«سكتة سكتة. الذي لا يعجبه هذا الحوار الباب أمامه، لا تغيروا اتجاه الحوار». عبارة كررها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس 4 مرات خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، الذي انطلق متعثراً بعد تحفظات أحزاب اللقاء المشترك ومقاطعة غالبية تيارات الحراك الجنوبي.
تكرار هادي لهذه الجملة، لم يكن المقصود منه أحد مندوبي الحوار الذي طلب الحديث للاعتراض على كيفية ملء مقاعد المقاطعين للحوار، بقدر ما كانت رسالة أراد هادي إيصالها إلى من كان يجلس على يساره، وتحديداً الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ياسين سعيد نعمان والأمين العام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصر سليم العتواني، وذلك بعد إعلان أحزاب «اللقاء المشترك»، أبرز تكتلات المعارضة السابقة وشريكة حزب المؤتمر الشعبي العام حالياً في حكومة التوافق، اعتراضها على قوائم المندوبين. وكان «اللقاء المشترك» يتجه إلى عدم حضور الجلسة الافتتاحية قبل أن تفضي التدخلات إلى مشاركته على أن يقاطع مبدئياً باقي الجلسات حتى تصحيح الخلل في قوائم المندوبين.
هذه البداية المتعثرة للحوار، الذي غاب عنه أيضاً رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة، أكد المستشار السياسي والإعلامي لباسندوة، علي الصراري، لـ«الأخبار» أنها «غير مشجعة على الإطلاق، وخصوصاً أننا كنا نريد أن نفتح صفحة جديدة بداية الحوار».
الصراري نفى أن يكون تغيب باسندوة متعمداً، رغم تسرب أنباء منذ أول من أمس عن رفضه المشاركة. وأضاف: «رئيس الوزراء كان سيحضر، لكنه ذهب إلى مقبرة شهداء الثورة لقراءة الفاتحة على أرواحهم وعرفاناً لتضحياتهم خلال الثورة وتأخر عن حضور الموعد».
لكن الصراري، وهو أيضاً عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي، شرح أسباب تحفظات باسندوة واللقاء المشترك على بعض الأسماء التي وردت في قوائم المندوبين، لافتاً إلى أن القوائم ضمت «عدداً من البلاطجة الذين شاركوا في قتل شباب الثورة، وبينهم حافظ ميعاد وعبد الرحمن الأكوع وعارف الدوكة».
وإن كان اللقاء المشترك قد أعلن في بيان موقفه المتحفظ على قوائم الحوار، فإنه لم ينج بدوره من الخلافات التي تعصف بين صفوفه على خلفية عدم تنسيق المواقف بين أحزابه حول الحوار بعدما أعلن رئيس الهيئة التنفيذية للمشترك والمتحدث باسمه نائف القانص استقالته.
وأكد القانص لـ«الأخبار» أن يوم أمس «يصادف ذكرى مرور عامين على مجزرة جمعة الكرامة، والتوقيت لإعلان انطلاق الحوار في هذا اليوم يعد تآمراً على هذه الذكرى». كذلك تحدث عن عدد من التجاوزات أبرزها «مطالب الشعب وشباب الثورة في التهيئة للحوار الوطني، وحق الحراك السلمي في الحوار، فضلاً عن ملء المقاعد الشاغرة للقوى المقاطعة أيضاً قبل أن تأتي قائمة الرئيس التي استكملت مهزلة حوار العوائل»، في إشارة إلى تخصيص 71 مندوباً لـ 24 عائلة. وأضاف: «كل هذا كان كافياً لأن أعلن استقالتي، بالإضافة إلى أن المشترك لم يدخل لحوار برؤية موحدة وعدم تنفيذه لرؤية المقدمة من الهيئة التنفيذية».
هذه الأجواء المحتقنة، حاولت كلمات المتحدثين التخفيف من تأثيرها من خلال التركيز على أهمية نجاح الحوار. الرئيس اليمني، المدرك لمخاطر فشل الحوار، شدد على أن القضية الجنوبية «هي المفتاح لمعالجة كافة القضايا»، دون أن يغفل التحذير من أن «أي تفكير لفرض أي تصور بالقوة المسلحة لن يقود إلاّ إلى فشل ذريع وأخطاء كارثية ودمار كبير». وجاء ذلك في الوقت الذي تظاهر فيه آلاف من أبناء الجنوب في عدن لتأكيد أن من يشارك في الحوار من الجنوبيين غير ذي شرعية شعبية.