تدخل البلاد غداً المرحلة الرابعة والأخيرة من التخفيف التدريجي للقيود المفروضة لاحتواء فيروس «كورونا»، ما يعني فتحاً شبه كامل، وسط بطء في عملية التلقيح وعودة الارتفاع في عداد الإصابات والوفيات، مع تسجيل يوميّ لما يقارب الـ3500 إصابة، بينها 73 وفية، في ذروة جديدة بلغتها الوفيات قبل أيام. كما تشهد غرف العناية المركزّة إشغالاً بالحالات الحرجة حيث سجّل يوم أمس 975 حالة. ليبقى الانخفاض الوحيد والسلبي في عدد المسجلين على منصة وزارة الصحة لأخذ اللقاح حيث لا يتعدون الـ15%.
سيعود العمل في القطاعات التي لم تلحظها المراحل الثلاث الأولى، ليشمل الفتح صالات المطاعم وكازينو لبنان والمواقع السياحية والتاريخية والمسابح الداخلية والشواطئ والنوادي الرياضية ومراكز الألعاب، مع اتجاه لدى اللجنة الوزارية لمتابعة ملف «كورونا»، التي ستجتمع غداً صباحاً، بفرض منع التجوّل ليلاً، كما يشير رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري لـ«الأخبار».

يتقاطع كلام البزري مع حديث نائب نقيب أصحاب المطاعم خالد نزها، الذي يصف الفتح بـ«غير المجدي»، كون «المطاعم والمقاهي مجبرة على إقفال أبوابها عند السابعة مساءً التزاماً بحظر التجوّل بدءاً من الثامنة، مع زيادة عدد ساعات العمل وبشكل تدريجي كل 15 يوماً، ما يكبّدها خسائر نظراً للكلفة التشغيلية العالية من جهة، مع ارتفاع الدولار مقابل الليرة، وإقبال الزبائن المنخفض عادةً في ساعات الغداء، وسيزيد تراجعه مع الأوضاع المعيشية الصعبة من جهة أخرى، حيث تعتمد المطاعم على وجبة العشاء والسهر بشكل عام».

لوجيستياً، الفتح لا يعني إلغاء الإجراءات الوقائية، كالالتزام بـ50% من القدرة الاستيعابية للصالات، والمسافة الآمنة بين الطاولات مع الاستعاضة عنها بفواصل «بكلاسي» في المحال ذات الصالات الصغيرة، على ألا يزيد عدد الأفراد على الطاولة الواحدة عن الـ6.
الجديد هذه المرة هو فرض النقابة إجراء فحص «PCR» كل أسبوعين للعاملين في الصالات، وكذلك الحجز المسبق، ما يتيح لإدارة المطعم تقدير ما إذا كان بإمكانها استقبال الزبائن من عدمه ضمن سقف الـ50%، وتفادياً للازدحام على الأبواب بانتظار شغور مكان. في السابق، خرق البعض الإجراءات، وحينها يذكّر نزها: «طالبنا بختمها بالشمع الأحمر، منعاً من الإضرار بالقطاع بإقفاله كاملاً»، واليوم تجدد النقابة طلبها.

شهران ونصف الشهر على إقفال القطاع المنهار في الأصل بفعل الأزمة الاقتصادية، شأنه شأن قطاعات الخدمات، وفي آخر حصيلة يؤكد نزها أن «100 ألف عامل خسروا وظائفهم، وما يزيد عن 50% من المطاعم أقفلت نهائياً و20% من الـ50% المتبقية تدور شكوك حول قدرتها على استئناف العمل غداً».

على أبواب عودة الحياة إلى طبيعتها كما كانت قبل الإغلاق التام في 14 كانون الثاني، يتخوّف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي من المرحلة، فـ«الدولة عاجزة عن تقديم المساعدات الاجتماعية وضبط تطبيق الإجراءات الوقائية، كما أن المواطنين غير الملتزمين كثر». ينتقد «التخبيص» في القرارات، ومع إقراره بإيجابية الإقفال لجهة تدني عدد الإصابات في مرحلة من المراحل، يأسف لعدم المحافظة على تلك النتائج نتيجة دمج المراحل بعضها ببعض بطريقة «فوضوية».

يبقى الرهان على تسريع وتوسيع حملة اللقاحات للسيطرة على الوباء. وفي حال لم يتكرر التأخير نتيجة الضغط العالمي على اللقاحات، يتوقّع البزري أن تشهد الأسابيع المقبلة وصول دفعات جديدة من الجرعات اللقاحية يصل عددها إلى مليونين و250 ألف جرعة «فايزر»، إضافة إلى 340 ألف جرعة بين نيسان وأيّار من «أسترازنيكا»، و200 ألف جرعة من «سينوفارم» الصيني. ولأوّل مرة، أتت الرخص التي منحتها وزارة الصحة للقطاع الخاص ثمارها مع إمكانية وصول مليون جرعة من اللقاح الروسي بدءاً من الخميس المقبل، على دفعات أسبوعية تضم كل واحدة منها 50 ألف جرعة.

يضم البزري صوته إلى أصوات المحذّرين، بعد «فشل» الدولة في إدارة عمليات الإقفال والفتح، وعدم التزام المواطن بمسؤوليته المجتمعية، متحدثاً عن مشهد ضاغط في المستشفيات يشبه إلى حد بعيد فترة ما قبل الإغلاق التام، يزيده خطورة «إيحاء النمط الوبائي بقدوم ذروة جديدة».

طبياً، «الإقفال مفضّل»، ولكن بدرس السيئات والحسنات لكل قرار، يتضح أن الخسائر واقعة في الحالتين، وعليه يحدد مفتاح الحل بتحمّل المواطن المسؤولية الشخصية، ومعاقبة الدولة المخالفين كنوعٍ من التوازن بين المصلحة المعيشية والحماية الصحية.

التعليم ينتظر «أسترازنيكا»

بالتوازي، لا يزال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، عند قراره بتأجيل العودة إلى التعلّم المدمج في المؤسسات التعليمية كافة، الرسمية والخاصة، إلى موعد يُحدد لاحقاً، بانتظار استكمال نتائج الجهود مع وزارة الصحة والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف» والصليب الأحمر اللبناني لتأمين شروط العودة الآمنة. والمقصود بها تلقي الكادر التعليمي للقاح، والحديث هنا عن «أسترازنيكا» الذي دار الحديث عن تخصيصه للقطاع.