الأخبار

الأحد 6 نيسان 2025

شارك المقال

دراسة بالذكاء الاصطناعي تُنكر التغيّر المناخي

شكّكت الدراسة في أثر الانبعاثات على المناخ
شكّكت الدراسة في أثر الانبعاثات على المناخ

أثارت دراسة أعدّها بالكامل برنامج الذكاء الاصطناعي «غروك 3»، التابع لإيلون ماسك، موجة تفاعل واسعة بين المشكّكين في التغيّر المناخي بعد تشكيكها في وجود علاقة مباشرة بين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتغيّر المناخي، ما دفع الأوساط العلمية إلى التحذير من تدهور معايير البحث العلمي، وإضفاء مصداقية زائفة على محتوى مثير للجدل.

دراسة تُشيد بها منصّات التشكيك

الدراسة، التي حملت عنوان «إعادة تقييم نقدي لفرضية الاحترار المناخي المرتبط بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون»، نُشرت أواخر آذار (مارس) الماضي، وتناقلها عدد كبير من الحسابات التي تشكّك في علم المناخ، أبرزها حساب عالم الكيمياء الحيوية الأميركي روبرت مالون، المعروف بترويجه لمعلومات مثيرة للجدل خلال جائحة «كوفيد-19».

وكتب مالون عبر منصة «إكس» أن الدراسة تمثّل «نهاية الخدعة المناخية»، محققاً أكثر من مليون مشاهدة، كما أشاد بإمكانية اعتماد الذكاء الاصطناعي مستقبلاً في الأبحاث المموّلة من القطاع العام.

ترويج لمغالطات قديمة

رغم الغلاف العلمي للدراسة، فإنها تستند إلى مصادر كانت موضع خلاف علمي واسع منذ سنوات، وتتناقض مع الإجماع الدولي الذي يؤكد وجود علاقة مباشرة بين انبعاثات الوقود الأحفوري والاحترار العالمي، بالإضافة إلى تزايد الظواهر الجوية الحادّة مثل موجات الحر والفيضانات.

الذكاء الاصطناعي ليس عالِماً

من جهته، حذّر الباحث في العلوم البيئية، مارك نيف، من الانبهار الزائف بالدقّة والحياد، مؤكداً أن نماذج الذكاء الاصطناعي «لا تملك القدرة على التفكير أو التحليل العلمي»، وإنما تقوم على التنبؤ بالكلمات والجمل بناءً على بيانات تدريبها، وليس على الفهم أو النقد العلمي.

وأشارت الدراسة إلى أن «غروك 3» كتب المسودة كاملة، بمشاركة مُعدّين ساهموا في توجيه عمله، من بينهم ويلي سون، وهو عالم فيزياء فلكية معروف بتشكيكه في التغيّر المناخي، إلى جانب اتهامه بتلقّي تمويل يفوق المليون دولار من قطاع الوقود الأحفوري خلال مسيرته.

  • تتناقض نتائج الدراسة مع نظريات المجتمع العلمي
    تتناقض نتائج الدراسة مع نظريات المجتمع العلمي

تضليل تحت عباءة الذكاء

في هذا السياق، شدّدت الخبيرة الهولندية في النزاهة العلمية، إليزابيت بيك، على غياب الشفافية، وقالت إن الدراسة لا توضّح كيفية توجيه الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، مضيفة أن إشراك دراسات مثيرة للجدل بطلب من المحرّرين يزيد من الشكوك حول نزاهة العملية العلمية.

أما الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، أشويني باندا، فأكد أن من المستحيل التحقّق من حجم تدخّل الإنسان في إعداد الدراسة، مشيراً إلى أنه يمكن لأي شخص الزعم بأن محتوى ما كُتب بالكامل بالذكاء الاصطناعي، «لكن ذلك لا يعني حياديته».

نشر سريع بلا مراجعة علمية كافية

نُشرت الدراسة في ظرف 12 يوماً فقط من تاريخ تقديمها، وهو وقت يُعد قصيراً للغاية مقارنة بالمعايير المعتمدة في المجلات العلمية المحترفة، كما لم تُعرف هوية المجلة أو ما إذا كانت خاضعة لأي لجنة أخلاقيات علمية.

ويؤكّد عالم المناخ في «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا)، غافين شميت، أن الذكاء الاصطناعي «قادر على إعادة إنتاج مواد ضعيفة الجودة»، مضيفاً أن هذه الدراسة «لا تتمتع بمصداقية أكبر من المصادر المثيرة للجدل التي استندت إليها».

وهم التجديد العلمي

من جهة أخرى، وصفت المؤرخة العلمية في جامعة هارفارد، ناومي أوريسكس، هذه الممارسات بأنها «أحدث خدعة لإعطاء انطباع زائف بالتجديد»، معتبرة أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة في أيدي منكري التغيّر المناخي لإعادة تدوير المغالطات القديمة بثوب جديد.

وعلى صعيد متصل، كشفت وكالة «فرانس برس» أنّها حاولت التواصل مع المشاركين في إعداد المقال للاستفسار عن منهجية الكتابة واستخدام الذكاء الاصطناعي، لكنها لم تتلقّ أي رد.

في ظلّ التقدّم السريع في أدوات الذكاء الاصطناعي، يبدو أن تحدّي الحفاظ على النزاهة العلمية سيكون من أبرز التحدّيات في السنوات المقبلة، خاصة حين يتحوّل الذكاء الاصطناعي من أداة مساعدة إلى واجهة لمغالطات منهجية تحت ستار الحياد التقني.

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي