ترجمة جديدة لـ«الردع الاستباقي»: العدو يضرب في دمشق

استهدفت طائرات العدو مبنىً سكنياً في «مشروع دمر» في دمشق، قالت «إذاعة البث» إنه مقر تابع لـ«الجهاد الإسلامي» (أ ف ب)
استهدفت طائرات العدو مبنىً سكنياً في «مشروع دمر» في دمشق، قالت «إذاعة البث» إنه مقر تابع لـ«الجهاد الإسلامي» (أ ف ب)

لا يبدو النشاط الإسرائيلي المتزايد في الأراضي السورية، حتى الآن، مقلقاً للرئيس السوري في الفترة الانتقالية، أحمد الشرع، الذي منح نفسه صلاحيات القبض على كل مفاصل الدولة، في وقت لا يزال يظهر فيه «حسن النوايا» تجاه العدو الذي يواصل العربدة جنوباً، منذ إسقاطه «اتفاقية فضّ الاشتباك» الموقّعة عام 1974 مع سقوط النظام السابق. وتجلّت هذه العربدة في قضم مناطق واسعة من الجنوب، في سياق إحكام القبضة على البقعة الغنية بالموارد المائية، والتي باتت تسيطر إسرائيل فيها على حوض اليرموك بشكل كامل، بالإضافة إلى مواقع استراتيجية ولا سيما مرتفعات جبل الشيخ، والتي تحقّق بعداً أمنياً وتفوّقاً عسكرياً للعدو، فضلاً عن مكاسب اقتصادية.

ويأتي ذلك في وقت تتابع فيه طائرات العدو قصف مناطق عديدة على كامل مساحة الأرض السورية، لتدمير ما تبقّى من مقرات الجيش المنحل وأسلحته الثقيلة، متذرّعة بلجم «التهديدات» المحتملة، ومن بينها «تهديدات» قد تشكّلها تنظيمات فلسطينية في سوريا انطلاقاً من جنوبه، من مثل حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». والجدير ذكره، هنا، أن كل التنظيمات الفلسطينية سلّمت مقرّاتها وعتادها للإدارة السورية الجديدة عقب سقوط النظام السابق، وذلك بموجب اتفاقات عقدتها مع الإدارة الجديدة، والتي بات أكيداً أن كل «التطمينات» التي حاولت جاهدةً إرسالها إلى إسرائيل، لم تفلح في لجم الأخيرة عن متابعة محاولاتها الحثيثة لتحقيق أطماعها في سوريا.

وفي هذا السياق، وفي إطار الاستجابة للذرائع الجديدة التي كشف عنها المسؤولون الإسرائيليون، وعجّت بها وسائل الإعلام العبرية، وبعدما شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل الإثنين - الثلاثاء، جولة عنيفة من الغارات على مواقع في محيط العاصمة السورية ومدن الجنوب، تخللها، إلى جانب تدمير مقرات للجيش السابق، ما قالت إسرائيل إنه «عملية ضد خلية تابعة لـ«حماس» في جنوب سوريا»، استهدفت طائرات العدو، أمس، مبنىً سكنياً في «مشروع دمر» في دمشق.

وفيما قالت «إذاعة البث» الإسرائيلية إن سلاح الجو هاجم مقراً تابعاً لـ«الجهاد الإسلامي» يتواجد فيه أحد قياداتها، قال وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، «إننا لن نسمح لسوريا بأن تصبح تهديداً لنا»، مكرّراً بذلك الذرائع نفسها. وفي السياق، أكّدت مصادر محلية، في حديثها إلى «الأخبار»، أن المنزل المستهدف كان «خالياً»، فيما أسفر الاستهداف عن إصابة ثلاثة مدنيين من المنازل المجاورة للمكان المستهدف بجروح، أحدهم جروحه خطرة. ومن جهتها، تحدّثت وسائل إعلام مقرّبة من الإدارة الجديدة، نقلاً عن مصادر في «الجهاد»، أن المنزل كان للأمين العام للحركة، زياد النخالة، لكنه أخلي منذ ست سنوات.

تبدو قضية «سد عابدين»، أول المؤشرات الفعلية إلى تهديد كيان الاحتلال للأمن المائي السوري

أما في الجنوب السوري، فقد اعتدت قوات العدو، مساء أمس، على شاب كان يرعى قطيعاً من الأغنام بالقرب من منطقة «شريط الفصل»، وذلك في قرية الحرية الواقعة في ريف القنيطرة، حيث قام عناصر الدورية بسرقة اثنين من رؤوس الأغنام قبل أن يطلقوا الرصاص في الهواء لترهيب الراعي وإجباره على الابتعاد. كما شهد ليل الأربعاء - الخميس، تحركَ آليات العدو من منطقة جباتا الخشب، واقتحامها قرى جبا وعين النورية وكوم محيرس في القنيطرة، وتنفيذها عمليات تفتيش لبعض المنازل، قبل أن تدخل إلى نقاط للجيش السوري في المنطقة وتنسف مبانيها. وترافقت العملية مع إطلاق رصاص كثيف في محيط القرى المشار إليها، وإيقاع أضرار كبيرة في الطريق المعروفة باسم «أوتوستراد السلام»، والذي عمدت جرافات الاحتلال إلى تجريفه.

وفي غضون ذلك، تحدّثت تقارير صحافية عن انخفاض ملحوظ في منسوب المياه في «سد عابدين» في ريف القنيطرة. وبحسب مصادر هندسية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن ذلك الانخفاض لا يرتبط بقلة الأمطار فقط، بل يرجع إلى أن السد لم يُغذّ، على جري العادة، من سد المنطرة الواقع بالقرب من قرية أم العظام، وسدّي الرقاد وكودنا، بسبب حبس الاحتلال للمياه ومنعه تغذية «عابدين»، الذي تعتمد عليه مجموعة كبيرة من القرى في ري الأراضي الزراعية». وتوضح المصادر أن تخزين السد حالياً أقل من 300 ألف متر مكعب (أي 10% من الحد الأدنى للتخزين المعتاد).

وتبدو قضية «سد عابدين»، أول المؤشرات الفعلية إلى تهديد كيان الاحتلال للأمن المائي السوري، والذي من شأنه أن ينعكس سلباً على الإنتاج الزراعي، وبالتالي يهدّد الأمن الغذائي السوري، نظراً إلى أن الجنوب يُعد واحدة من أكثر المناطق التي تنتج ما تحتاج إليه البلاد من الخُضر. وعلى الرغم من مناشدات سكان المنطقة لعقد لقاء مع مسؤولي الحكومة السورية في محافظتي القنيطرة ودرعا، لمناقشة هذه التهديدات التي يمثّلها الاحتلال عليها، ومن بينها قضية السدود، لم تلقَ محاولاتهم أي استجابة، وفقاً لمصادر عشائرية من قرية عابدين.

وفي وقت أعلنت فيه وسائل إعلام عبرية، استعداد إسرائيل، التي تحاول استغلال ورقة الدروز للتمدد في سوريا، لاستقبال وفد درزي سوري سيزور الأراضي المحتلة اليوم، تشير مصادر «الأخبار»، إلى أن «رجال الدين الدروز سيدخلون إلى أراضي الجولان السوري المحتل بهدف زيارة "مقام النبي شعيب"، وعقد لقاء مع الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في فلسطين، موفق طريف، الذي تسلّم أسماء المشاركين، ونسّق الزيارة مع الاحتلال». وترجّح المصادر أن «يقاطع الزيارة كل من شيخي عقل الطائفة حمود الحناوي ويوسف الجربوع»، ملمّحة إلى «احتمال أن يرأس الوفد الرئيس الروحي للموحدين الدروز في سوريا، حكمت الهجري، بعد تأجيله اجتماعاً كان مقرراً اليوم في "دارة قنوات"، إلى يوم السبت».

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي