مصر، سوريا، لبنان، العراق، السودان، وغيرها من الدول العربية حيث تدهورت قيمة العملة المحلية ضمن فترات متزامنة نسبياً، ما بدا كأنه عدوى منتقلة من اقتصاد إلى آخر. لكن ما يبدو أنه مرض متنقّل مصدره التبادل التجاري بين هذه الدول، قد يكون إحدى العوارض المشتركة لمرض شامل مصدره الخلل البنيوي في اقتصادات هذه الدول الناتج من الانفتاح على الغرب

تتحضر غانا للمضيّ باتفاقها رقم الـ17 مع صندوق النقد الدولي. من الواضح أن العودة المتكرّرة إلى الصندوق ليست مجدية، لأن سياساته لا تقدّم علاجات جوهرية بل تركّز على تصحيح محاسبي للمؤشرات. أما المشكلة الأساسية، فهي تكمن في بنية الاقتصاد القائمة على الاستيراد وتبذير الموارد بدلاً من استثمارها لخلق نشاط اقتصادي مستدام. وسوء استخدام الموارد ليس ناتجاً من تدني كفاءة الدولة كما يروّج عن كل دول أفريقيا، بل لأن موارد النفط والغاز والذهب والمعادن والكاكاو، نهبها الاستعمار تاريخياً، وصندوق النقد يواصل المسيرة منذ 1966 بوصفه أداة حديثة أكثر فعالية للاستعمار

أحد أوضح النتائج من الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي، أن الدول تصبح مجبرة على فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية بشكل كامل من خلال فتح حسابات رأس المال للأموال الآتية من الخارج. يدفع هذا الأمر، الاقتصاد إلى أمرين: إدمان الاقتصاد على هذه التدفقات - الاستثمارات، وارتهانه لها بشكل كبير. مخاطر هذا الارتهان تظهر أيام الأزمات، إذ تلعب هذه الاستثمارات دوراً في مفاقمة الأزمات بسبب قدرتها على الانسحاب المبكر عند أول علامات الأزمة، أو الاستحواذ على الأصول العامة والخاصة. مصر بهذا المعنى، تعدّ مثالاً واضحاً للاعتماد المفرط على الاستثمارات الأجنبية، إذ إنها بلغت مرحلة خسارة أراضيها لمصلحة حكومات خارجيّة، مثل دول الخليج والنروج في سياق عملية خصخصة باشرت فيها الدولة في السنوات الأخيرة