دقّ «كورونا» - أو يكاد - المسمار الأخير في نعش القطاع السياحي الذي يعاني منذ عام 2011، ومنه المطاعم التي تشغّل عشرات الآلاف. كثيرون من هؤلاء فقدوا وظائفهم. ومن بقوا في أعمالهم يتقاضون نصف مستحقاتهم منذ أشهر، وهم مهدّدون اليوم باللحاق بمن سبقهم، إذ أن «الصمود» وقتاً أطول يبدو احتمالاً صعباً. علماً بأن مداخيل القطاع السياحي برمّته تراجعت 10 مليارات دولار عام 2010 إلى 6 مليارات عام 2018.إحصاءات نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري توضح حجم الكارثة. خلال 5 أشهر فقط (أيلول 2019 - شباط 2020) أُقفلت 785 مؤسسة تعمل في مجال الطعام والشراب، 240 منها أغلقت أبوابها في كانون الثاني الماضي. وزاد عدد الموظفين المصروفين على 25 ألفاً من أصل 60 ألفاً من المضمونين، يضاف إليهم 25 ألف عامل موسمي.
رئيس النقابة طوني الرامي يوضح أن «95% من القطاع المطعمي أغلق أبوابه بسبب كورونا، و5% فقط لا يزال شغّالاً من خلال خدمة الديليفري. لكن هؤلاء أيضاً يعانون بسبب الخشية من الفيروس وتراجع القدرة الشرائية للبنانيين». ويؤكد أن القطاع «يعمل منذ أشهر من دون تحقيق أي أرباح لكي نتمكن من الصمود ودفع ما أمكننا من رواتب، إذ أننا نشتري المواد الأوليّة من الموردين وفق سعر صرف الدولار في السوق، ونعتمد سعر الصرف الرسمي مع الزبائن».
في 5 أشهر أُقفلت 785 مؤسسة وفاق عدد المصروفين الـ 25 ألفاً


«التخلي عن أي موظف في القطاع ليس سهلاً لدقة العمل في هذا المجال. فالموظفون هم شركاؤنا في الإنتاج وصلة الوصل الأساسية مع الرواد، واستثمارنا في كل موظف كبير يستمر لسنوات»، يقول الرامي. ولكن «مهما كانت نياتنا سليمة فإن قدرتنا على التضامن مع الموظفين لا يمكن أن تستمر من دون دعم من الدولة. فنحن، منذ 17 تشرين الأول، ندفع نصف راتب على رغم التراجع الهائل في المبيعات الذي قارب الـ 75%. لكن ماذا لو استمر الأمر على هذه الحال شهراً أو شهرين إضافيين؟ وكيف لنا أن نستمر من دون أي مساعدة».
«لطيف وظريف... ولكن لا فائدة منه حتى اللحظة ويبدو كأنه لرفع العتب»، هكذا يصف الرامي التعميم 547 الصادر عن مصرف لبنان والقاضي بأن تمنح المصارف «على مسؤوليتها» قروضاً استثنائية بالليرة أو بالدولار الأميركي بفائدة 0% لمدة 5 سنوات لعملائها المتعثرين عن الدفع. وإحدى غايات التعميم هي أن تستخدم هذه القروض لدفع رواتب الموظفين والعاملين لدى العملاء أو لتغطية حاجات إنتاجية أو تشغيلية. يقول الرامي: «طلبنا من مصرف لبنان تفعيل هذا التعميم وإلزام البنوك بتطبيقه. لكن حتى اللحظة لم تستفد أي مؤسسة خاصة منه، تحديداً لإشارته بوضوح إلى أن على المصارف أن تقرض على مسؤوليتها. وهنا المشكلة الفعليّة: كيف للمصارف أن تقرض مؤسسات متوقفة عن العمل وليس معلوماً متى تعاود نشاطها وبأي إنتاجية؟». والمشكلة مع المصارف لا تقتصر على ذلك، إذ أن «الفوائد على القروض لم تخفّض ولا تزال مرتفعة جداً وتصل إلى حدود 11%». أما الحل ففي «تجميد كل الاستحقاقات والقروض المدعومة وغير المدعومة زائد الفوائد لمدة سنة بعد انتهاء الأزمة، وتمديد المهل العقدية في ما يختص بعقود الإيجار للأماكن السياحية وخفض الإيجارات بنسبة 50%، وتجميد اشتراكات الضمان ورسوم البلديات والمالية واشتراكات الكهرباء والمياه وتقسيطها لمدة سنة أو إعفاؤنا منها». يشير الرامي الى «أننا وضعنا مسودة بالمطالب بالتعاون مع وزير السياحة الذي تقدم بها إلى الحكومة ونأمل أن تترجم إلى مشاريع قوانين من قبل الوزارات المعنيّة». أما في ما يتعلق بموعد إعادة افتتاح المطاعم، فإن النقابة «على تواصل مع وزارة السياحة التي تتابع الموضوع مع وزارة الصحة واللجان المختصة بملف كورونا. وسنتقدم هذا الأسبوع بأفكار إلى الوزارة حول آلية العمل في حال إعادة فتح المطاعم».