنه جان يوضح أن الليرة هي أسلوب والده للسخرية من الواقع. فقالب الجبنة اليوم يباع بثمانية آلاف ليرة، فيما كان يباع بسبع ليرات. إنه لفرق شاسع.
لم تعد المهنة مربحة كما في السابق. كل شيء تغير اليوم. بات «الميني ماركت» بمثابة حشرة أمام «السوبر ماركت» و«المول». سابقاً، كان الزبائن يجلبون كل حاجياتهم من الدكان، حتى إن أبو ميشال بدأ بخدمة إيصال الأغراض إلى المنازل قبل أن تكون موجودة. اليوم يأتي الناس إذا احتاجوا إلى شيء فجأة. لم يعد دكان أبو ميشال كما في السابق. في الصيف، غالباً ما يُقفل باكراً لأن الناس يكونون على البحر أو في الجبل، بعكس الشتاء. لا يفتح طيلة نهار الأحد. ببساطة، المهنة لم تعد تستحق هذه التضحيات.
يقول: «يظن الناس أن السلع في السوبر ماركت أرخص. هذا ليس صحيحاً. قد يخفضون أسعار السلع التي عليها طلب، كمساحيق الغسيل، بنسبة لا تتعدى مئة ليرة، فيما يضاعفون أسعار سلع أخرى، ليكونوا الرابحين في نهاية المطاف». ربما هي متعة التسوق التي تدفع الناس إلى قصد «المول» أو «السوبر ماركت»، حيث يتيح لك المكان الواسع تفحص كل شيء، يضاف إلى ذلك تعدد الخيارات أمام الزبون، والاستفادة من العروض التي يقدمها الوكلاء لـ«السوبرماركت» فقط. في المقابل، لا تسمح مصلحة الدكان الضيقة وقلة الخيارات بتحقيق هذه المتعة.
لا يتمتع جميع «الدكنجيي» بلسان طليق، بل يرفض البعض تعديل ملامحهم المتجهمة. هم مقتنعون بأن الناس يحتاجون إلى سلعهم، وسيأتون لا محالة. لذلك، يصعب تحديد مقياس للنجاح. الأكيد أن المصلحة لم تعد مربحة كما في السابق، لكنّها لا تزال قادرة على توفير مستلزمات العائلة الأساسية. «القلّوسة» والشال الصوفي ينقرضان، ربما يحافظ عليهما من بقي حياً من «الدكنجيي» القدامى. دكنجي اليوم يمتلك «بلاك بيري».
الدكان
في شارع جاندارك في الحمرا، يحبس الحديد الأبيض «الدكان». ما القصة؟ يقول جاره إنه قرر الإقفال. لماذا؟ لا يعرف جواباً دقيقاً، إلا أنه يلمح إلى أن السبب مادي بطبيعة الحال. قبل نحو ثلاث سنوات تقريباً، فتح وليد حيدر «الدكان: ليس «ميني ماركت» ولا «سوبر ماركت»، بل يقبع في الوسط. استعاد «النوستالجيا» ربما في قراره تسمية هذا المحل الوسطي بـ «الدكان». اللافتة الكبيرة التي كتب عليها الاسم، لا شك أنها تحرّك لدى الزبون شيئاً ما، وتدفعه إلى الدخول للتعرف على «الدكنجي» الجديد.
يغلق الدكان أبوابه لأنه غير قادر على تحمل الإيجار الجديد، علماً بأنه لا يعاني شحاً في الزبائن، بحسب مسؤول المحاسبة خليل حيدر. «الدكان» يقفل لكن المهنة باقية. ربما لن يلغي «السوبر ماركت» دور صغيره بهذه السرعة.
من جهة ثانية، يطالب بعض «الدكنجيي» بأن تكون هناك نقابة لـ «الميني ماركت»، على غرار «السوبر ماركت»، من دون أن ينتبهوا إلى مدى صعوبة الأمر، وخصوصاً أن النقابة إذا وجدت ستتيح لهم الوقوف في وجه التجار.