الحسن تروّج لصعوبات ماليّة... الوقائع تُثبت عكس ذلك!
خلافاً لما تروّج له وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال، ريّا الحسن، من صعوبة في تلبية الاحتياجات التمويليّة للحكومة خلال هذه الفترة المتّسمة بجمود في تأليف الحكومة، تُظهر الوقائع الأخيرة عكس ذلك، حيث تلقى سندات الخزينة بالليرة طلباً فائضاً، وتمضي السوق قدماً تحضيراً لعملية استبدال سندات بالعملات الأجنبية بقيمة مليار دولار تستحقّ في وقت لاحق من الشهر الجاري. ففي حديث إذاعي أمس، وصفت ريا الحسن وضع الخزينة بأنّه «صعب»، وزعمت بأن «المصارف اللبنانية توقّفت عن الاكتتاب بسندات الخزينة». لكن في الأسبوع الماضي، وتحديداً في 28 نيسان، أجرى مصرف لبنان عملية استبدال سندات خزينة (SWAP) بلغ الطلب عليها 2658 مليار ليرة، مقارنة بـ 511 ملياراً قيمة السندات التي تضمّنتها العملية، ما يعني أنّ هناك فائضاً اسمياً بقيمة 2311 مليار ليرة. واستُبدلت السندات التي تستحقّ بين 28 نيسان الماضي و30 حزيران المقبل بسندات خزينة لفترة 7 سنوات، بفائدة بلغت 7.9%، مع العلم بأن عمليّة الاستبدال لم تشمل جميع السندات التي تستحقّ خلال الفترة المذكورة. ففي أيّار وحزيران، تبلغ قيمة السندات المستحقّة 4288 مليار ليرة، بحسب أرقام جمعيّة المصارف بنهاية شباط الماضي.
ووفقاً لتقويم قسم الأبحاث في «بنك عوده»، فإنّ عملية الاستبدال الأخيرة أظهرت «استقراراً في معدّل الفائدة على سندات الخزينة من فئات 3 أشهر و6 أشهر و5 سنوات»، حيث بلغ المعدّل 3.93% و4.5% و6.18%، فيما لم تُلحظ أي حركة في السوق الثانوية لتبادل تلك السندات.
وفي السياق، لفت بنك عوده إلى مضيّ السوق قدماً في التحضير لعمليّة استبدال سندات دين بالعملات الأجنبية (Eurobond) بقيمة مليار دولار تستحقّ في 20 من الشهر الجاري، وقال إنّ المستثمرين يترقّبونها. وعن كلفة تأمين الدين اللبناني (بوليصة تأمين في حال عدم الوفاء يُرمز إليها بـ«CDS») قال المصرف إنّها تبقى ثابتة وتتراوح ما بين 350 و370 نقطة أساس.
إذاً، لم تعد خافيةً محاولات فريق سياسي معيّن إشاعة المخاوف والقلق، إذ انتقل النائب غازي يوسف أمس من التحذير من «الإفلاس» المالي الذي أطلقته الوزيرة ريا الحسن إلى التحذير من «انهيار اقتصادي» في لبنان، مدافعاً عن موقف وزيرة المال في شأن مدى توافر السيولة ومدى قدرة البلاد حالياً على التعامل مع الدين العام والاستحقاقات المترتّبة في إطاره. مهما يكن، فإنّ النمط المسجّل على صعيد تمويل الاحتياجات الحكوميّة حتّى الآن أظهر استقراراً نسبياً، بل حتّى شهيّة مفتوحة من المستثمرين والمصارف، علماً بأن التحذيرات التي تُطلقها الحسن حالياً كان يجب أن تتقدّم بها إلى الشعب في تشرين الثاني الماضي عندما كان عقد الحكومة لا يزال مشبوكاً (راجع: المصارف تنام على سيولتها، الأخبار، 1 كانون الأوّل 2010)، فحينها حذّرت المصارف (وجاهرت بتحذيرها إعلامياً) من أنّها ستمتنع عن الإقبال على إصدارات وزارة المال، وأنّ المصرف المركزي وجد في شهادات الإيداع مخرجاً لهذا الموقف: المصارف تستثمر في شهادات الإيداع التي يُصدرها المركزي ويتولّي الأخير إقراض الحكومة. لكن، حينها لم نسمع وزيرة المال تحذّر من جفاف السيولة وشبع المصارف! أمّا الآن فإن الوضع/ الموقف يختلف، رغم أنّ الطرحين الأخيرين لوزارة المال لقيا إقبالاً جيداً. ففي 14 و21 من الشهر الماضي، نجحت الوزارة في جمع 3066 مليار ليرة (2.03 مليار دولار) عبر إصدار سندات خزينة. وفي الإصدار الأوّل تجاوز عرض المستثمرين/ المصارف طلب الوزارة لتمويل سندات خزينة بنسبة 117%! هل تعني وزيرة المال جدياً ما تقوله؟ الأرقام تُظهر العكس، لتبدو أحاديث الوزيرة وتحذيراتها مركّزة فقط لإحداث ما تُحذّر منه تحديداً: إخافة الأسواق والمصارف وحثّها على الامتناع عن الاكتتاب لفقدان الثقة. إذا كان هذا هو الهدف فعلاً، فالخطورة تتخطّى عدم رغبة المصارف بالتمويل، إلى حدّ التآمر على المالية العامّة.
ووفقاً لتقويم قسم الأبحاث في «بنك عوده»، فإنّ عملية الاستبدال الأخيرة أظهرت «استقراراً في معدّل الفائدة على سندات الخزينة من فئات 3 أشهر و6 أشهر و5 سنوات»، حيث بلغ المعدّل 3.93% و4.5% و6.18%، فيما لم تُلحظ أي حركة في السوق الثانوية لتبادل تلك السندات.
وفي السياق، لفت بنك عوده إلى مضيّ السوق قدماً في التحضير لعمليّة استبدال سندات دين بالعملات الأجنبية (Eurobond) بقيمة مليار دولار تستحقّ في 20 من الشهر الجاري، وقال إنّ المستثمرين يترقّبونها. وعن كلفة تأمين الدين اللبناني (بوليصة تأمين في حال عدم الوفاء يُرمز إليها بـ«CDS») قال المصرف إنّها تبقى ثابتة وتتراوح ما بين 350 و370 نقطة أساس.
إذاً، لم تعد خافيةً محاولات فريق سياسي معيّن إشاعة المخاوف والقلق، إذ انتقل النائب غازي يوسف أمس من التحذير من «الإفلاس» المالي الذي أطلقته الوزيرة ريا الحسن إلى التحذير من «انهيار اقتصادي» في لبنان، مدافعاً عن موقف وزيرة المال في شأن مدى توافر السيولة ومدى قدرة البلاد حالياً على التعامل مع الدين العام والاستحقاقات المترتّبة في إطاره. مهما يكن، فإنّ النمط المسجّل على صعيد تمويل الاحتياجات الحكوميّة حتّى الآن أظهر استقراراً نسبياً، بل حتّى شهيّة مفتوحة من المستثمرين والمصارف، علماً بأن التحذيرات التي تُطلقها الحسن حالياً كان يجب أن تتقدّم بها إلى الشعب في تشرين الثاني الماضي عندما كان عقد الحكومة لا يزال مشبوكاً (راجع: المصارف تنام على سيولتها، الأخبار، 1 كانون الأوّل 2010)، فحينها حذّرت المصارف (وجاهرت بتحذيرها إعلامياً) من أنّها ستمتنع عن الإقبال على إصدارات وزارة المال، وأنّ المصرف المركزي وجد في شهادات الإيداع مخرجاً لهذا الموقف: المصارف تستثمر في شهادات الإيداع التي يُصدرها المركزي ويتولّي الأخير إقراض الحكومة. لكن، حينها لم نسمع وزيرة المال تحذّر من جفاف السيولة وشبع المصارف! أمّا الآن فإن الوضع/ الموقف يختلف، رغم أنّ الطرحين الأخيرين لوزارة المال لقيا إقبالاً جيداً. ففي 14 و21 من الشهر الماضي، نجحت الوزارة في جمع 3066 مليار ليرة (2.03 مليار دولار) عبر إصدار سندات خزينة. وفي الإصدار الأوّل تجاوز عرض المستثمرين/ المصارف طلب الوزارة لتمويل سندات خزينة بنسبة 117%! هل تعني وزيرة المال جدياً ما تقوله؟ الأرقام تُظهر العكس، لتبدو أحاديث الوزيرة وتحذيراتها مركّزة فقط لإحداث ما تُحذّر منه تحديداً: إخافة الأسواق والمصارف وحثّها على الامتناع عن الاكتتاب لفقدان الثقة. إذا كان هذا هو الهدف فعلاً، فالخطورة تتخطّى عدم رغبة المصارف بالتمويل، إلى حدّ التآمر على المالية العامّة.