السيف الدمشقي لـ«سوريا الجديدة»: «البلاستيك» بدلاً من الزجاج المُعشّق!

أثار ترميم نصب السيف الدمشقي في ساحة الأمويين في العاصمة السورية دمشق، جدلاً واسعاً، لما لاحظه السوريون من فروقات بين السيف القديم الذي لُبّست واجهاته بالزجاج المعشّق، والنصب المرمّم اليوم بشرائح من «البلاستيك»، تتقاطع مع السيف القديم في الألوان فقط.
مقاطع فيديو مصوّرة آخرها كان للإعلامية السورية نور حداد، انتقدت فيه ترميم الإدارة السورية الجديدة للسيف الدمشقي، واستبدال الزجاج المعشّق بالواجهات البلاستيكية، ووصفته بـ«الجهل» بتراث سوريا وعراقة مصنوعاتها.
واعتبر ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنّ هذه الخطوة كانت بمثابة «تشويه لنصب السيف الدمشقي، أفقده قيمته التراثية، وجعله مجرد صرح بلا روح، بألوان صارخة لا تشبه هدوء ألوان الزجاج المعشّق».
ويأتي هذا الجدل الواسع من اقتران نصب السيف الدمشقي بالذاكرة السورية، فقد مثّل منذ عام 1960، شاهداً تاريخياً وهوية بصرية راسخة في ذاكرة السوريين ترمز إلى الارتفاع وإلى الشموخ، كما أنّ السيف له ثقله في حياة السوريين بين الماضي والحاضر، فهم من اشتهروا بصناعة السيوف، والتفنن في تصاميمها عبر التاريخ، ما جعل لهذا الصرح مكانته المعنوية في سوريا.
-
السيف الدمشقي المرمم
ولم يكن السيف الدمشقي مجرد صرح معماري في دمشق، بل تصدّر عدداً من المنشورات والملصقات والطوابع البريدية الخاصة بـ«معرض دمشق الدولي» على مدار عشرات السنين.
ويعود تصميمه الأولي للمهندس هشام المعلم، وتنفيذه إنشائياً للمهندس عاطف السيوفي، ومن وضع اللمسات الأخيرة للنصب قبل افتتاحه في عام 1960 كان المهندس عبد المحسن القضماني، وذلك خلال سنوات الوحدة بين سوريا ومصر. أما من أغناه بالزجاج المعشّق، فقد كان الفنان إحسان عنتابي عميد كلية الفنون الجميلة آنذاك، ليكون هذا النصب واحدة من أهم وأكبر واجهات الزجاج المعشّق في العالم.
ويُعتبر الزجاج المعشّق واحدة من أقدم الحرف الدمشقية ويرجع تاريخ نشأته إلى 2000 عام. وجاءت تسميته بالمعشّق من ترابط مادة الجص مع الزجاج، ووصف هذا الترابط بالعشق نظراً إلى التماسك والتناغم بين الألوان والجص.
وبينما تُعد هذه الحرفة على رأس الحرف المهددة بالانقراض في دمشق، لقلة الأيدي العاملة الخبيرة بها، أسهمت الخطوة الجديدة في ترميم السيف الدمشقي والاستعاضة عن هذا الزجاج بالبلاستيك في طمسها أكثر، لتختفي بذلك من واجهات الصروح الكبرى، وتصبح طي النسيان، لا تستحضرها الأذهان إذا ما شوهدت في الشوارع.