الأخبار

الثلاثاء 8 نيسان 2025

شارك المقال

اتفاق دمشق - «قسد» يتباطأ: إصرار كردي على «حفظ المكاسب»

عوائل أسرى من «داعش» في مخيم في ريف المالكية شمال شرق الحسكة (أ ف ب)
عوائل أسرى من «داعش» في مخيم في ريف المالكية شمال شرق الحسكة (أ ف ب)

يبدو أن تطبيق الاتفاق الموقّع بين الحكومة السورية الانتقالية و»قسد»، والهادف إلى دمج الأخيرة ومؤسساتها في بنية الدولة، لا يسير على أحسن ما يرام. ولعلّ هذا هو ما توحي به التباينات التي برزت بين الطرفين بعد بدء «الوحدات» الكردية إخلاء حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، على رغم تأكيد «قسد» أن ما حصل في الحييْن سيكون نموذجاً يُطبّق على كل المناطق التي تديرها «الإدارة الذاتية» في شمال شرق سوريا.

وسُجّل تباطؤ في تنفيذ الاتفاق الذي بدأ بإخراج دفعة من عناصر «الوحدات» الكردية في اتجاه مدينة الطبقة في محافظة الرقة، والإفراج عن نحو 250 أسيراً من الجانبين. وأتى ذلك بعد تأكيد وزارة الداخلية السورية أن جهاز الأمن العام التابع لها سينتشر في الحييْن للقيام بمهام حمايتهما، مقابل نشر قوى الأمن الداخلي التابعة لـ»الإدارة الذاتية» (الأسايش) مقاطع مصوّرة لتعزيزات لها وصلت إلى حلب للقيام بمهام ضبط الأمن في الحيين.

ويعكس هذا التباين إصرار كلّ طرف على عدم تقديم تنازلات كبرى، خاصّة في ملف حماية المناطق التي يتم الاتفاق بخصوصها، على الرغم من أن الاتفاق نصّ فقط على إشراف وزارة الداخلية على مهام تأمين الحيين، مع الحفاظ على الإدارة المدنية و»الأسايش» للقيام بمهام إدارتهما وحمايتهما، في ما اعتُبر تمهيداً لتطبيق نظام لا مركزي في الحكم.

وفي هذا السياق، رحّبت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية»، إلهام أحمد، بالاتفاق بشأن الحييْن، ووصفته، بـ»الإيجابي»، معتبرة أنه «يشكّل بداية لتفاهمات مقبلة قد تحصل بين الإدارة الذاتية والإدارة السورية الجديدة، في إطار سوريا جديدة لا مركزية تعدّدية». وقالت أحمد إن «الوصول إلى تفاهمات كهذه يُعد تجربة جديدة في الواقع السوري لإنهاء الصراع على المستوى السوري والإقليمي»، مضيفة أن «توسيع هذه الاتفاقات على كامل الجغرافيا السورية أمر مهم جداً، بحيث يضمن عدم الانخراط في صراعات جديدة، وتحييد المدنيين عن أيّ اشتباكات قد تحصل». وتابعت أن «الانخراط والتعمق في مثل هذه التفاهمات، وضمانها في مواد دستورية، ضرورة لا بُدّ منها».

ويأتي ذلك في وقت تأخّر فيه اللقاء الثاني الذي كان من المقرّر عقده بين اللجنة الحكومية المكلّفة من الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، والقائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، لاستكمال النقاشات حول آليات تطبيق الاتفاق بين الطرفين. ويعود هذا التأخير إلى استعجال دمشق تسلّم آبار النفط والغاز من «قسد» عبر إدارات مدنية، تمهيداً للبدء بصيانتها ورفع إنتاجها بما يساعد على إعادة الإعمار والتنمية، وسط شكوك في إمكانية تحقيق ذلك، في ظل استمرار العقوبات الأميركية والغربية.

وفي المقابل، تطرح «قسد» إمكانية توقيع عقود باسمها للالتفاف على العقوبات الأميركية والغربية، والتي استثنت أساساً مناطق سيطرتها، ما سيعود بالفائدة على الطرفين، ويضاعف من عملية إنتاج النفط والغاز، وينعكس على الواقع الاقتصادي والخدمي في البلاد، وفق ما تدافع به. لكنّ محافظ دير الزور، غسان السيد أحمد، أكّد، في تصريح، أن «الحكومة السورية ستشرف بالكامل على الآبار الواقعة في منطقة الجزيرة شرق نهر الفرات»، مبيّناً أن «البلاد ستكسب موارد كبيرة مع سيطرة وزارة النفط على الآبار، التي هي من مقدّرات الشعب السوري بأكمله»، مضيفاً أن «إشراف وزارة النفط على الآبار سيعيد لسوريا أموالاً ضخمة تساهم في بنائها وإعادة إعمارها».

وفي السياق نفسه، تكشف مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن «قسد تضغط على الإدارة السورية الجديدة لإعادة النظر في الإعلان الدستوري، وإشراكها في الحكم، مع إدراج أي اتفاق بين الطرفين في بنية الدستور، ما يعزّز من عوامل الثقة بين الطرفين، ويعطي شرعية لكل الخطوات المُتخذة»، مبيّنة أن «قسد تريد الإقرار بأن الأكراد هم أصحاب القومية الثانية في البلاد، ويجب أن تكون لغتهم معتمدة كلغة رئيسية ثانية بعد اللغة العربية».

وتتابع المصادر أن «الأكراد يريدون إقراراً دستورياً أيضاً باللامركزية الإدارية التي يسعون إلى أن تكون نموذجاً للحكم في البلاد»، لافتة إلى أن «المطالب تتركّز أيضاً على قبول انضمام قسد إلى الجيش السوري ككتلة مع الحفاظ على هيكليتها الإدارية والعسكرية، وتكليفها بمهام حماية مناطق شمال شرق سوريا، بما يحافظ على الوضع القائم من دون أي تغيير». وتعتبر أن «التوافقات الأميركية - التركية في هذا الملف ستكون حاسمة، لجهة القبول بمطالب قسد أو دفعها إلى تقديم تنازلات»، مرجّحة أن تطلب الولايات المتحدة من تركيا مقايضة إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني من مناطق «قسد» بإخراج المقاتلين الأجانب ضمن صفوف «هيئة تحرير الشام».

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي