النبطية ــ كامل جابر50 شهيداً و350 جريحاً. هذه هي الحصيلة الرسمية التي قدّمها الجيش اللبناني، أول من أمس، لعدد ضحايا القنابل العنقودية منذ انتهاء حرب تموز قبل ثلاث سنوات. حصيلة عرضها رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بنزع الألغام العميد محمد فهمي، معترفاً بوجود «مشكلة ضخمة تفوق إمكانات الدولة».
فهمي كان يمثّل قائد الجيش في حفل إطلاق «جمعية أجيال السلام لنزع الألغام» في النبطية، وهي توأم لجمعية «أيمن سازان عمران بارس» الإيرانية التي ستموّل أعمالها، وقد دعا الهيئات الأهلية والمؤسسات الإنسانية واللجان الوطنية إلى العمل «يداً بيد، لوضع حد لتأثير آفة الألغام التي أبى العدو إلا أن يزيدها بلة من خلال إلقائه ما يزيد على مليون قنبلة عنقودية على بقعة مساحتها 1080 كيلومتراً مربعاً». موضحاً: «صحيح أن العدو الصهيوني زوّد الجيش اللبناني، بواسطة الأمم المتحدة، بمعلومات عن الأهداف التي قصفها بالقنابل العنقودية، لكن هذه المعلومات عديمة الفائدة... علماً بأن الجيش اللبناني نظّف ما يزيد على 55 في المئة من الأراضي المزروعة ألغاماً، و60 في المئة من القنابل العنقودية».
وذكّر النائب محمد رعد بأن «المقاومة الإسلامية، منذ اللحظة الأولى لتوقف الحرب (تموز 2006)، فرزت فريقاً من مجاهديها لتنظيف القرى والبلدات من القنابل العنقودية للحؤول دون وقوع إصابات في صفوف الأهالي. ولولا الجهد الكثيف والمتواصل الذي بادر إليه الجيش اللبناني في بداية الأمر والجهد الذي بذله المقاومون أيضاً، لحصدت القنابل العنقودية الإسرائيلية آلاف الضحايا والإصابات من أهلنا المدنيين». وأشار رعد إلى دقة عملية نزع أو تفجير القنابل العنقودية وصعوبتها، «ومن يتولّى هذه العملية هم استشهاديون مضحّون يمتلكون أهلية وكفاءة وخبرة في هذا المجال، تواكبهم أفواج أُعدّت وأُهّلت لمواصلة هذه العملية الشجاعة والنبيلة في آن. وعلى الرغم من ذلك، فإن ستة شهداء للمقاومة قضوا في هذه المهمة حتى الآن منذ عام 2006، فيما بلغ عدد الضحايا المدنيين من القنابل العنقودية 44 شهيداً و306 جرحى». وأوضح رعد أن المقاومة أسهمت في تفجير 51980 قنبلة عنقودية، ويتولى فوج الهندسة في الجيش اللبناني الدور الأساس في عملية نزع الألغام. كذلك عملت شركات متخصصة خلال الفترة الماضية في هذا المجال، كان معظمها شركات أجنبية، فيما تستمر حالياً أربع شركات متخصصة بالعمل في مجال نزع القنابل العنقودية وتفجيرها».
ولفت رعد إلى أن «جمعية أجيال السلام لنزع الألغام»، هي «لبنانية مرخّصة، يعمل كادرها البشري متعاوناً في نزع القنابل العنقودية، في إطار التواصل والاستفادة من خبرات شركة «أيمن سازان» الإيرانية وعتادها ومهاراتها، والتي وقّعت اتفاقاً رسمياً مع المكتب الوطني لنزع الألغام، وخصوصاً أن عدد المواقع والأهداف التي صنّفت ملوّثة بالقنابل العنقودية يبلغ 1080 موقعاً أو هدفاً بحسب إحصاء المكتب الوطني لنزع الألغام. إن ما تم تنظيفه حتى الآن هو حوالى 562 هدفاً، فيما لا يزال 518 هدفاً بحاجة إلى تنظيف يشمل أراضي زراعية وأحراجاً».
وأعلن رئيس الجمعية محمود رحال أنه «بعد انتهاء مرحلة التأسيس للجمعية، بدأت مرحلة العمل الميداني للتنظيف والتنقيب في حقلين في بلدتي زوطر الشرقية وقبريخا». وعُرض فيلمٌ عن الجمعية تضمن معلومات عن عدد الألغام التي فكّكها جهازها العامل «الذي قدّم ستة شهداء في عملية تفكيك القنابل العنقودية والألغام الإسرائيلية».


مأساة القنابل العنقودية

«كنا في زيارة لبيت جنوبي، وقف جميع من فيه استقبالاً لنا، إلا فتاة في العشرين ما استرعى انتباهنا. لكن حين راح رب البيت يعرف على الموجودين، ثم على ابنته التي لم تقف، وقال: إنها ابنتي وعد، التي بترت قنبلة عنقودية قدميها، ولم تعد تستطيع الوقوف».
هذه الحادثة التي آثر الزميل حيدر دقماق، الذي كان عريف الاحتفال، أن يذكرها، ليست إلا واحدة من مآسي الجنوبيين مع القنابل العنقودية، وكان آخر ضحاياها، الشقيقان عباس (13 عاماً) وحسين عوالي (10 أعوام) من تولين.
وتراوح الأرقام المأسوية لضحايا القنابل، إذ سقط منذ انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان 350 شخصاً ما بين شهيد وجريح، بينهم 45 شهيداً و308 جرحى، من بينهم هم 40 طفلاً دون الثانية عشرة (3 شهداء).