أن يثير دبلوماسي عراقي مشكلة محرجة لبلاده مع دولة عربية أو أجنبية، فهذا صار نمطياً وخبراً عادياً مع تكرار استدعاء دبلوماسيين عراقيين ومحاسبتهم مسلكياً. لكن إذا كانت هذه الدولة هي البحرين، فقد يذهب الخيال إلى مكان آخر، وخاصة في ظلّ الأزمة البحرينية الداخلية التي قد تمثّل حساسية للعراق

تتواصل عدوى الانفراجات التي تشهدها ملفّات الأزمات في المنطقة، ومن بينها أزمة العلاقات التركية - العراقية التي كانت قد وصلت إلى درجة عالية من التوتّر، بسبب التوغّلات التركية في شمال العراق، وأيضاً بسبب امتناع أنقرة عن إطلاق ما يكفي من المياه للعراقيين من نهرَي دجلة والفرات. والظاهر أن زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لأنقرة، أفلحت في تحقيق تقدّم في هذين الملفَّين، ولا سيما بعد تعهُّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، العلني أمام ضيفه بالسعي إلى تلبية احتياجات البلد الجار من المياه

على رغم أن زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لطهران اليوم، تتّخذ صِفة العجلة، نتيجة تطوّرات الوضع على الحدود بين إيران وإقليم كردستان العراق في الأسبوعَين الماضيَين، إلّا أن قوى مُشاركة في الائتلاف الحكومي تضعها في سياقات أوسع بكثير، تشمل تفعيل دور العراق في المنطقة، وترتيب علاقاته مع دول الجوار كلّها، ولا سيما أن السوداني سيزور السعودية في مطلع الشهر المقبل، للمشاركة في القمّة العربية - الصينية

بعدما أخفق «الحزب الديموقراطي الكردستاني» في تحصيل أيّ شيء من الجلسة البرلمانية المغلَقة التي انعقدت بطلب منه الثلاثاء الماضي تحت عنوان «حفظ السيادة»، إثر سلسلة عمليات القصف الإيراني لمقارّ أحزاب كردية إيرانية مسلّحة تتّخذ من كردستان العراق منطلَقاً لها، سعت الحكومة العراقية إلى أخْذ الأمور بيدها، من خلال إعداد خطّة لنشر قوّاتها على الحدود مع إيران وتركيا

مع تجديد إيران، أمس، قصفها مواقع الأحزاب الكردية المُعارضة لها في إقليم كردستان العراق، تصاعدت حالة التجييش التي يقودها «الحزب الديموقراطي الكردستاني» ضدّ هذه التحرّكات العسكرية، التي يبدو أن طهران ماضية فيها حتى إنهاء أحد أبرز العوامل التي تتغذّى منها الاضطرابات في الداخل الإيراني. ويأتي ذلك في وقت لا تزال فيه حكومة محمد شياع السوداني منهمكة في اتّخاذ إجراءات في إطار مكافحة الفساد، بدأ خصومها يقرّون بفاعلية ما لها، وإن كانوا لا يزالون، ومعهم كثيرون، يشكّكون في إمكانية وصولها إلى هدفها النهائي

أثارت قرارات حكومة محمد شياع السوداني إعفاء عدد من الموظّفين الذين تمّ تعيينهم من قِبَل سابقتها، خلال فترة تصريف الأعمال، ارتياحاً في الشارع العراقي، إلّا أنها قوبلت بالقدْر نفسه من التشكيك في قدرة «الكابينة» الجديدة على اجتثاث الفساد الذي رفعتْه شعاراً لها، والذي يمثّل المطلب الأوّل للشارع العراقي. ويعود ذلك إلى أن حكومة السوداني مشكَّلة بطريقة المحاصصة نفسها التي قامت على أساسها «الكابينات» السالفة، كما أنها تضمّ قوى متورّطة بشكل كبير في الفساد، وهو ما يصعّب التفاؤل بإمكانية نجاحها في محاربته، وفق ما يراه معارِضوها