وفي المعلومات أنّ القاضية عون استجابت لطلب المركز الكاثوليكي للإعلام الذي ارتأى ضرورة «تأديب» خوري على خلفية كتابته منشورا على صفحته انتقد فيه بلهجة ساخرة إيمان أحدهم بعجائب القدّيس مار شاربل. وإثر المنشور، تعرّض خوري والزميلة جوي سليم التي تفاعلت مع المنشور وكتبت تعليقا ساخرا، لحملة من التهديدات والإساءات والشتائم من قبل عدد من الناشطين «الغيارى» على الدين والمحسوبة غالبيتهم على حزب القوات اللبنانية، وصلت حدّ التهديد بالقتل والسحل والاغتصاب. رغم ذلك، عمد مكتب جرائم المعلوماتية الى استجوابه خوري وسليم للتحقيق معهما، فيما لم يلاحق أياً من المُسيئين رغم هوياتهم المعروفة. فقد سيقت سليم، أول من أمس، الى المكتب وتم التحقيق معها نحو أربع ساعات ووقّعت تعهّداً بعدم المسّ بالأديان وبإزالة المنشورات المتعلّقة القضية من على صفحتها، فيمااستدعي خوري أمس الى التحقيق لنحو ثماني ساعات بالتزامن مع «اختفاء» منشورات سابقة على صفحته قبل أن «تختفي» صفحته بالمُجمل. وعلمت «الأخبار» أنّ خوري أُرغم على إغلاق صفحته على ا«فايسبوك». وجاء قرار القاضية عون ليُمعن في انتهاك حقّه بالكلام والتعبير.
قانونا، وبحسب مصدر قضائي، لا يحقّ للقاضية اتخاذ تدبير كهذا، «فهي ليست ضابطة ادارية يحق لها منع حصول الجريمة. جلّ ما يقع في صلاحياتها اتخاذ تدابير احترازية». وفي هذه القضية، وجب عليها اتخاذ قرار بسحب المنشور موضع الخلاف.
لم يُعاقب الناشطون المُسيئون ولم يتم استدعاؤهم رغم أن هوياتهم معروفة
القرار أثار سخط الكثير من الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي الذين شعروا بأنهم «مُراقبون» من مكتب جرائم المعلوماتية الذي «لا يملك الاختصاص للتحقيق في حالات كهذه»، بحسب محامي مؤسسة «مهارات» طوني مخايل الذي أوضح أن التحقيق في تداعيات منشور ساخر لا يُعدّ «جريمة الكترونية». وانتقد استنسابية المكتب في تعامله مع كل من خوري وسليم (لجهة مدة التحقيق والعقاب) وفي تعاطيه مع الناشطين المسيئين لهما من جهة أخرى. ولفت الى انحياز «الدولة» المُتمثّلة بمكتب جرائم المعلوماتية «للطرف الأقوى في النزاعات الإفتراضية المماثلة». ورأى أنّ غير المُتديّنين في لبنان أو الملحدين فئة غير قوية اجتماعيا و«شبه مُستضعفة»، في حين أن رجال الدين والقيّمين عليه يملكون القوّة. وسأل عن «الأمان الرقمي الذي تفتقده الفئات المهمشة في لبنان التي تستخدم الانترنت»، مُعتبرا أنّ قرار منع خوري من الكلام لمدة شهر يُمثل «اعتداءا صارخا على حقوق الإنسان البديهية في التعبير عن رأيه وفي تداول المعلومات».
«الإرهاب» الفكري الذي تعرّض له خوري وسليم يُرسي واقعا مفاده أن التهديد باسم الدين مسموح. هذا الواقع يُغذّيه وجود نصوص قانونية وضعت الأديان في مراتب الأمن القومي، حيث يُصبح انتقادها، ولو بسخرية، مسًّا بأمن الدولة!